بعد مرور أكثر من ستة أسابيع على خطف الأستونيين السبعة في لبنان, ما زال الغموض يلف هذه القضية التي يخشى أن تدخل عالم النسيان في ظل الأزمة الحكومية اللبنانية وحركة الاحتجاجات في سوريا المجاورة. ففي 23 مارس, خطف سبعة أستونيين بأيدي مسلحين على طريق المدينة الصناعية في زحلة (شرق) الواقعة على بعد أكثر من خمسين كيلومترا من بيروت, بعد وقت قصير على وصولهم إلى لبنان على دراجات هوائية قادمين من سوريا. ونفذت القوى الأمنية اللبنانية إثر ذلك عمليات بحث ومداهمة أسفرت عن توقيف عدد من الأشخاص الذين شاركوا في تنفيذ عملية الخطف, من دون القدرة على تحديد مكان المخطوفين ومحتجزيهم. وكانت مصادر أمنية أوضحت أن العملية جرت على مرحلتين بحيث ان مجموعة نفذت الخطف وسلمت المخطوفين إلى مجموعة أخرى تمكن التعرف على اثنين من أعضائها هما اللبناني وائل عباس والسوري محمد ظريفة, وهما متواريان عن الأنظار. وأكدت المصادر الأمنية أن وائل عباس ومحمد ظريفة يشكلان حلقة الاتصال مع الجهة التي طلبت تنفيذ عملية الخطف. ويسود قلق من أن تدخل هذه القضية عالم النسيان في ظل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية وما تشهده سوريا المجاورة من احتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال دبلوماسي غربي رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس «نحن حريصون على أن تواصل السلطات اللبنانية اهتمامها بالموضوع». من جهة أخرى, تحدث مصدر متابع للملف رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس عن وجود خيوط لدى المحققين اللبنانيين تقود إلى دمشق. وقال «لم يتمكن المحققون اللبنانيون من تعقب الرسائل التي وردت إلى موقع ليبانون فايلز في المرتين السابقتين, لكن الشريط المسجل الذي أرسل إلى الموقع في المرة الثالثة قادهم إلى تحديد اسم المرسل وعنوانه في دمشق». وأكد المصدر أن «السلطات الفرنسية والاستونية باتت على علم بهذه المعلومات وهي تناقش المسألة مع السوريين». غير ان مسؤولين أمنيين لبنانيين رفضوا التعليق لفرانس برس على هذه المعلومات. وقال الدبلوماسي الغربي لفرانس برس ان «لا دليل حتى الآن يشير إلى تورط دمشق في هذه القضية», مرجحا أن تكون «أبعادها لبنانية فقط». وأشار المصدر القريب من الملف أن عملية إطلاق المخطوفين «قد تستغرق اشهرا عدة» لا سيما في ظل ما يشهده لبنان من أزمة حكومية وما تعيشه سوريا من حركة احتجاجية لم يسبق لها مثيل ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وكان دبلوماسيون أشاروا في وقت سابق الى أن المناقشات لفرض عقوبات على أركان النظام السوري بعد قمعه الدموي لحركة الاحتجاجات قد طالت بسبب تحفظات ابداها عدد كبير من البلدان مثل استونيا القلقة على مصير رهائنها في لبنان. وفي بيروت, رفض المسؤول في الخارجية الاستونية المكلف متابعة القضية دانيال شاير الادلاء بأي تعليق لوكالة فرانس برس. أما وزارة الخارجية الاستونية فلم تقدم أي معلومات حول مسار التحقيقات. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاستونية ماريان سوداكوف لوكالة فرانس برس الاربعاء «ان هدفنا هو أن يطلق سراح المواطنين الاستونيين السبعة. ان لجنة ادارة الازمة التي يرأسها وزير الخارجية ستواصل عملها مع كل الجهات المعنية والشركاء الدوليين من أجل حل هذه المشكلة». وأضافت «سيتواصل التعاون ايضا مع دول في الشرق الاوسط فضلا عن شركائنا في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي». وقالت المتحدثة «ان وزارة الخارجية الاستونية في اتصال مستمر مع اهالي المخطوفين, كما ان الوزير وعددا من المسؤولين في الوزارة التقوا عائلات المخطوفين. ونواصل تزويدهم بأي معلومات». ورفضت المتحدثة الإدلاء بأي إيضاح حول أسماء المخطوفين أو اعمارهم أو مجالات عملهم. من جهة أخرى, رجح الدبلوماسي الغربي ألا يكون القصد من العملية استهداف استونيين, وانما «أي رعايا غربيين». وقال «لو كنت خاطفا لما استهدفت استونيين», مبديا اعتقاده ان الخاطفين «كانوا يفضلون أن يحظوا بمخطوفين من جنسيات أخرى». وأضاف هذا الدبلوماسي الغربي «الواضح ان من نفذ العملية هم اسلاميون سنة, ولكن يبقى أن نعرف لحساب من نفذوها». لكنه رأى ان «اخراج الفيديو وبعض البصمات في العملية لا تشير الى اصابع اسلامية», معتبرا ان الجهة الخاطفة «تحاول التضليل». وبخلاف العمليات التي تنفذها مجموعات اسلامية متشددة في المنطقة, لم يوجه الخاطفون اي مطالب حول الوجود العسكري الغربي في العراق او افغانستان او وجود قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. وأكد الدبلوماسي ان المخطوفين السبعة «من عائلات مرفهة, والانباء التي تحدثت عن انهم جواسيس او لديهم ملفات قضائية في بلادهم هي مجرد شائعات». وفي هذا السياق, علق السفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون على هذه القضية بعد لقائه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الاربعاء قائلا «نأمل أن يطلق سراحهم قريبا, ونأمل من السلطات اللبنانية أن تواصل جهودها لتأمين عودتهم الى عائلاتهم سالمين».