خرج الائتلاف "من أجل المناصفة دبا" من اللقاء الذي عقده يوم الجمعة الماضية، مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، حيث قدم له الكتاب الأبيض الذي أعده حول المناصفة في المجال السياسي والمؤسساتي، بتعهدات لا تتجاوز عتبة التطمينات أو ما يمكن اعتباره بترضية الخواطر، حيث أكد العثماني في تفاعله مع مقترحات الائتلاف لضمان تمثيلية أكبر للمرأة في المؤسسات المنتخبة، ومؤسسات الحكامة، ومواقع القرار، على انخراط الحكومة لتنزيل ما حملته الوثيقة الدستورية في باب المساواة، والمقتضيات القانونية ذات الصلة، مع حرصها على مواصلة النقاش والحوار والجهود فيما يتعلق بالقضايا التي تحتاج لبعض الوقت وللتطوير، في أفق تحصين مكتسبات المرأة قانونيا. وأقر رئيس الحكومة بالصعوبات الموجودة داخل المجتمع لتجاوز العراقيل التي تحول دون إرساء المساواة فبالأحرى المناصفة، قائلا "إن اشتغال الائتلاف على قضية نبيلة ومهمة تحتاج لنضال مستمر، وأنه لا يمكن أن أكون إلا مع تطوير وتحسين مستوى حضور المرأة في المؤسسات المنتخبة وفي مراكز القرار"، معلنا اهتمامه الشخصي وانخراط الحكومة لتحقيق المبادئ الدستورية والمقتضيات القانونية في الموضوع. وأضاف العثماني، موضحا "على أن تقوية حضور المرأة في المؤسسات له أبعاد اجتماعية وثقافية ينبغي الاشتغال عليها لتحفيز النساء على المشاركة في الحياة السياسية والشّأن العام، وبث روح الأمل في المستقبل، والعمل بمنهجية تشاركية ومنطق التعاون لتحقيق التقدم المنشود". وبدا من خلال محصلة هذا اللقاء، أن رئيس الحكومة ربط مسار الارتقاء وتقوية تمثيلية النساء بالعقليات السائدة اتجاه هذه المسألة، حيث يبقى تنزيل المتن الدستوري في هذا الباب والتزامات المغرب الدولية ووضع إطار قانوني للمساواة والمناصفة خاضعا لحكم المجتمع ولا يقع على عاتق الحكومة اتخاذ تدابير استباقية تفرض تواجد النساء على قدم المساواة من ولوج المناصب القيادية في مواقع اتخاذ القرار سواء الخاصة بالسلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية. هذا وأكد أعضاء وفد ائتلاف "المناصفة دابا"، سعيه الحثيث من خلال الكتاب الأبيض الذي تقدموا به وتطلب إعداده ثلاث سنوات، والذي يهم تفعيل المناصفة المنصوص عليها دستوريا في أفق سنة 2030، على أساس أن تكون هذه المناصفة شاملة للجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي. وأكد الوفد على ضرورة عمل الحكومة لتنزيل المناصفة بشكل فعلي، ذلك أن واقع الحال أظهر على أنه رغم التقدم الذي أحرزته النساء على مستوى النصوص القانونية حيث يتضمن الدستور مقتضيات تنتصر للمساواة في اتجاه الإقرار الفعلي للمناصفة، وكذا إرساء بعض الآليات القانونية والمؤسساتية، وكذا التدابير التي أرسيت في إطار الانتخابات بمنح حصص (كوطا) للنساء، لكن كل ذلك لم يمكن من الرفع من التمثيلية السياسية للنساء فبالأحرى المساواة أو المناصفة. وشدد الائتلاف على أنه وضع ترسانة مقترحات لتجاوز هذا التعقيد يأتي على رأسها تسريع تنفيذ المبادئ الدستورية والحرص على تطبيق الأحكام القانونية التي تمكن النساء من الوصول إلى مراكز القرار وتصدر رأس اللوائح الانتخابية، خاصة وأنه يسجل ضعف انخراط غالبية الأحزاب السياسية عموما، في مسار الارتقاء بتمثيلية النساء، وإقرار آليات مؤسساتية لرصد هذه المظاهر. هذا وأبدى الوفد منسوبا عاليا من الأمل في أن تحظى مقترحات الائتلاف بدعم رئيس الحكومة وإعطائها دفعة قوية، معتبرين أن استقبال العثماني لهم في هذا اللقاء وما عرفه من نقاش مفتوح يعد مؤشرا إيجابيا ومشجعا، على اعتبار أن الحكومة تمتلك جميع الوسائل التي من شأنها تسريع التنزيل الفعلي لما تضمنه الدستور من مقتضيات تنتصر للمساواة في اتجاه الإقرار الفعلي للمناصفة، وإقرار جميع التدابير التي تسير في هذا الاتجاه، بما فيها وضع قانون إطار ليكون بمثابة آلية قانونية واضحة وخاصة بهذه المسألة، خاصة وأن هذا القانون يشكل بوابة أساسية للتمكين السياسي للنساء ووصولهن للمراكز القيادية سواء على مستوى السلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية.