الكشف عن الصعوبات المتزايدة التي تواجه الأساتذة الجامعيين والتفاوتات المهولة بين مستويات الطلبة أكد أحمد حمداوي أستاذ بكلية العلوم السملالية بجامعة القاضي عياض بمراكش، على ضرورة مضاعفة الموارد المرصودة للأعمال التطبيقية وتغيير بشكل كامل للنظام الحالي لطلب الحصول على مواد ومعدات المختبرات، إذ من غير المنطقي، حسبه، أن يطالب الأساتذة الباحثين بإنشاء وتهيئ وتلقين أعمال تطبيقية جديدة، وإجبارهم في نفس الوقت على انتظار المواد والمعدات المطلوبة ستة أشهر على الأقل أو سنة، وفي بعض الأحيان أكثر من سنتين...! لقد أصبح نظام طلب العروض بالنسبة لمعدات المختبرات معقّدا ومتقادما وغير مناسب على الإطلاق لتعليم نوعي للمواد العلمية، التي تحتاج إلى التعديل والتقويم بشكل مستمر. جاء هذا في رسالة مفتوحة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، تتوفر بيان اليوم على نسخة منها، يقول فيها حمداوي «أجدني مضطرا، لأثير انتباهكم للمشاكل المتراكمة والصعوبات المتزايدة التي تواجه الأساتذة الباحثين وهم يمارسون مهامهم، وهي مشاكل وصعوبات ناتجة عن التفاوت المهول بين مستويات الطلبة الملتحقين بالمؤسسات الجامعية (وخصوصا كليات العلوم) وبين المستوى الذي يجب أن يكونوا عليه لمواجهة متطلبات تعليم جامعي مركز ومحصور في الزمن يفرضه نظام الفصول الجديد وهو تفاوت لا يفتأ يتفاقم ويستفحل سنة بعد أخرى». وأضافت الرسالة أنه «على الرغم من كل المجهودات الديداكتيكية والبيداغوجية التي يبذلها الأساتذة الباحثون: توفير المطبوعات وإعطاء دروس مبسّطة ومدعّمة بأحدث التقنيات المعلوماتية والتواصلية، وتقديم محاضرات، وتخصيص حصص للمراجعة، والسهر على التوجيه والمصاحبة، فإن نتائج استيعاب الطلبة تظلّ ضعيفة جدّا»، وأشارت الرسالة إلى رفض الحمداوي للمطلب الذي يجبر الأساتذة على تبسيط نظام التقويم، حتى يتاح لأكبر عدد من الطلبة استيفاء الوحدات عن غير جدارة واستحقاق، كما أشارت الرسالة إلى قول الأستاذ بأن كثيرا من زملائه يشاطرونه نفس الموقف. وقال المصدر نفسه» إننا نجازف بهذا الشكل من التواطؤ والتراضي، بأن تتحول مؤسساتنا الجامعية إلى آلة لتفريخ مجموعة من الطلبة المجازين الأميين، الشيء الذي يضرب في الصميم مصداقية الجامعة المغربية، وقيمة الشهادات التي تسلمها، وقيمة الهيئة التدريسية بها»، مضيفا بهذا الخصوص «إننا كثيرا ما نتحدّث عن الطلاب الذين يأتون إلى الجامعة، وكأنهم وافدون من بلد أجنبي أو من كوكب آخر!... في الوقت الذي تمّ فيه تكوينهم داخل معاهد ومدارس، غالبا ما تكون على بعد بضعة أمتار فقط من المؤسسات الجامعية، لقد آن الأوان الذي علينا أن نحجم فيه ونتوقف عن التهرّب من المسؤولية، وأن نبذل كل ما بوسعنا لكي نمدّ الجسور ما بين التعليم المدرسي، (الابتدائي والثانوي)، وبين التعليم العالي، إنني أومن الآن براهنية تقويم مستعجل للإصلاح البيداغوجي الأخير، لقد كنا جميعا متفقين على أن هذا الإصلاح، ما كان في الواقع سوى بداية لمسلسل من الإصلاحات والتعديلات، التي ينبغي أن تتمّ في تشاور وثيق مع الأساتذة الباحثين، وبشكل تشاركي مع جميع الهياكل الجامعية ذات الصلة». وركزت الرسالة على الدور المفصلي والحاسم للبحث العلمي في حماية الجامعة المغربية من الرداءة، والحاجة المستعجلة لترسيخ سياسة جادّة للبحث العلمي تتّسم بالمصداقية والتنافسية على الصعيد الدولي، تدعم بالموارد المادية الضرورية وبنظام ناجع وسريع للتدبير الإداري والعلمي والمالي. لأن البحث العلمي وسيلة أساسية وممتازة لتأسيس قيم العمل والجدارة والكفاءة داخل الجامعة المغربية.