ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل فهم ما يجري بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي :صراع دونكشوتي .. سير دراسي متعثر .. أساتذة غاضبون .. و عمادة »كبر عليها الطرح» !
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 04 - 05 - 2009

عندما اشتعلت "الفتنة" في محيط الكلية المتعددة التخصصات بآسفي قبل سنتين و ما ينيف، و أصبحت الإضرابات هي الميسم الوحيد الذي يظهر المؤسسة كساحة نار بين الإدارة و الأساتذة و الطلبة .. أو بكلام أوضح بين مجموعة من الأساتذة و العميد، و لتتطور الأمور و تتعقد بشكل استعصى على أي متتبع فهم ما يجري داخل أسوار الكلية رغم كل الوساطات التي كانت تأتي من المكونات الداخلية أو الخارجية مثل رئاسة جامعة القاضي عياض التي اتبعت في البداية مقولة "دع الأمور تنضج" أو سياسة "دع الوقت للوقت" .
لكت التوترات أخذت مداها و أصبح من المتعذر إيجاد مساحة تعايش و لو على المستوى الإنساني كحد أدنى وسط الأساتذة من جهة ، و بين بعض الأساتذة و العميد و نوابه من جهة ثانية.
كان لدينا تقدير في مكتب الجريدة ، خصوصا عندما اختلطت الحسابات بين الفريقين و دخلت أساليب الضرب تحت الحزام و كراء بعض "المنشورات المحلية" لتصريف موقف أو تسويق اتهام . كان تقديرنا أن نقف بمنأى عن هذه الحرب المفتعلة، لكن في نفس الوقت كنا نتابع تفاصيل ما وقع و ما سيقع و إنجاز تحقيق في الوقت المناسب عندما تنضج الأسباب الداعية إليه.. و منها حلول لجنة لتقصي الحقائق بعثتها رئاسة الجامعة مكونة من عميد كلية الحقوق بمراكش و الكاتب العام للجامعة و بعض الأساتذة من كلية أخرى أمضوا ثلاثة أيام في الاستماع للأطراف المتنازعة و منها أيضا أن الصورة اليوم اصبحت واضحة بعد سنتين من شد الحبل و تجادبات الصراع.
للتاريخ و الذكرى
من المعلوم أن كلية آسفي التي هي في العمق جامعة مصغرة تأوي أغلب التخصصات من أدب و قانون و اقتصاد و علوم و تواصل، كانت نتاج نضالات حثيثة لأهل آسفي ترجمتها مطالب الأحزاب و الجمعيات المدنية في مذكراتها و بياناتها المحلية ، و لم تنصف المدينة إلا في عهد حكومة التناوب الذي أطلق معها مخطط الإصلاح الجامعي الجديد و الذي أوصى بإحداث أنوية جامعية تكون على شاكلة كليات متعددة التخصصات في المدن التي لم تستفد من توفرها على مؤسسات التعليم الجامعية تنهي معاناة أبناء المدينة مع الهجرة الطلابية إلى الحواضر الكبرى و ما يتبعها من مصاريف و أشياء أخرى يضيق المجال لشرحها.
الكلية انطلقت فيها الدراسة و أشغال البناء مستمرة. مكان جميل على ربوة المحيط الأطلسي .. معمار بسيط و نموذجي ، فضاءات خضراء .. موظفون شباب يحملون مهاما متعددة ككليتهم و يشتغلون من أجل تشييد ملامح إدارة جامعية ، هكذا انتصبت الصورة في البداية. في المقابل التحق أساتذة جدد أغلبهم إن لم نقل كلهم مع استثناءين أو ثلاثة لم يمارسوا قط مهنة التعليم العالي و لا سبق لأحدهم أن مارس العمل النقابي . في الضفة الأخرى أي الإدارة، كان هنالك نائب للعميد تميزت فترته بالرصانة و الهدوء و تأدية الواجب . إلى أن عين العميد الحالي الذي ما إن وطأت قدماه الكلية حتى اشتعلت الأرض تحت الجميع. إضرابات، وقفات احتجاجية، مقاطعة الدروس، التهديد بعدم إعلان نتائج الفصول، البيانات النارية ذات الشق المعنوي و المادي ! .. حرب المواقع الإلكترونية، الاستفسارات .. هي ذي مرحلة الضرب تحت الحزام التي ذكرناها سابقا.
ما الذي وقع.. ؟
لم يكن جزء من الأساتذة حسب مصادرنا الحسنة الاطلاع راضون عن طريقة تدبير العميد و نائبيه للشؤون البيداغوجية و العلمية و الإدارية، بل كانت اللقاءات الأولى يطبعها التشنج و التهديد بتطبيق القانون على المتنطعين من الأساتذة و التلويح من الجهة الأخرى بورقة إغلاق الكلية و دفع الطلبة إلى سنة بيضاء حتى يتم ركن العميد مع نائبيه في الزاوية الضيقة للصراع. و هنا يقول أستاذ جامعي فضل عدم ذكر اسمه تلافيا لسوء الفهم و التأويل .. "لقد أصبحنا امام وضع غير صحي وصل فيه النقاش إلى الحضيض و بات الحوار الذي هو مطلب الجميع في اللقاءات الرسمية مفقودا بل مستحيلا بسبب تعنت مجموعة من الأساتذة و سوء إدارتهم للحوار مع الإدارة ، المشاكل معروفة في التعليم العالي و مطالبنا جزء منها مطروح في الملف المطلبي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، فلماذا إذن ننجر إلى صراع دونكشوتي لم نعد نفهم فيه من المصيب و من المخطئ .. الطلبة سيضيعون وسط هاته الخلافات التي لا يد لهم فيها، أعتقد أن روح التعقل من هذا الطرف و خلفية الالتزام و الصرامة من الطرف الآخر مطلوبة الآن ".
ينتهي كلام الأستاذ الجامعي الذي أظهر وجهة نظر تخص مجموعة من الأساتذة اختلفوا أيضا داخل الجمع العام للفرع المحلي للنقابة مع زملائهم في طريقة تحضير الجموع العامة و صياغة البيانات و منهجية تفعيل الملف المطلبي و صيغ تصريفه، ما أدى في النهاية إلى القيام بمجموعة من التوقيعات في عريضة و ارضية نقابية ترفض خارطة الطريق النقابية التي تعتمد التصعيد و حرق المراكب، و هذا ما كان موضوع ملف تسلمه المكتب الوطني السابق. فيما اصطف من تبقى من الأساتذة مع من تبقى من أنصار المكتب النقابي مناهضين "للخوارج" و معتبرينهم مجموعة موالية للعمادة تخدم أجندة الإدارة بضرب الإطار النقابي و إضعاف الحركة الاحتجاجية للأساتذة ضد عميد متسلط و غير ملتزم و ضعيف تضيف نفس مصادرنا .
وسط هذه التطورات كان غبار الاحتكاك يعلو حتى لا يكاد يتبين أي مسؤول أو غير مسؤول خارج الكلية في آسفي أو مراكش او الرباط ما الذي يحدث حقيقة في الكلية ؟
كيف جرت الأمور بعد هذا ؟
العميد - وفق مصادرنا دائما- و القريبة من «بيت النار» عمد إلى استدراج بعض الأساتذة و استقطاب البعض الآخر لضرب الجميع بالجميع ، يلتزم مع شعبة و يتنصل من مسلك، يعد بتوفير التجهيزات، ثم يتحجج بهزالة الميزانية و ضعف الموارد البشرية ، يصافح هذا و يشيح عن الآخر، يجالس المكتب النقابي و يلتزم و يصرح بأنه ابن النقابة و أستاذ زميل لكل الأساتذة. و يخل بكل الالتزامات الشفوية و المكتوبة، و هذا ما دفع هؤلاء إلى رفع السقف و توقيع قطيعة مع العميد و نائبيه بالزيادة في أساليب الاحتجاج و هو ما وقفنا عليه و عايشناه كصحيفة وطنية في أكثر من مرة، ليصل النقاش المفتوح و غير المؤطر بين الأساتذة و الإدارة إلى عنق الزجاجة ما دفع الرئاسة إلى التحرك و عقد لقاء مع الأساتذة بحضور العميد. رفع الأساتذة المحتجون مطالبهم ( الطباشير، التجهيزات، التضييق على العمل النقابي). انتهت هذه الجولة بالتضحية بنائب العميد و دفعه إلى الاستقالة و العودة من حيث أتى و هنا يقول أستاذ قريب من الأحداث "العميد لا يحمي فريقه و لو كان على حق ، عندما يشتد عليه الخناق يبدأ في التخلص من معاونيه الواحد تلو الآخر ، يقوم بقرارات انفرادية سرعان ما يتراجع عنها ، مرة هدد أستاذا، سخف الأستاذ، جات لابيلانص، تراجع عن الاستفسار و الاقتطاع. من بعد أقال نائبه، هذا هو الرجل كما رأيناه لا كما يحكى، أكتفي بهذا القدر" .
انتهى كلام الأستاذ .. لكن لم ينته الكلام عن مشاكل الكلية و عميدها و أساتذتها و طلبتها.
ماذا يقول العميد و محيطه ؟
لشهور عدة كان مكتب الجريدة على مرمى حجر من الأحداث الجارية و المتصاعدة و كانت الوثائق و البيانات و الإخبارات و احتجاجات الطلبة الذين لم يعودوا يدرسون في وضعية صحية تخترق صباحاتنا المهنية. و لأن العمادة موضوعة في قفص الاتهام و كل النقاش منصب حول هجوماتها المتكررة على الجسم التربوي و على الأساتذة الباحثين ، كان لابد أن ننصت إلى وجهة نظر الإدارة عبر لقاءات متعددة و طويلة جمعت كاتب هذه السطور بالعميد و مساعديه. كانت الصورة واضحة لديهم و واثقون بأن رئاسة الجامعة و الوزارة سيغلبون منطق العقل و يصلون إلى حقائق الأشياء بعد وضع كل الحجج أمام من يهمهم الأمر. هاته الحجج عددوها فيما يلي :
- رفض العديد من الأساتذة إنجاز عدد الساعات المبرمجة و عدم احترام الجدول الزمني و محاولة البعض الاستعانة بالعرضيين لإتمام المقرر مما يثقل كاهل مالية الكلية التي لا تتعدى ميزانيتها 100 مليون سنتيم .
- الخروج غير المبرر لبعض الأساتذة خارج أرض الوطن بدون ترخيص و لا حتى إخبار الإدارة.
- عدم إنجاز الأشغال التطبيقية في بعض المواد العلمية و عدم التقيد للملف الوصفي لعدد من التخصصات فيما يخص المراقبة المستمرة و الامتحانات الدورية .
- وجود بعض الأساتذة الذين لا تجربة لهم في التعليم العالي و لم يحصلوا حتى على قرار الترسيم في مواقع المسؤولية ، في كليات عتيدة يتطلب الوصول إلى المسؤولية سنوات من الجهد و المصداقية و التكوين.
- التعامل غير اللائق مع العديد من الطلبة و الطالبات مما أثار موجة من الاحتجاجات ضد البعض وصلت إلى توقيع عرائض و مراسلة الصحافة و الجهات المسؤولة .
- محاولة بعض الأساتذة الحصول على مناصب مالية و نقلها إلى بعض التخصصات و الإفراغ و التبادل في أخرى حتى يوفروا الطريق لبعض أصدقائهم الذين لم يتوفقوا في مباريات رسمية للحصول على منصب أستاذ التعليم العالي مساعد.
- غيابهم المستمر من أجل تهييء ملف التأهيل ( يصبح استاذا مؤهلا بدل مساعد ) .
- عدم احترامهم لتوقيت المحاضرات لدرجة أن هناك من يدرس ساعة في الحصة المقررة لها ساعتان و يلتحقون بالمدارس الخصوصية .
هذه جملة من الأسباب التي جعلت الإدارة في شخص العميد و مساعديه يطالبون باحترام الأعراف و صون التقاليد الجامعية و تطبيق القانون. و هي نفس الأسباب التي يتشبت العميد بضرورة احترامها و لو اقتضى الأمر بالتضحية بعشرة نواب له!
ماذا يقول النقابيون ؟
أمام خارطة الطريق هاته التي تضعها العمادة و التي تبدو منطقية و متماسكة للوهلة الأولى ، يأتي رد النقابيين أو الأساتذة المنقبين ( لأن هناك نسبة كبيرة ممن لا يعرفون سؤال النقابة و يعتبرونها نوعا من المزايدة و حصان طروادة لقطف بعض الامتيازات الشخصية و هذا موقف آخر غريب سمعناه على لسان هؤلاء الأساتذة الذين يرفضون التخندق مع هذا الطرف أو ذاك بدعوى أنها معركة عبثية لدى إنجازنا هذا التحقيق .
يقول مسؤول نقابي : "العميد تعاملنا معه بحسن نية ، و أثبت لنا في أكثر من جلسة بأنه يستهين بنا و لا يحترمنا كإطار نقابي، يسرب الأقاويل و الادعاءات و لا يتصرف معنا بطريقة مسؤولة ، جربنا معه كل الصيغ الحضارية ، كاتبنا الرئاسة ، وضعنا ملفنا عند المسؤولين ، لم يتحرك أحد فاضطررنا إلى تنفيذ وقفات احتجاجية و إضرابات و وصل السيل الزبى عندما عرض زميل لنا على المجلس التأديبي و تم إصدار عقوبة في حقه وصلت ستة أشهر و هو ما لم يكن ممكنا السكوت عنه ، لجأنا إلى حل التصعيد و طلبنا من الطلبة أن يقدروا موقفنا لأننا اتخذنا قرار مقاطعة الدراسة. فالأجواء لم تعد محتملة إلى أن حلت لجنة تقصي فيما يقع و التي استمعت إلى الجميع ، و لينعقد مجلس الجامعة و يتم فيه التراجع عن العقوبة و الالتزام من طرف العميد باحترام تعهداته" .
عضو آخر في النقابة الوطنية للتعليم العالي "لا نعرف هل كان ضروريا توقيف الدراسة لمدة شهرين و وضع مستقبل الطلبة كرهينة في الصراع مع الإدارة ، أعتقد أن لجنة تقصي الحقائق لم تعلن عن خلاصات تقريرها و لا التوصيات التي رفعت إلى رئاسة الجامعة و بالتالي فإن هذا التعايش الهش و المفروض و الذي انتهى بإعفاء نائب العميد الثاني و تقديمه ككبش فداء من طرف العميد و الرئاسة لن يصمد طويلا . ألا يمكن أن يطرح غياب التجربة في التفاوض و عمق التحليل و الرصانة في التصور تضخيما لمشاكل هي عادية و بسيطة تقع في الجامعات العريقة و كان يمكن أن تحل بهدوء و بجهد أقل و حكمة أكثر و احترام للهياكل" .
صوت الطلبة الذي لم يسمع من قبل!
في رحاب الكلية ليس هناك ثمة تسييس ، الحلقيات تدور في معظم نقاشاتها على مواضيع بسيطة تتخللها الدارجة و بساطة المطالب ( الإدارة ما مسوقناش) كما عاينا ذات صباح، حلقية تضم بعضا من الطلبة لم تكتمل دورة لحيهم ، يتحدثون عن أهوال القبور و الآخرة و إخواننا في الدين المضطهدين في بلاد كذا و كذا، غيفارا بجانب الشيخين ياسين المغربي و ياسين الفلسطيني . دار نقاش مع الطلبة عن رأيهم فيما يجري و يدور بكليتهم ..
"نحن لا يهمنا ما يقع بيناتهم ، بغينا نقراو ، كنجيوا يويما في الطوبيسات كنلقاو الإضراب، حنا ما عرفناش علاش مضاربين، يؤدوا الواجب معانا و يتصارعوا كيف بغاو ، يعطونا المنحة مزيانة و تكوين مزيان و يوفروا لينا التجهيزات و الأعمال التطبيقية التي حذفت في بعض المواد العلمية، هاذ العام ما غادي نقراو فيه والو ، ما عطاوناش النتائج ديال الدورة الأولى ، كين بعض الأساتذة لم يكملوا المقرر و يطالبوننا بالامتحانات بلا تهييء و لا حيز زمني و فيهم من يتغيب و يبعث ببعض العرضيين ".
و أردفت طالبة أخرى مساندة كلام زملائها و زميلاتها :
"دابا كالوا جات لجنة التحقيق، فين هي النتائج، حنا ضعنا في القراية و هما كيتخلصوا بلا ما يؤدوا الواجب، اولاد الشعب شي جاي من البادية، من الإقليم، من الأحياء الفقيرة للمدينة، الكراء، سوء التغدية، الفقر آش غانديروا، نقلوا هاذ شي للمسؤولين ".
انسحبنا بصعوبة بالغة خصوصا عندما علم العديد من الطلبة أن صحيفة وطنية تنجز تحقيقا عما يقع في كليتهم ، و بدا للجميع يومها أنه لابد أن يعطوا تصريحاتهم دفعة واحدة و يدلوا بدلوهم الطلابي في ملعب الأحداث الذي يضم الإدارة و الأساتذة و النقابة. شيء مستحيل.
ما يشبه الخلاصة
بعد هذا التحقيق الذي حاول الوقوف على عمق المشكل الدائر، و الإنصات لكل وجهات النظر المتطابقة منها و المتناقضة ، المساندة و المناوئة ، المحتجة أو المستنكرة و الاستماع إلى الأصوات الخافتة أو المرفوعة ، بات لزاما طرح بعض التساؤلات و تفكيك بعض الخلاصات خصوصا و أن أطراف الصورة تجمعت بشكل واضح لا لبس فيه أو عليه و قال الجميع رأيه .
- بعد دخول الإصلاح الجامعي عامه السادس ، تبين بكل الوضوح الممكن مكامن الخلل في الإصلاح و مستويات ضعفه و قوته ، كما ظهرت الإكراهات التي تعوق سيره الصحيح خصوصا في الكليات المتعددة التخصصات التي تعاني من ضعف الموارد البشرية على المستوى الإداري و التربوي و ضعف الميزانيات المرصودة. و علاقة بالموضوع، ألم يكن من الأجدى في كلية حديثة بعث أساتذة ذوي تجربة و خبرة لقيادة الإصلاح و تنزيله على أرض ال
واقع و مصاحبة الأساتذة الجدد الذين لم يراكموا بعد خبرة في تسيير الهياكل الداخلية من شعب و مسالك و مجالس ؟
- ألم يكن مطلوبا من العميد و هو الباحث السوسيولوجي البارز في تخصصه ، التعامل مع التحولات السوسيولوجية التي تخترق المجتمع المغربي بكثير من الذكاء الاستراتيجي ، خصوصا و أن الكلية تعد مرآة عاكسة بامتياز لنوعية التحولات ، جيل جديد من الأساتذة و الطلبة و الإداريين ، هو الذي قضى أكثر من ربع قرن في التعليم العالي و في عوالم السوسيولوجيا . ألم يكن من الأجدى سحب فتيل التوترات بكثير من الأريحية العلمية و النفسية و بنوع من الالتزام و المرونة التي تجعل الجميع يؤدي دوره باقتناع و هدوء، فالمسألة مرتبطة بالنخب و الأطر العليا .
- ثقافة العمل النقابي اليوم تحتم استحضار تصور واضح للملفات المطلبية ، يتم تحيينها و تفعيلها عقب كل دخول اجتماعي مع مراعاة السياقات و الظرف الوطني السياسي . كما أن المقاربة التشاركية البعيدة عن لغة التصعيد و تبياخ الطرح هي التي أثبتت نجاعتها اليوم في حلحلة العديد من المشاكل.
الإضرابات و الوقفات التي تتحول مع كثرتها و تواترها إلى "إسهال نضالي" لا تعطي نتيجة مهمة بقدر ما تطحن مستقبل الأجيال الصاعدة . أليس من ادوار العمل النقابي التأطير أيضا و القيام بدورات تكوينية في تقنيات التفاوض و التواصل و ندوات تأطيرية ؟ أليس العمل النقابي واجهة من واجهات التغيير المتدرج و السلمي و الحضاري للبنيات التقليدية داخل كل إدارة ؟. التصعيد و مسح الطاولة لا يكون دائما ورقة رابحة في الصراع.
الكلية جاءت بعد انتظارات طويلة كما يقول سياسيو و مثقفو آسفي، و يصر آباء و أولياء الطلبة على أن المنحى الذي اتخذه الصراع داخل هذه المؤسسة لا يشرف أحدا. و يضع الجميع أمام المساءلة الذاتية و الموضوعية. الجامعة مهمتها التأطير و التكوين و إعداد الأطر خدمة لمصالح البلاد و مستقبلها و ليس مكانا للتنابز و تصفيات الحسابات و قتل الوقت . هذا في الختام ما تواضعت عليه كل الأصوات و الاتجاهات المحلية السياسية و المدنية و النقابية و الشعبية بآسفي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.