خرج مؤخرا إلى الوجود كتاب «مولاي أحمد العلوي: الشغف والكلمة» لمؤلفته أسية بنصالح العلوي، السفيرة المتجولة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، عن المطبعة الجديدة - المعارف - بالرباط، حيث يضم الكتاب الذي تبلغ صفحاته 270 صفحة من الحجم المتوسط، بين ثناياه مجموعة من الشهادات التي قيلت في حق الفقيد مولاي أحمد العلوي على لسان سبع وخمسين شخصية، بمختلف أبعادها الاجتماعية ومجالات عملها وجنسياتها، وذلك على مدار السنوات التي عايشهم فيها الفقيد سواء من قريب أو بعيد. وحاولت صاحبة الكتاب من خلال مؤلفها الجديد، تقديم صورة عن الفقيد الذي لم يتأت له ذلك، لأنه لم يكن من المهووسين بكتابة مذكراته، شخصية وصفتها أسية العلوي بالبساطة والتعقيد في آن الوقت، وأن مؤلفها هذا جاء ليعيد شخص مولاي أحمد العلوي إلى الحياة، حيا ومنير درب الأجيال القادمة التي تتمكن بفضل شهادات هذا الكتاب الوقوف على حقائق شخصية من الساسة المغاربة الذين كرسوا حياتهم في خدمة الوطن. مؤلف زاخر بالشهادات في حق مولاي أحمد، شهادات جاءت غير مترابطة ولا يقيدها رابط زمني، بل على دفعات أو كما أسمتها صاحبة الكتاب «لحظات متميزة»، أولى هذه اللحظات كانت ضمن برنامج تلفزي بثته القناة المغربية الثانية أواسط التسعينات، حمل اسم «كبار رجال السياسة»، هذا البرنامج اختار مولاي أحمد العلوي وجها لإحدى حلقاته، ليتم تقديم العديد من الشهادات في حقه من طرف فاعلين وملاحظين وسياسيين، مغاربة وأجانب. ثاني اللحظات المتميزة، كانت عبارة عن مجموعة من النصوص والكلمات التي تم إلقاؤها في حفل تأبين، نظمته جمعية فاس، إحياء لذكرى روح الفقيد سنة 2003، بينما تأخرت اللحظة الثالثة مستغرقة زهاء ست سنوات منذ 2004 إلى 2010، وفي هذا القسم ظهر عمل جبار من المؤلفة في سعيها وراء جمع المزيد من الشهادات عبر طلب شخصي منها، أو بإرادة من بعض الشخصيات التي أدلت بشهاداتها في حق الفقيد. واعتبرت أرملة الفقيد أن مولاي أحمد العلوي، بصمة عميقة لا يمكن نسيانها في صفحات التاريخ المعاصر، مضيفة أنه «إذا كان أسلوب ذلك الخادم الكبير للدولة، الذي تقلب في عدة مناصب كوزير وبرلماني ومنتخب محلي وناشر صحفي ومبدع افتتاحيات، قد تمكن من إنعاش الجدال والحوار، فإن وطنيته التي لا تقبل النقاش ونشاطه الدؤوب من أجل تنمية المغرب يحظيان بالإجماع». وأشارت أسية بنصالح العلوي إلى أن «هذا الكتاب، وهو يقص هذه الاستمرارية الفريدة في قلب الحكم، يروي ويصف عهدا استطاع فيه رجل أن يتجند ويضع شغفه وحرية التفكير وحرية التعبير كاملتين في خدمة وطنه». وحرصت أسية بنصالح العلوي -وهي أرملة المرحوم، في مؤلفها «مولاي أحمد العلوي: الشغف والكلمة» على نشره باللغتين العربية والفرنسية وترتيب نصوصه وفق ترتيب أبجدي، مشيرة إلى تاريخ كل نص وصفة كاتبه ولغته الأصلية، على اعتبار أن مجموعة من الشهادات جاءت من ألسنة أجنبية، كما أنها اعترفت بغياب الانسجام في كتابها، والاختلاف الواضح في أساليب الكتابة وصيغ السرد، حيث أوضحت أن الهدف الأساسي وراء خروج الكتاب هو جمع شتات كل ما قيل في حق الفقيد، وليس الهدف إبداعيا أو أدبيا، وإن كان الطابع التاريخي حاضرا فيه. مكانة مميزة طبعت مسيرة مولاي أحمد العلوي في التاريخ المغربي المعاصر، حضور لافت في مجالات عدة: السياسة، الاقتصاد، الثقافة، الإعلام، كل هذا جزء لا يتجزأ من مشوار رجل أجمع الكل على ولعه الكبير بالوطن وخدمة هذا الوطن، أشياء حاولت أرملة الفقيد استحضارها وإعادة تدوينها في مؤلفها، خصوصا في تقديم تقاسمته مع أحمد السنوسي، وشغل حيزا مهما من مساحة الكتاب.