يعد تسارع التوسع الحضري ظاهرة عالمية. في سنة 2008، ولأول مرة في تاريخ البشرية، أصبح عدد سكان المناطق الحضرية أكبر من عدد سكان القرى. وحسب التقديرات الحالية، سيعيش أكثر من 60 في المائة من سكان العالم، في أفق 2030، في مدن متمركزة بشكل متزايد في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ووفق دراسة يقودها الباحثان المغربيان عدنان فنون وعواطف حيار، عن فريق المدينة الذكية بمختبر ” RITM ” بجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، سيصل عدد سكان المغرب، وفقا للمتغير المتوسط ، إلى 43.6 مليون في عام 2050 بدلا من 33.8 مليون نسمة في سنة 2014، بمعدل نمو إضافي متوسط قدره 272 ألف نسمة سنويا، وهو ما يعادل سكان مدينة متوسطة مثل مدينة صفرو بالمغرب. وسيتطور النمو الديموغرافي للمغرب في المناطق الحضرية بشكل رئيسي، ويعزى ذلك إلى الهجرة القروية. وسوف تعاني الساكنة القروية من الانخفاض من 13.4 مليون شخص في عام 2014، إلى 11.5 مليون في عام 2050. وستحتضن المدن المغربية في سنة 2050، بالمقابل، نسبة تصل إلى 73.6 في المائة من الساكنة المغربية بدلا من 60.3 في المائة سنة 2014، بحيث سيرتفع تعداد سكانها من 20.4 مليون نسمة في سنة 2014 إلى 32.1 مليون نسمة في سنة 2050. وتبعا لبيانات البنك الدولي، تم تسجيل نمو مستمر بين سنتي 1974 و2014، ويرجع هذا النمو بشكل رئيسي إلى التحضر والتصنيع في المدن المغربية. وفي سنة 2050 سيختار أكثر من 73 في المائة من سكان المغرب الاستقرار بالمدن مما سيكون له تأثير على العادات وعلى استهلاك الطاقة للمواطن المغربي. ونتيجة لذلك، كان من المفترض أن يضع المغرب سياسة ترشيد استهلاك الطاقة من أجل ضمان الاحتياجات المستقبلية لهؤلاء المواطنين. وشجع هذا القلق تجاه التنمية المستدامة بالمغرب إلى اللجوء نحو مفاهيم طاقة أكثر إبداعا لترشيد الاستهلاك والتفكير في إنشاء بنى تحتية أكثر ذكاء … وتعتبر المدينة الذكية والمستدامة مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الوسائل لتحسين جودة الحياة، وكفاءة الإدارة الحضرية والخدمات الحضرية والقدرة التنافسية، مع احترام احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية. ويعمل الاتحاد الدولي للاتصالات والأعضاء في لجنة الدراسات لقطاع تقييس الاتصالات، وهي اللجنة المعنية بإنترنيت الأشياء والمدن والمجتمعات الذكية، على وضع معايير دولية لتحديد المعايير والعمليات والممارسات التقنية للتمكين من التطوير المنسق لتكنولوجيات إنترنت الأشياء من أجل المدن الذكية المستدامة. وفي الآونة الاخيرة، كانت لجنة الدراسات تعمل على مواضيع تشمل الذكاء الاصطناعي، وسلاسل الكتل، والاتصالات من آلة إلى آلة، وجوانب البيانات الضخمة في إنترنت الأشياء. ويقوم الاتحاد الدولي للاتصالات وأعضاء الفريق المتخصص في الاتحاد المعني بمعالجة البيانات وإدارتها ووضع معايير دولية تتيح للنظام الايكولوجي لإنترنت الأشياء أن يشمل الجميع، وأن يكون قابلا للتشغيل البيني، وقادرا على الاستفادة الكاملة من البيانات التي تولدها الأجهزة التي يتضمنها النظام، وذلك من أجل تخفيف خطر البيانات الناشئة في مختلف قطاعات الصناعة. وصاغ الاتحاد الدولي للاتصالات معايير لكفالة أمن الشبكات في المناطق الحضرية. ويعمل الاتحاد بشأن معايير أنظمة الجيل الخامس التي ستساعد على جعل المدن الذكية المستدامة أمر واقعي. ويذكر أن الاتحاد الدولي للاتصالات ولجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لأوروبا أطلق سنة 2016، منبرا عالميا يدعى “مبادرة متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة”، لدعم السياسة العامة وتشجيع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتسهيل وتيسير الانتقال إلى مدن ذكية مستدامة. ويدعم المنبر الآن 14 هيئة أخرى تابعة للأمم المتحدة. وقد وضعت “مبادرة متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة” مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية للمدن المستدامة، مما يتيح للمدن تحديد الأهداف، وجمع البيانات، وقياس التقدم المحرز في خمسة مجالات رئيسية تتجلى في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبنية التحتية المادية والشمول الاجتماعي والمساواة في الولوج إلى الخدمات ونوعية الحياة والاستدامة البيئية. وهناك أكثر من 50 مدينة في جميع أنحاء العالم تنفذ بالفعل مؤشرات الأداء الرئيسية. وتعتمد سنغافورة أجهزة الاستشعار والكاميرات على النظام الرقمي القائم في سنغافورة وتمكن الحكومة من تقييم أداء حركة المرور وكفاءتها، وتحديد مشاكل مثل “مطبات” الطرق، ورحلات الحافلات الوعرة ومنتهكي القانون. وقامت مدينة “كوبنهاغن” بالدنمارك بتحديث أضواء الشوارع بمصابيح إنارة تتسم بالكفاءة ومتصلة بواسطة شبكة لاسلكية. وتوفر مصابيح الإنارة الذكية في شوارع المدينة التكاليف، لأنه يمكن برمجتها لكي يتم إخفات أو زيادة الإضاءة تلقائيا، مما يسمح بالاستفادة المثلى من الطاقة وفي الوقت نفسه الحد من خطر الجريمة وحوادث المرور. كما وضعت مدينة “ساو باولو” بالبرازيل، حلا لتقدير جودة الهواء والتنبؤ به باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة. ويتم الجمع بين البيانات الكلية والمجمعة التي تكون هوية أصحابها مغفلة من شبكة الاتصالات المتنقلة وإضافتها إلى بيانات من أجهزة استشعار الطقس والمرور والتلوث. وهذا يساعد على حساب مستويات التلوث قبل 24 الى 48 ساعة مقدما، مما يساعد صانعي السياسات والبلديات والحكومات على اتخاذ إجراءات لتفادي حالات الوفاة والمرض، على سبيل المثال، من خلال إعادة توجيه حركة المرور قبل أن تضرب بؤر تلوث الهواء.