تحتل المجازر الجماعية مكانة هامة ضمن المرافق العمومية الجماعية. إذ تشكل موردا هاما من الموارد المالية الذاتية للجماعة، إلى جانب أنها تساهم في رفد العمل الخيري من خلال تحويل نسبة 80٪ من الرسم المفروض على ضريبة الذبح لفائدة الجمعيات الخيرية. غير أن هذا الدور الحيوي الذي تلعبه المجزرة الجماعية لكلميم في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للبلدية لا توازيه بالمقابل الخدمات المفروض السهر على تفعيلها وضمان سيرها بالشكل المطلوب تقنيا وماليا وصحيا. إن المجزرة الجماعية لكلميم التي تزود حاليا ما يقارب 120 الف نسمة تفتقد لأبسط شروط المهنية والسلامة الصحية إن على المستوى التنظيمي أو التجهيزات والمعدات أو على مستوى المراقبة الصحية. تنظيميا فالمجزرة تسيرها منذ سنوات شركة خاصة بموجب عقد كراء وتستغل هذا المرفق بشكل كامل حيث تقوم بتحصيل الواجبات المترتبة عن الذبح وكل ما يستتبع ذلك من عمليات كالسلخ وغسل الأمعاء وغيرها. وفي هذا الباب يتضح أن الشركة المستغلة، وفقا لشكايات عديدة رفعتها جمعية وادنون للجزارين بكلميم إلى مختلف الدوائر المسؤولة محليا، لا تلتزم بالقواعد المنصوص عليها قانونيا في تدبير هذا النوع من المرافق، وأن المشرف عليها لا يلتزم بتعهداته سواء فيما يخص تهييء المرافق الضرورية و الاعتناء بها أو فيما يخص توفير التجهيزات الملائمة لمختلف العمليات المرتبطة بالذبح والنقل. ناهيك عن الفوضى العارمة التي ترافق عمليات الذبح والنقل وأثناء الفحص الطبي للذبائح. التجهيزات والمعدات إن غياب إسطبلات مجهزة لاستقبال الحيوانات المعدة للذبح بطاقة استيعابية تتوافق و أعداد الرؤوس الوافدة يوميا على المجزرة هو مبتدأ المشاكل والإكراهات التي تعكس حالة من اللامبالاة والاستهتار التي تعاني منها هذه المجزرة. أما قاعة الذبح و السلخ فكل ما فيها من معدات أكلها الصدأ بدءا من الأبواب التي تهالكت وتسمح بدخول القطط والكلاب مرورا بالرافعة الميكانيكية المخصصة لرفع الجمال والأبقار التي أضحت مهترئة وأصبح استخدامها خطرا على المستخدمين وصولا إلى الحاملات الحديدية للذبائح التي تنزف من الصدأ مما يدفع العديد من المرتفقين لاستعمال حبال بدلا عنها لتعليق ذبائحهم. أما النوافذ فكل زجاجاتها مكسرة مما يسهل دخول الجرذان والحشرات والغبار. وإذا وقفنا على أرضية قاعة الذبح فسنصطدم بحجم الأوساخ العالقة بها و سنصاب بالدوار حين نتابع غسل الامعاء و الاحشاء بسبب الروائح الكريهة التي تملأ المكان نتيجة لانسداد مجاري الصرف الصحي. وستكتمل الصورة الدراماتيكية لهذه القاعة حينما نقوم برفع رؤوسنا لنرى السقف وقد بنت فيه العناكب أعشاشها، ناهيك عن ضعف الإنارة سواد داخل قاعة الذبح أو في محيطها. ويشتكي الجزارون من أن عملية الذبح تبدأ مبكرا في الساعة الثامنة ليلا في حين لا يتم فحصها إلا بعد السابعة صباحا من اليوم المالية مما يعرض اللحوم لخطر الثلوت مما يحتم إعادة النظر في أوقات الذبح والفحص البيطري. المراقبة الصحية ونقل اللحوم تسند مهمة مراقبة شروط الصحة والسلامة التي يباشر فيها ذبح الحيوانات داخل المجازر للبياطرة المفتشين بموجب ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.75.291 بتاريخ 24 شوال 1397 (8 أكتوبر 1977) يتعلق بتدابير التفتيش من حيث السلامة والجودة بالنسبة للحيوانات الحية. والمواد الحيوانية أو ذات الأصل الحيواني. إن افتقار مجزرة بلدية كلميم لأدني شروط السلامة الصحية والنظافة تجعل من الصعب على البيطري المفتش القيام بعمله وفق مقتضيات الظهير الشريف المشار إليه أعلاه، غير أن هذا لا يعفى الطبيب البيطري من الالتزام بقواعد السلامة وعدم الانجرار وراء تصفية الحسابات مع بعض الجزارين وإتلاف أجزاء من ذبائحهم لقمعهم وإرضاء خصومهم. وكذا القبول بالأمر الواقع من خلال الاستمرار في الفحص والتفتيش في ظل وضعية اقل ما يقال عنها أنها مزرية. وفيما يخص نقل اللحوم من المجزرة إلى نقط البيع فإن ما هو متوفر من شاحنات، تعاني من أعطاب متكررة، لم تعد تساير التوسع الذي تعرفه المدينة مما يتسبب في تأخر وصول هذه المادة الحيوية إلى أصحابها مع ما يترتب على ذلك من خسارات. لكن الأدهى من كل هذا هو السماح لبعض “المحظوظين ” باستعمال سيارات الهوندا والتريبورتور أو سيارات شخصية لنقل اللحوم الخاصة بهم في ضرب صارخ لكل القوانين والأعراف. هذه بعض الاكراهات التي تلخص الوضعية الراهنة للمجزرة العمومية بكلميم والتي وقفت عليها لجان مختصة غير ما مرة، بدعوة من جمعية وادنون للجزارين، وأنجزت بشأنها محاضر وتقارير بقيت حبرا على ورق. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو المتعلق بمآل الدراسة التقنية التي انجزها مكتب الدراسات ” جيني اليانس” منذ سنوات بطلب من المجلس البلدي وتلقى عن ذلك مبلغ 475200.00. وقد انكبت هذه الدراسة على تصور يستهدف تأهيل المجزرة الجماعية الحالية وفق العناصر التالية: * الدراسة الطبوغرافية * الدراسة الةيوتقنية * الدراسة المعمارية * معاينة الحالة الآنية * المشروع القبلي المفصل * مشروع الإنجاز وملف طلب العروض مع تتبع الأشغال فلصالح من تم إقبار هذه الدراسة؟ ولماذا لم تتواصل عملية تنفيذها بما يمكن المدينة من التوفير على مجزرة تستوفي كل الشروط الضرورية التي تمكنها من تقديم خدماتها لفائدة المواطنات والمواطنين على الوجه المطلوب؟ قد يقول قائل بأن طموحنا أكبر من تأهيل هذه المجزرة ويتعداه إلى تحقيق حلم تشييد مجزرة عصرية جهوية كبيرة بمواصفات حديثة وراقية ترفع المدينة إلى مصاف المدن الكبرى. إنه حلم الهيمنة ونزعة الاستبداد و عمى البصيرة وعين على حصة وافرة من المال العام. فما رأي المجلس البلدي؟ وما موقف السلطات المحلية والإقليمية؟ وهل يتدخل المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية للمساهمة في وضع حد لهذه الوضعية الكارثية؟