أكدت الأرقام المخيفة التي كشف عنها وزير الصحة الحسين الوردي يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة اليوم العالمي للصحة بخصوص التسممات التي تهدد صحة المغاربة وجود حروب غذائية تشن بشكل ممنهج ضد المغاربة من طرف فاعلين يسعون إلى الربح بمختلف الطرق حتى لو كان ذلك على حساب صحة ملايين المغاربة، إن هذا الهجوم الممنهج على صحة المغاربة يتم من خلال تقديم منتجات غذائية لا تحترم معايير السلامة الصحية، وتبدأ من لحوم مذبوحة بطريقة لا تحترم معايير السلامة، مرورا بدواجن مليئة بالهرمونات والمضادات الحيوية يتم تهييئها في ظروف أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها لا تحترم أدنى معايير السلامة الصحية، إضافة إلى أسماك فاسدة يتم جلبها من الصين وتوزيعها على المطاعم لتقدم كوجبات سريعة بأثمنة محترمة، دون أن ننسى فواكه فاسدة يتم استيرادها من طرف تجار جشعين هدفهم الأساسي هو مراكمة الثروات حتى لو كان ذلك على حساب صحة المغاربة، التي تؤكد الأرقام الرسمية ازديادا مضطردا في أرقام إصابتهم بمرض السرطان القاتل بمختلف أنواعه. إن الخطير في أمر هذه الحرب التي تشن بشكل يومي على صحة المغاربة هو أن الدولة تقف موقف المشاهد من خلال مؤسساتها المسؤولة عن السلامة الصحية والمراقبة التي تتذرع في الغالب بقلة الإمكانات البشرية والتقنية من أجل تبرير عدم القيام بدورها في المراقبة الدقيقة لما يتناوله المغاربة من مواد غذائية، لأن المهم في الأمر هنا والذي يجب التنبيه إليه هو الكلفة المالية التي ستضطر الدولة إلى دفعها على المدى المتوسط والطويل إذا ما استمرت في غض الطرف عن هذه الممارسات غير القانونية التي يقوم بها من يستورد مواد غذائية فاسدة أو غير قابلة للاستهلاك من دول جنوب شرق آسيا من أجل تحقيق مكاسب مادية مهمة. من غير المقبول أن تدخل كثير من المواد الغذائية المعلبة عبر النقط الحدودية دون عرض عينة منها على المختبر التقني للتأكد من صلاحيتها قبل بيعها للمواطنين، خاصة إذا كان تحليل إحدى العينات التي تم حجزها سابقا، أثبت بعد عرضها على المختبر العلمي أن الماء الموجود بها يضر بصحة الإنسان ويشبه كثيرا حامض الأسيد. إن المواطن يتحمل بدوره جزءا ولو يسيرا من المسؤولية نظرا لغياب الوعي لديه بخطورة الخضر والفواكه والمواد المهربة، خاصة منها الغذائية كالحليب والأجبان واليوغورت ومرتديلا التي تتطلب إمكانيات وشروط خاصة لنقلها، حيث يقبل على اقتنائها بشكل كبير رغم علمه بكونها مهربة ولم تخضع لأي مراقبة من طرف المصالح الصحية. المغاربة يستهلكون لحوما معتمدة صحيا مذبوحة في مجازر غير معتمدة الختم الصحي البيطري على قصبات اللحوم بغض النظر عن لونه لا يضمن أنها مهيئة في ظروف صحية يستهلك كل مغربي حوالي 14 كيلوغرام من اللحوم الحمراء سنويا حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الفلاحة، وهو رقم تطمح الوزارة لرفعه إلى 17.2 كيلوغرام في أفق سنة 2020 غير أن المغاربة لا يتساءلون عن الظروف الصحية التي تنتج فيها اللحوم التي يستهلكونها والتي تتم في الغالب داخل مجازر غير معتمدة رغم حملها لخاتم الطبيب البيطري الذي يؤكد على كونها خضعت للمراقبة الطبية. ويؤكد الخبراء والمهنيون الذين التقتهم «المساء» أن الختم الصحي البيطري الذي يوضع من طرف البياطرة على قصبات اللحوم، بغض النظر عن لونه الذي لديه ارتباط بالجودة، يشهد على ضمانتين صحيتين أولهما بأن اللحوم والأسقاط سليمة من كل مرض متنقل من الحيوان إلى الإنسان، وأنها مهيأة في ظروف صحية، إلا أن الشرط الثاني غير مستوفي في جل المجازر المغربية، وهو ما يطرح سؤالا عريضا على المسؤولين عن القطاع الذين ورغم علمهم بالإشكال لا يتخذون أي إجراءات عملية من أجل حل المشكل. هذا الوضع ليس وليد الأمس والمقاربة الصحية بمجازر اللحوم الحمراء جد مختلفة مقارنة مع باقي المنتجات الغذائية لأن تشييد، تجهيز وتدبير، أو تفويض تدبير جل المجازر بالمغرب يتم تحت سلطة الجماعات المحلية، في حين أن مسؤولية ضمان السلامة الصحية لهذه المنتجات تعود للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. فالتزاما بالضوابط القانونية، تم نهج مبدأ الاعتماد الصحي للمجازر وفق دفاتر تحملات تحتوي على جميع الشروط الصحية، ولتحفيز الجماعات وكذا القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال تم الاشتراط القانوني لتسليم الشواهد الصحية تخول تنقل اللحوم على الصعيد الوطني فقط داخل المجازر المعتمدة. إلا أن تطبيق هذه المنهجية اصطدم بالواقع الميداني والاعتبارات الموازية، لهذا فإرساؤه الحقيقي رهين، ليس فقط بتوفر إرادة إدارية، أو حتى قطاعية، بل حكومية عبر تعبئة جميع القطاعات المتدخلة ورصد الاعتمادات الضرورية من أجل تسطير برنامج واضح المعالم يرمي إلى تأهيل المجازر وفق مبدأ «التصنيف الصحي» وليس «الاعتماد الصحي»، لأن هذه المقاربة المعتمدة من طرف العديد من الدول المتقدمة، تمكن من نهج إصلاح تدريجي وفق أجندة زمنية واضحة دون التأثير على تزويد السوق الداخلية. أهمية اللحوم الحمراء يعد اللحم الأحمر مادة غذائية مهمة لحياة الإنسان، حيث يعد من المصادر الأساسية للبروتين المساعد على تكوين الدم وصيانة الأنسجة في الجسم. ويحتوي أيضا على نسبة من المواد الأخرى في بناء الجسم مثل الحديد وعدد من المركبات الحيوانية. بالإضافة إلى فيتامين باء 12 والحديد والزنك والسيلنيوم. وحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن الأمن الغذائي يتحقق عندما «تتوافر لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ للحصول على غذاء كاف، ومأمون، ومغذٍّ؛ لتلبية احتياجاتهم وأفضلياتهم الغذائية، ليعيشوا حياة مفعمة بالنشاط، والصحة». وانطلاقا من هذا التعريف، يمكن استنتاج أن السلامة الصحية للأغذية جزء أساسي لتحقيق أمن غذائي حقيقي لأي بلد، وأن نجاح أي سياسة غذائية رهين بجودة وسلامة منتجاتها. وحسب المعطيات المقدمة من طرف وزارة الفلاحة، يقدر القطيع الوطني المنتج للحوم الحمراء ب25 مليون رأس، تتوزع بين 2.8 مليون رأس من الأبقار، و17.1 مليون رأس من الأغنام، و5.1 مليون رأس من الماعز، و0.18 مليون رأس من الإبل. وبخصوص إنتاج اللحوم الحمراء في المغرب فقد تم سنة 2014 إنتاج حوالي 450 آلف وهو ما يوازي متوسط استهلاك فردي بالنسبة للمغربي وصل إلى15 كيلوغراما في السنة. وإنتاج هذه الكمية من اللحوم الحمراء يتم داخل 179 مجزرة بلدية، و674 مجزرة قروية، يفتقر أغلبها إلى أبسط الشروط الصحية اللازمة على مستوى البنايات والتجهيزات، وتتسم جلها بعشوائية التسيير الصحي. وتوجد اليوم في المغرب مجزرتان فقط معتمدتان بكل من مكناس والحسيمة. في إطار مخطط المغرب الأخضر وتطبيقا لمقتضيات عقد برنامج الموقع بين الحكومة وإحدى الفيدراليات المهنية في سنة 2012 والذي التزمت بمقتضاه الدولة بتأهيل وعصرنة المجازر وتحيين النصوص القانونية لسلسلة اللحوم الحمراء، وذلك عن طريق الإعداد وتعديل النصوص التشريعية والتنظيمية في أفق إنشاء سوق تنافسي للحوم وكذا جلبا للفاعلين الخواص للاستثمار في هذا القطاع. الوضعية الصحية الكارثية للمجازر الحالة الصحية الراهنة لأغلب المجازر والمذابح دخل مجموع التراب الوطني كارثية بكل المقاييس، حيث لا تتوفر على أدنى الشروط اللازمة، سواء على مستوى البنايات أو التجهيزات، وجل المجازر مسيرة من طرف الجماعات المحلية التي لا تتوفر على الاعتمادات المالية الكافية لصيانة وتأهيل هذه المرافق الحيوية، ويساهم عدم اهتمام المسؤولين المحليين بهذه المرافق الحيوية في تردي الوضع الصحي إلى مستويات خطيرة. ولاحظنا خلال هذا التحقيق أن عددا كبيرا من المواشي تلج إلى المجازر بدون أن تكون مرقمة، مما يجعل تتبع وضبط مصدر اللحوم المنتجة أمرا شبه مستحيل، كما أن المواشي التي تلج إلى المجازر لا تتوفر على سجلات صحية أو شواهد تثبت عدم إعطائها أدوية بيطرية كالمضادات الحيوية، ومضادات الألم قبل ذهابها إلى الذبح من طرف المربين، وبالتالي يستحيل معرفة أن لحومها خالية من بقايا هذه الأدوية. غياب فضاءات مخصصة لراحة حيوانات الجزارة والمراقبة الصحية القبلية: يؤكد الخبراء أن الحيوان لكي ينتج لحما صحيا وجيدا لا بد من القيام بتعويضه عن الإرهاق الذي يتعرض إليه أثناء النقل الذي تتراوح مدته بين 12 و24 ساعة قبل الذبح، يتم خلالها إعطاء الحيوانات كميات كافية من الماء دون أكل، وتعتبر هذه المرحلة بالغة الأهمية لما لها من فوائد متعددة على جودة ونظافة لحوم الذبائح حيث تساهم في الإفراغ التلقائي للجهاز الهضمي مما يسهل إعداد وتجهيز الذبيحة، بالإضافة إلى انخفاض في نسبة احتمال تلوث لحوم الذبيحة أثناء تفريغ الاحشاء. ويجب كذلك أن تخضع الحيوانات للمراقبة الصحية القبلية أو ما يسمى بالفحص الصحي القبلي وهو ما حدده القانون بكون المراقبة الصحية البيطرية تتكون من الفحص السابق والفحص اللاحق للذبح طبقا للمادة 2 من المرسوم رقم 2.98.617 الصادر في 5 يناير 1999 لتطبيق الظهير الشريف رقم 1.75.291 الصادر بتاريخ 8 أكتوبر 1977 الذي يعتبر بمثابة قانون يتعلق بتدابير تفتيش الحيوانات الحية والمواد الحيوانية أو من أصل حيواني من حيث السلامة والجودة. وللفحص السابق للذبح أهمية قصوى تتمثل في الفحص السريري لحيوانات الجزارة وتعتبر هذه العملية بالغة الأهمية، حيث تمكن المفتش من ضبط حالات الأمراض المشتركة مع الإنسان التي يستحيل رؤيتها على قصبات وأسقاط الحيوانات بعد ذبحها، كمرض داء الكلب على سبيل المثال أو اضطرابات تجعل من اللحم غير قابل للاستهلاك وطبقا للمادة 4 من المرسوم ذاته، لا يجوز أن تذبح الحيوانات التي تظهر عليها أعراض اضطراب في الحالة العامة لأجل الاستهلاك العام، والحيوانات الهائجة أو المتعبة التي لم تستفد قبل الذبح من فترة راحة لا تقل عن 24 ساعة. ورغم أن المادة الأولى لقرار وزير الفلاحة والصيد البحري رقم 13.1491 الصادر بتاريخ 3 ماي 2013 والمتعلق بإجراءات الفحص السابق لذبح حيوانات الجزارة واللاحق له، توضح أن الفحص السريري للحيوانات يجب أن يتم في مكان مخصص لذلك، تتوفر فيه الشروط المناسبة، سيما الإضاءة الكافية ووسائل تثبيت الحيوانات. هذه الشروط منعدمة في الكثير من المجازر البلدية وكل المجازر القروية التي يتم فيها إدخال الحيوانات مباشرة إلى المجزرة من أجل عملية الذبح. عملية الذبح وتهييء اللحوم فوضى واختلالات إن زيارة سريعة إلى المجازر تجعلنا نرى واقعا لا يمكن تخيله، جدران ملطخة بالدماء، وأرض مكسوة بالروث والفضلات أمام انعدام وسائل التنظيف والتطهير، وتجهيزات تقليدية مهترئة، الماسكات الضرورية لسلخ المواشي يعتليها الصدأ، هذا الوضع يساهم فيه عدم وجود نصوص قانونية أو قرارات إقليمية أو محلية تحدد أوقات الذبيحة والمراقبة الصحية، وكنتيجة لذلك يبدأ عدد كبير من المجازر الأشغال في الليل بداية من الثانية أو الثالثة صباحا، دون توفر الإنارة الكافية للقيام بهذه العملية الشديدة الحساسية، فيتم استغلال هذا الوضع لتمرير مواشي لم تعد لحومها قابلة للاستهلاك إما لتقدم سنها أو إصابتها بأمراض حيوانية. ومن بين الثغرات القانونية التي تساهم في حالة الفوضى بالمجازر غياب أي مادة تلزم المهنيين بضرورة حمل بطاقة مهنية وكذلك مغادرة المجزرة أثناء إجراء الفحص الصحي. وكنتيجة لهذا الوضع فإن المجازر تعرف وجود أعداد هائلة من الأشخاص، ليس كلهم مهنيين، داخل المجزرة، مما يؤثر سلبا على مرور عملية المراقبة الصحية وكذا على استقلالية القرارات التي يتخذها الأطباء الذين يتعرضون في بعض الحالات للضغط المتواصل وإعاقة سير عملية المراقبة الصحية. كما أن عدم توفر معاهد متخصصة أو شعب داخل معاهد التكوين المهني والتي يمكن من خلالها توفير اليد العاملة المكونة التي تتعامل بشكل صحي وسليم أثناء القيام بالعمليات المرتبطة بتجهيز اللحوم يساهم في الوضع السلبي الذي تعرفه المجازر، كما أن غياب أي مراقبة أو تتبع طبي للعاملين بالمجزرة، وغياب المحركات الآلية الضرورية لسلخ الذبائح يساعد على تفشي ظاهرة النفخ التقليدي لتسهيل هذه العملية مما قد يترتب عنه تلويث اللحوم بالميكروبات السامة أو تلك المسؤولة عن الأمراض المعدية. ومن بين المشاكل التي يعرفها القطاع كذلك النقل السري للحوم من الأسواق الأسبوعية إلى المجال الحضري بعد أن يقوم العاملون بتقطيع اللحوم بعد فصلها عن العظام وتجميعها داخل أكياس بلاستيكية. كما أن انعدام وسائل الصرف الصحي ووسائل التخلص من المخلفات الصلبة للذبائح ينتج عنه تناثر النفايات الصلبة والسائلة الخاصة بفضائل البهائم، وأكوام الدماء المتخثرة في محيط المجازر ويصبح قبلة لجحافل الحشرات والحيوانات الضالة. ويمكن إضافة عدم التوفر على أفران أو وسائل خاصة لإتلاف اللحوم أو الأسقاط أو الأعضاء المحجوزة وغير القابلة للاستهلاك الآدمي إلى الإشكالات التي تعانيها المجازر، مما يؤدي إلى رميها في محيط المجازر وهو ما يمكن أن يؤدي إلى جمعها وإعادة بيعها، بالإضافة إلى أنها تشكل ملاذا للكلاب الضالة، إذ تلعب المجازر دورا خطيرا في انتشار أحد الأمراض الخطيرة المشتركة ما بين الكلب والإنسان « مرض الأكياس المائية « الذي يستدعي علاجه إجراء عملية جراحية لاستئصال الأكياس من الكبد أو الرئة المصابة. أهمية تبريد وتجفيف اللحوم بعد الذبح (Ressuage) : جل المجازر المغربية لا تتوفر على غرف للتبريد من أجل حفظ القصبات في درجة حرارة تتراوح ما بين 2 إلى 4 درجات مائوية مباشرة بعد تحضيره لمدة 24 ساعة، مما يؤدي إلى إخراج اللحوم بدون هذه العملية، بالرغم من أهميتها القصوى في الحد من نشاط الكائنات الحية الدقيقة وإبطاء أو إيقاف التفاعلات الأنزيمية والكيميائية التي يمكن أن تسبب في تلف اللحوم، دون إغفال دورها الهام في إنضاجها عبر تكسير الأنسجة الضامة. تنقل اللحوم الحمراء: رغم أن مقتضيات مرسوم 23 مارس 1999 المتعلق بنقل المواد الغذائية السريعة التلف يفرض على المجازر التوفر على شاحنات مجهزة لهذا الغرض، فإن عددا كبيرا من المجازر لا تتوفر على هذه الشاحنات التي تتوفر فيها المواصفات، مما يدفع بعض الجزارة إلى نقل قصبات اللحوم والأقساط على متن سيارات خاصة ودراجات نارية تفتقد لأبسط شروط النظافة والتبريد. هذه الممارسات تتم رغم وجود ترسانة قانونية مهمة توضح كيفية نقل اللحوم الحمراء، حيث أن المرسوم رقم 2-12-612 الصادر بتاريخ 4 دجنبر 2012 المتعلق بتسويق اللحوم الحمراء الذي يشترط أن يكون مصدر اللحوم مجازر معتمدة على المستوى الصحي، ويشترط القرار الوزاري المشترك لكل من وزير الداخلية ووزير الفلاحة والصيد البحري رقم 3466.12 الصادر يوم 4 دجنبر 2012 لنقل اللحوم، ضرورة التوفر على شهادة صحية مسلمة من طرف المصلحة البيطرية للمجزرة المعتمدة تحدد كمية هذه اللحوم ووجهتها. ورغم وجود هذه الترسانة القانونية فإن الأسواق القروية المحيطة بالمدن الكبرى أصبحت مصدرا كبيرا للحوم نحو المجال الحضري في خرق سافر للنصوص القانونية، وخير دليل أن عدد الذبائح وكميات اللحوم التي تخرج منها توازي أضعاف الطاقة الاستهلاكية المحلية. الفحص الصحي وختم القصبات إن تطبيق مقتضيات القرار الوزاري رقم 1491.13 الصادر في 3 ماي 2013 المتعلقة بإجراءات الفحص الصحي السابق لذبح حيوانات الجزارة وكذلك قصبات اللحوم والأسقاط جد صعبة أمام عشوائية تدبير المجازر وانعدام السلامة الجسدية للمفتشين، فلذلك لا يمكن الحديث على مراقبة صحية للحوم الحمراء في ظل الوضع الصحي المتردي للمجازر المغربية. والملاحظ أن الختم الصحي البيطري الموضوع على قصبات اللحوم، بغض النظر عن لونه الذي لديه علاقة بالجودة، يشهد بضمانتين صحيتين أولهما أن اللحوم والأسقاط سليمة من كل مرض متنقل من الحيوان إلى الإنسان، وأن اللحوم مهيأة في ظروف صحية، إلا أن الشرط الثاني غير مستوفي في جل المجازر الإشهاد الصحي البيطري داخل مجازر غير معتمدة نتيجة التسرع الحكومي، في إطار إحدى الشركات التي تربطها بإحدى الفيدراليات المهنية، في إصدار مرسوم في 4 دجنبر 2012، معزز بقرار وزاري يشترط ضرورة التوفر على شهادة صحية مسلمة من طرف المصلحة البيطرية للمجزرة المعتمدة قبل نقل اللحوم إلى وجهة خارجية. فأمام الإكراهات الصحية الميدانية وشبه استحالة الاعتماد الصحي لجل المجازر نظرا لعدم استجابتها للشروط الصحية لدفتر التحملات، أصبح شبه مستحيل تطبيق هذه النصوص بعد صدورها بالجريدة الرسمية، مما أجبر إدارة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية على إصدار قرارات متتالية تأمر المصالح البيطرية بالتمديد الزمني لتسليم الشواهد الصحية في غياب مجازر معتمدة صحيا. هذه القرارات أثارت حفيظة اللجنة الوطنية للأطباء البياطرة المفتشين التي تبرأت منها واعتبرتها غير قانونية. الذبح الصحي Abattage sanitaire عملية ذبح الأبقار المصابة ببعض الأمراض المتنقلة للإنسان، خاصة «سل الأبقار» ومرض «الإجهاض المعدي» في إطار برامج وطنية لمحاربة انتشار هذه الأمراض المعدية، ورغم أهميته ودوره الحيوي لا يوجد نص قانوني يؤطر بشكل دقيق مجال الذبح الصحي في المغرب بالرغم من حساسيته المطلقة. وبإلقاء نظرة على قرار وزارة الفلاحة والصيد البحري رقم 13-837 الصادر في 8 مارس 2013 المتعلق بالتدابير التكميلية والخاصة لمحاربة داء السل عند الأبقار وخاصة المادة 10 التي تحدد شروط وحدات تربية الأبقار التي تريد التوفر أو الاحتفاظ على صفة «سليمة رسميا من داء السل عند الأبقار». لهذا تتم المراقبة المنتظمة للأبقار في حالة ثبوت الإصابة، فيتم وشمها بحروف TB وفقا للمادة 18 من القرار نفسه وتوجيهها إلى مجزرة معتمدة مرفقة بشهادة جواز المرور طبقا للمادة 19. نسبة حجز اللحوم والأسقاط مرتبطة بالفحص الصحي بالعين المجردة، قد يكون كليا أو جزئيا، وتحدد قيمة التعويض الذي يصرف لكل فلاح. وهنا لا بد من طرح تساؤل بخصوص هل الفحص بالعين المجردة للحوم بقرة مصابة بداء السل كاف لضمان سلامة أجزائها الموجهة للاستهلاك البشري؟ مع التأكيد على ملاحظة أن الأمر يتعلق بمرض معدي بين الأبقار وكذلك متنقل للإنسان، لكن أمام غياب نص قانوني يلزم توجيه الأبقار المصابة إلى أقرب مجزرة بالجهة وكذلك عدم توفر كل جهة على مجزرة معتمدة بها مكان مخصص للذبح الصحي، يجعل اختيار وجهة الذبح تبقى لصالح وحدة التربية وقد تقطع البقرة المصابة مئات الكيلوميترات. اقتراحات إصلاح قطاع اللحوم إن الوضع الصحي المزري الذي تعيشه جل المجازر المغربية راجع إلى انعدام إرادة حقيقية ليس فقط للحكومة المغربية، بل للدولة المغربية بمؤسساتها التشريعية، التنفيذية، التقييمية والتوجيهية، لأنه عندما نتكلم عن المجازر، فيجب النظر إليها من شتى الزوايا، مما أضحى يستلزم إنجاز دراسة ميدانية من طرف المؤسسات الرسمية لتشخيص صحي، بيئي واجتماعي دقيق لمختلف المجازر المغربية، عوض الاكتفاء فقط بإحصاء عدد المجازر وطاقتها الإنتاجية. كما تستوجب الأوضاع الحالية ضرورة إعادة النظر في الترسانة القانونية المؤطرة لمجال اللحوم الحمراء بالمغرب مقارنة مع نظيرتها المؤطرة للحوم البيضاء، إذ نلاحظ أنها تعاني من تقادم أغلب نصوصها وتناثر محتوى هذه الأخيرة، لذلك أصبح من الضروري وضع نص قانوني يتسم بالشمولية ومعزز بنصوص تطبيقية تملأ الثغرات الحالية وتساهم بشكل فعلي في الرفع من الترسانة ليس فقط على مستوى الشروط الصحية للمجازر، وإنما كذلك تدبير وتنظيم العمل بالمجازر، بالإضافة إلى الفحص الصحي، الختم البيطري للحوم وكذا الجوانب المتعلقة بتهيئتها، ونقلها، وتنقلها داخل التراب الوطني، وعمليات التقطيع والتحويل دون إغفال الذبيحة الصحية. إلى جانب ذلك يجب اعتماد مقاربة إصلاح ترتكز على مبدأ التصنيف الصحي عوض الاعتماد الصحي، وترتكز المقاربة الصحية لوحدات إنتاج وتصنيع المواد الغذائية على مبدأ «الاعتماد الصحي»، أما بالنسبة للمجازر، فمن الناجع نهج مقاربة «التصنيف الصحي» وذلك بوضع أربع درجات صحية وفق دفاتر تحملات مضبوطة. وسيمكن ذلك من تسطير جدول زمني لوضع استراتيجية إصلاح هيكلي متدرج وفق هذا التصنيف، ويبقى نجاحه رهينا برصد الاعتمادات المادية الضرورية وآليات استغلالها على أنجع وجه. ولخلق مناخ من المنافسة والتحفيز على التأهيل الصحي للمجازر، يمكن وضع خريطة وطنية لتنقل اللحوم تتلاءم مع هذا الإصلاح التدريجي. «الرياشة».. مجازر عشوائية تلوث لحوم الدواجن 11 في المائة من تسممات الأغذية في المغرب ناتجة عن الدواجن الفاسدة إذا كانت اللحوم الحمراء والحليب ومشتقاته تتصدر عدد حالات التسممات الغذائية في المغرب، فإن الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة تكشف أيضا أن 11 في المائة من مجموع حالات التسمم المسجلة بين سنتي 2008 و2013، والتي تتراوح سنويا بين 1000 و1600 حالة، ناتجة عن وجبات تم إعدادها من لحوم دجاج فاسد وباقي أنواع الطيور. التسممات الناتجة عن الدواجن تطرح السؤال عن المسار الذي تأخذه عملية إنتاج من الوحدات المتخصصة في تربية الدواجن إلى مائدة المستهلك، خاصة فيما يتعلق بعملية الذبح التي تجري في عدد كبير من المحلات خارج أي مراقبة، وفي مجازر عشوائية تنتشر في مختلف المدن المغربية. عملية إنتاج الدجاج في المغرب تتم في عدد من الوحدات الكبرى بتقنيات متطورة تعرف ب«التفقيس الاصطناعي». فبعد تجهيز البيض المخصب، تنطلق عملية الحضن في آلات جد متطورة تحاكي دور الدجاجة الأم، حيث يتم في مرحلة أولى حضن البيضة بمنحها درجة حرارة تصل إلى 37.7 درجة. هذه الآلة تقوم بعملية تحريك البيض، وأي خلل في هذا المسار قد يؤدي إلى اختلالات في تطور الجنين، وبالتالي خسائر في المردودية. بعض الخبراء يطرحون السؤال عن نوعية التغذية التي تمنح للدواجن بغية الرفع من الإنتاج، من قبيل بعض المضادات الحيوية. سؤال يرد عليه المهنيون بنفي استعمال أي هرمونات أو مواد علفية غير مرخص لها، على اعتبار أن المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية تجري عملية المراقبة في مختلف أطوار الإنتاج، ومنها استيراد المواد الأولية التي يتم الترخيص لها، إضافة إلى كون صناعة الأعلاف المركبة تخضع للتتبع والمراقبة والترخيص المسبق وفق معايير دقيقة. بيد أن هذه المراقبة التي تتم على مستوى وحدات الإنتاج وصناعة الأعلاف، لا تشمل ترويج الدواجن في الأسواق الشعبية التي مازالت تعرف حالة من الفوضى سواء فيما يتعلق ببيع مختلف أنواع الطيور، أو أيضا في المجازر أو ما يسمى ب»الرياشة» التي تقوم بالذبح وإعداد اللحوم البيضاء. هذا المعطى يكشف أن عملية ذبح الدواجن تتم في أغلب الأحيان في ظروف غير صحية وفي غياب تام لشروط السلامة التي تضمن جودة هذه اللحوم، ومنها غياب معدات التبريد واستعمال مياه ملوثة تشكل خطرا على صحة المستهلك. هذه المخاطر ترتبط بإشكالية أساسية، وهي أن أغلب محلات بيع الدواجن المنتشرة في المدن المغربية توفر خدمة الذبح داخل الوحدات نفسها المخصصة للبيع، وهو ما يوفر فضاء ملائما لتلوث هذه اللحوم. انتشار هذه المجازر العشوائية يتم في الوقت الذي يمنع القانون المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة وبمراقبة إنتاج وتسويق منتوجاتها، الجمع في محل واحد بين نشاطي الاتجار في الطيور الداجنة الحية من جهة، ولحومها من جهة أخرى. بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية للمستهلك، أكد في تصريح ل»المساء» أن القانون 49-99 المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة ومراقبتها يشكل طفرة نوعية في مجال الإنتاج الحيواني في المغرب. بيد أن المتحدث ذاته أشار إلى تنفيذ مختلف البنود الواردة في هذا القانون، إلا فيما يتعلق بجانب التسويق ونقط البيع التي مازالت تشكل نقطة سوداء على مستوى تطبيق هذا النص. وأضاف أن هناك عمليات ذبح الدواجن التي تتم في «الرياشات» وأخرى تتم بخارجها، وأعطى هنا مثالا بسوق الدارالبيضاء الذي وصفه ما يقع بداخله ب»الكارثة العظمى». وسجل في هذا السياق أنه «من العيب أن تتحدث وزارة الصحة والجهات المعنية عن حماية المستهلك، في الوقت الذي يشكل هذا السوق وصمة عار في العاصمة الاقتصادية للبلاد». ويرى خراطي أن «ما زاد الطين بلة هو أن مجلس مدينة الدارالبيضاء يسعى إلى الترخيص لعملية الذبح في هذه الأماكن، رغم أن القانون 49-99 يؤكد بأن ذبح الدجاج لا يتم إلا في المجازر المرخصة، والتي لا يتجاوز عددها على الصعيد الوطني 27 مجزرة متخصصة في ذبح الدجاج، منها 4 مجازر لا تشتغل». ويضيف أنه مقابل وجود هذه المجازر المرخص لها، فالواقع يعرف انتشار محلات الذبح العشوائية المتواجدة في مختلف المدن، حيث تقدم محلات بيع الدجاج خدمة الذبح وبيع اللحوم البيضاء للمستهلك. وزاد المتحدث ذاته موضحا في هذا الإطار: «هذه النقط يتم استغلالها من طرف المجالس المنتخبة، باعتبار أنها تشكل أصواتا انتخابية وبالتالي لا يتم اتخاذ أي إجراء ضد مسيري هذه المحلات، رغم أنها لا تتوفر على الترخيص الإداري من المجالس الجماعية إلا في حالات نادرة». وذهب رئيس الجامعة المغربية للمستهلك إلى أن الاهتمام الكبير بما هو اجتماعي من خلال التغاضي على الذبح الذي يجري في محلات بيع الدجاج الحي له أثر سلبي على الجانب الصحي، على اعتبار أن عدم الاهتمام بما هو صحي يجعل الدولة تؤدي الكلفة عالية، بالنظر إلى أن انتشار هذه المجازر العشوائية يتسبب في تكاثر الأمراض وبالتالي مصاريف متزايدة لعلاج المواطنين. الدكتور سرتاني*: اللحوم المذبوحة في المجازر غير مهيأة في ظروف صحية أكد ل«المساء» أن هناك احتمال لتلوث اللحوم بميكروبات تعيش عادة داخل الجهاز الهضمي لحيوانات – هل المغاربة يستهلكون لحوما مرخصة مذبوحة داخل مجازر مرخصة؟ وما هي الجدوى من ترخيص اللحوم بتلك الأختام إذا كانت المجازر غير مرخصة؟ إن الختم الصحي البيطري الموضوع على قصبات اللحوم، بغض النظر عن لونه الذي لديه ارتباط بالجودة، يشهد بضمانتين صحيتين أن اللحوم والأسقاط سليمة من كل مرض متنقل من الحيوان إلى الإنسان، وأنها مهيأة في ظروف صحية، إلا أن الشرط الثاني غير مستوفي في جل المجازر المغربية. هذا الوضع ليس وليد الأمس والمقاربة الصحية بمجازر اللحوم الحمراء جد مختلفة مقارنة مع باقي المنتجات الغذائية لأن تشييد، تجهيز وتدبير، أو تفويض تدبير جل المجازر بالمغرب يتم تحت سلطة الجماعات المحلية، في حين أن مسؤولية ضمان السلامة الصحية لهذه المنتجات يعود للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. فالتزاما بالضوابط القانونية، تم نهج مبدأ الاعتماد الصحي للمجازر وفق دفاتر تحملات تحتوي على جميع الشروط الصحية، ولتحفيز الجماعات وكذا القطاع الخاص للاستثمار، في هذا المجال تم الاشتراط القانوني لتسليم شواهد صحية تخول تنقل اللحوم على الصعيد الوطني فقط داخل المجازر المعتمدة. إلا أن تطبيق هذه المنهجية اصطدم بالواقع الميداني والاعتبارات الموازية، لهذا فإرساؤه الحقيقي رهين، ليس فقط بتوفر إرادة إدارية، أو حتى قطاعية، بل حكومية عبر تعبئة جميع القطاعات المتدخلة ورصد الاعتمادات الضرورية من أجل تسطير برنامج واضح المعالم يرمي إلى تأهيل المجازر وفق مبدأ «التصنيف الصحي» وليس «الاعتماد الصحي»، لأن هذه المقاربة المعتمدة من طرف العديد من الدول المتقدمة، تمكن من نهج إصلاح تدريجي وفق أجندة زمنية واضحة دون التأثير على تزويد السوق الداخلية. - ما هي مخاطر اللحوم المذبوحة في أوساط غير مناسبة على صحة المستهلك؟ تتجلى أهم الأخطار الصحية في ارتفاع درجة احتمال تلوث اللحوم بميكروبات تعيش عادة داخل الجهاز الهضمي لحيوانات الجزارة، كالاشريشيا القولونية، السالمونيلا وبعض أنواع الكلوستريديا. فطريقة استهلاك اللحوم الحمراء بالمغرب تساعد على بلوغ درجة حرارة مهمة تمكن من توفير حماية مهمة ضد هذه الأخطار البيولوجية. - هل تشكل لحوم الذبيحة الصحية خطرا على صحة المغاربة إذا لم تخضع للمراقبة اللازمة؟ تتم عملية الذبح الصحي Abattage sanitaire في بعض المجازر المغربية التي تتوفر على قاعة مخصصة لهذا الغرض، في إطار برامج وطنية لمحاربة بعض الأمراض الحيوانية المعدية عند الصنف البقري، خاصة داء السل البقري وحمى الإجهاض المعدي، وذلك وفق مبدأ تحفيز وحدات تربية مؤطرة صحيا للكشف المبكر على الحيوانات المصابة وتوجيهها إلى المجازر طبقا لشروط خاصة، وبعد المراقبة الصحية يتم التعويض المادي للمربي على الأجزاء المحجوزة . بالنسبة لحمى الإجهاض المعدي على سبيل المثال، فالدليل المشترك بين المنظمات العالمية للصحة الحيوانية والصحة وكذا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن عدد البكتيريا المسؤولة عن المرض يكون جد مركز داخل بعض الأعضاء كالكبد، الطحان والكلي، والرحم وكذلك الأمعاء التي يتم حجزها، ولكن اللحوم التي توجه للاستهلاك تظل تحتوي على تركيز ضئيل من البكتيريا التي يتم التخلص منها عبر الطهي. في نظرنا، يلزم وقفة تأمل علمي على عملية الذبح الصحي بالمغرب والتي تستحق إطارا قانونيا خاصا يضبط جميع الجوانب المحيطة بها، بالإضافة إلى تحديد جغرافي لتوجيه الحيوانات المصابة حتى لا تصبح بعض المجازر وجهة مفضلة على الصعيد الوطني، وكذلك إصدار ختم خاص للحوم الذبح الصحي. - هل تعتقدون أن الأطباء البياطرة المفتشين تتوفر لهم الظروف المناسبة للقيام بعمليات المراقبة داخل المجازر؟ تعد المراقبة الصحية أو الفحص الصحي لحيوانات الجزارة ولحومها حلقة أساسية لضمان سلامتها الصحية، ولكن تطبيق مراحلها وفق الضوابط القانونية كما وردت في القرار الوزاري رقم 1491.13 ل 3 ماي 2013 يصطدم بجملة من الإكراهات الميدانية داخل العديد من المجازر المغربية. إن الوضع الصحي المتردي للمنشآت والتجهيزات، غياب إطار قانوني يلزم تحديد أوقات وكيفية اشتغال المجازر، بالإضافة إلى شروط إجراء المراقبة، ناهيك على انعدام توفير السلامة الجسدية للمفتشين البيطريين، سواء الأطباء أو التقنيين، أمام أعداد هائلة من أشخاص لا تحمل حتى بطائق مهنية، يجعل من ظروف ممارسة الفحص أمرا معقدا بجميع المقاييس. - ما هي الأخطار التي يمكن أن تنجم عن عدم وجود أفران مجهزة لحرق الأسقاط التي يلاحظ البياطرة أنها تشكل خطرا على صحة المستهلك؟ إن غياب وسائل ناجعة للتخلص النهائي من المخلفات الصلبة لعملية تهييء اللحوم وكذا أجزاء القصبات والأسقاط المحجوزة لعدم قابليتها للاستهلاك وفقا للقرارات البيطرية يشكل خطرا حقيقيا على الصحة العمومية والمجال البيئي. فوسائل الإتلاف التقليدية المعتمدة، إذا توفرت، لا توفر الضمانات الصحية الكاملة، فمحيط العديد من المجازر أصبح يلعب دورا جوهريا في انتشار بعض الأمراض الخطيرة المشتركة بين الإنسان والحيوان، ونخص بالذكر مرض الأكياس المائية عبر استهلاك الكلاب الضالة للأعضاء المصابة. * منسق اللجنة الوطنية للأطباء البياطرة المفتشين مافيا عابرة للحدود تغرق أسواق الجملة بالفواكه الفاسدة والخضر يستعينون بشركات تصدير وهمية ومخازن سرية بإسبانيا ويستفيدون من تواطؤ الجمارك ومراكز حفظ الصحة استمر مسلسل الاتجار بصحة المستهلك من طرف مافيات الاتجار في الفواكه المستوردة الفاسدة وحتى الخضر، بعد أن دخلت كميات مهمة من الفواكه الفاسدة عبر نقط حدودية بالشمال، على متن أزيد من 15 شاحنة من الحجم الكبير، لتوزع بأسواق الجملة المعروفة بكل من الدارالبيضاءوأكادير والرباط. التحقيق في خيوط الملف يكشف أن الأمر يتعلق بموز مستورد وكمية كبيرة من الأناناس والعنب المجمد وأطنان من الفراولة الفاسدة، التي مرت عبر المركز الحدودي بطنجة، دون أن تشملها مراقبة العديد من المصالح كقسم حفظ الصحة بميناء طنجة، ورئيس قسم مراقبة الجودة بإدارة الجمارك. الكميات التي تقدر بمئات الأطنان والتي دخلت الدارالبيضاء ومدنا أخرى لا تعتبر الأولى من نوعها، إذ عادة ما تعبر النقط الحدودية بشكل أسبوعي شاحنات كبيرة للتبريد تحمل كميات مهمة من الفواكه الفاسدة. وتبين أن كميات هامة من الأناناس الفاسد كانت قد سبق تهريبها إلى التراب الوطني، وجرى بيعها وتوزيعها لمدة تزيد عن السنة بعد انتهاء تاريخ الصلاحية دون أن يتم ضبطها، في حين لا زال البحث جاريا عن المالك الأصلي للشحنة الذي يتحدر من مدينة أكادير، إضافة إلى صاحب محل للتبريد بسوق الجملة بالبيضاء، اللذين حررت في حقهما مذكرتا بحث على الصعيد الوطني. المعطيات التي كشفت عنها «المساء» حركت لجنة خاصة من وزارة الفلاحة إضافة إلى فتح تحقيق من طرف عناصر الدرك الذين سبق أن أوقفوا سائق شاحنة من الحجم الكبير، كان يقوم بنقل وتوزيع الأناناس الفاسد بالمغرب إلى جانب خمسة أشخاص آخرين، ثلاثة منهم يتحدرون من جهة الشاوية (بائعو فواكه) وتاجران بسوق الجملة. الخطير في الأمر أن الفواكه والكثير من المواد المعلبة تدخل عبر النقط الحدودية دون عرض عينة منها على المختبر التقني للتأكد من صلاحيتها قبل بيعها للمواطنين، علما أن تحليل إحدى العينات من الأناناس الفاسد، التي حجزتها عناصر الدرك، سابقا، أثبتت بعد عرضها على المختبر العلمي أن الماء الموجود بها مسموم يضر بصحة الإنسان ويشبه كثيرا حامض الأسيد. وتبين أن الفواكه، غالبا ما يتم سقيها بمواد كيماوية لتبدو طازجة وصالحة للبيع. فضيحة تسويق الفواكه الفاسدة والخضر سبقتها تحقيقات مع صاحب شاحنة ضبطت محملة بكمية كبيرة من الفواكه الفاسدة التي تم إخراجها من سوق الجملة للخصر والفواكه بالدارالبيضاء. وتبين أن من بين الفواكه الفاسدة كمية كبيرة من فاكهة الكوك والأناناس وغيرهما، إذ انتقلت عناصر الدرك إلى سوق الجملة بالدارالبيضاء لمعرفة التجار الذين يبيعون الفواكه التي تبين أنها فاسدة. الحادث ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن شهد سوق الجملة للخضر والفواكه حالة مماثلة بعد ضبط إدارة السوق أطنانا من فاكهة «الدلاح» و»الأناناس» الفاسدة على متن 3 شاحنات كبيرة وسيارة لنقل البضائع، فاستدعت إدارة سوق الجملة للخضر والفواكه، وقتئذ، تقنيي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومصالح حفظ الصحة التابعة للمجلس الجماعي للدار البيضاء لإتلاف أزيد من 17 طنا من فاكهة «الدلاح» الفاسدة، بعد ضلوع مجموعة من التجار في إدخال كمية كبيرة منها قصد ترويجها للتجار وباعة التقسيط بالأسواق والمحلات التجارية بمدينة الدارالبيضاء. كما فتحت مصالح الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية سيدي عثمان والسلطات الإقليمية بالمنطقة تحقيقا واسعا مع مجموعة من التجار وسائقي الشاحنات المحملة بالفاكهة الفاسدة. وبعد فضيحة الفواكه الفاسدة التي ذاع صيتها بمدن بالشمال حلت لجنة مختلطة تضم مسؤولين أمنيين ومراقبين بمديرية الجمارك وممثلين عن مكاتب حفظ السلامة الصحية بمعابر حدودية بالشمال، بعد أن وردت تقارير خاصة تؤكد إغراق أسواق معينة بالدارالبيضاء والرباط بفواكه وخضر فاسدة ومواد استهلاكية منتهية الصلاحية ولوحظت على علبها تواريخ جديدة مزورة طبعت بتقنية عالية. ويعمد المهربون إلى الاستعانة بشاحنات من الحجم الكبير قادمة من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين محملة بأطنان من البضائع منتهية الصلاحية منها على الخصوص المعلبات التي تباع في عدد من المراكز التجارية المعروفة. وتبين أن هناك مخازن سرية بسوق (الطرنكات)، القريب من النقطة الحدودية باب سبتة، خاصة بتخزين المواد الغذائية وإعادة توزيعها على جميع المحلات التجارية. خاصة المختصة في بيع عصير الفواكه والأجبان والفواكه المعلبة والفواكه الجافة والحلويات، قبل أن يجري شحنها قصد توزيعها بأسواق تجارية مصنفة ومعروفة بالدارالبيضاء والرباط. وتستغل مافيات تهريب المواد الغذائية منتهية الصلاحية عدم عرض السلع أو عينات منها على مختبر بالنقطة الحدودية، نظرا لعدم اشتغال أهم آلياته. وتبين أن مبحوثا عنهم ضمن مافيات التهريب يتوفرون على بعض المحلات السرية تعمل على تزييف تاريخ انتهاء صلاحية الاستهلاك، بعدما يعملون على اقتناء هذه المواد من إسبانيا أو من بعض دول أوربا الشرقية بأثمان رخيصة لإعادة بيعها من جديد بتاريخ مزيف في المنطقة الحرة، التي لا تخضع لأي رقابة من الجهات المسؤولة. وتبين أن عدة أطنان من الفواكه المستوردة دخلت إلى المغرب بثمن يقل بكثير عن ثمنها الحقيقي، نظرا للرسوم الجمركية المؤداة عنها، وقال مصدر «المساء» إن من شأن الأبحاث والتحقيقات التي ستجري في الملف، في حالة أخذها بعين الاعتبار، أن تكشف وقوف مافيا عابرة للحدود مختصة في تهريب المواد الاستهلاكية الفاسدة إلى المملكة عبر سبتةالمحتلة وراء ذلك، كما من المنتظر أن يجري كشف الطريقة التي هربت بها هذه الكميات الكبرى من المواد عبر معبر «باب سبتة»، ما يمكن أن يطيح بعدة رؤوس تغطي على أنشطة التهريب رغم خطورتها على صحة المغاربة. وتشهد أغلب أسواق تطوان وجود كميات كبيرة ومتنوعة من المنتجات الاستهلاكية الإسبانية التي تهرب عبر مركز العبور باب سبتة الحدودي، وتشكل أغلب هذه المواد منتهية الصلاحية والمستقدمة في غالبيتها من مدينة سبتةالمحتلة عن طريق التهريب، خطرا كبيرا على صحة المستهلكين، إذ تباع بوفرة في مختلف الأسواق، وحتى عند الباعة المتجولين الذين يركزون نشاطهم على هذا النوع من التجارة، لرخص ثمن هذه المواد وسرعة بيعها، وانضاف إلى هذه المواد الفواكه الإسبانية وحتى القادمة من دول أخرى كالموز. ونظرا لغياب الوعي عند المواطنين بخطورة هذه الخضر والفواكه والمواد، خاصة منها الغذائية كالحليب والأجبان واليوغورت ومرتديلا التي تتطلب إمكانيات وشروط خاصة لنقلها، فإنهم يقبلون على اقتنائها بشكل كبير، وتشكل المواد الغذائية التي يتم تهريبها عبر نقطة الحدود باب سبتة أكثر نسبة من السلع المعروضة عند جميع المحلات التجارية خاصة المختصة في بيع عصير الفواكه والأجبان والفواكه المعلبة والفواكه الجافة والحلويات، وتعرف إقبالا كبيرا من طرف الزبناء رغم أنها تفتقر إلى الكثير من عناصر الجودة والسلامة الصحية. أسماك صينية فاسدة تهدد صحة المغاربة أعادت الأرقام المخيفة التي كشف عنها وزير الصحة الحسين الوردي يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة اليوم العالمي للصحة بخصوص التسممات التي تهدد صحة المغاربة وجود أسماك صينية منتهية الصلاحية داخل الأسواق المغربية تستعمل داخل بعض المطاعم ويمكن أن تشكل خطرا على الصحة. كلام وزير الصحة كان مبنيا على دراسة دقيقة قام بها المركز الوطني لمحاربة التسممات الغذائية الذي أظهر أن ربع محلات بيع المأكولات تشكل خطرا على صحة المغاربة. هذه الأرقام تزكيها عمليات قامت بها المندوبية الجهوية للمكتب الوطني للسلامة الصحية قبل عدة أشهر بعد أن تم اكتشاف مستودع ضخم للأسماك الفاسدة المستقدمة من الصين يضم أزيد من 50 طنا من الأسماك بحي « البرنوصي» بالدارالبيضاء. وأظهرت التحريات التي باشرتها الشرطة القضائية وجود مافيا تقوم باستيراد الأسماك الفاسدة من الصين نحو ميناء طنجة، ومنها يتم توزيعها عبر بعض المطاعم بمدن الدارالبيضاء، ومراكش. كما أظهرت التحقيقات التي أجريت مع أعضاء المافيا الذين تم توقيفهم أن وسطاء مغاربة تمكنوا من اختراق ميناء طنجة، ليتم من خلاله تمرير أطنان الأسماك الفاسدة، نحو المغرب، قادمة من الصين، حيث أثبت التحقيق أن ضعف المراقبة البيطرية بميناء طنجة المتوسط، كان السبب الرئيس لعمليات المافيات الدولية، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء البيطريين أربعة أطباء، في الوقت الذي يتجاوز فيه عدد الأطباء بميناء الجزيرة الخضراء الأربعة عشر طبيباً. وأظهرت التحقيقات أن شركات وهمية تقوم بالتنسيق مع أصحاب شركات بالصين لاستيراد أطنان من الأسماك المجمدة الصينية، التي تصل المغرب بعد أزيد من 5 أشهر على الأقل، ويتم توزيعها على مطاعم معروفة بكل من مركز المدينة ودرب غلف، إضافة إلى مدن أخرى كالرباط ومراكش وأكادير. وإلى جانب هذه المافيا التي تنخر صحة المغاربة فإن هناك نوعا آخر من الأسماك الصينية تطرح حول جودته علامات استفهام كثيرة، ويتعلق الأمر بالمنتجات البحرية المصطادة في المنطقة البحرية المعروفة باسم 61 التي صنفت من طرف منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» من أخطر المناطق على اعتبار أنها محاطة بالعديد من المفاعلات النووية مما يجعل منها أكثر المناطق البحرية الملوثة إشعاعيا في العالم. ويعرف السوق المغربي وجود أنواع مختلفة من الأسماك والمنتوجات البحرية في مقدمتها الروبيان المستورد من الصين سواء البحري الذي تم اصطياده من المنطقة 61، أو الذي تمت تربيته داخل أحواض كبيرة مخصصة لهذا الغرض، إلى جانب دوائر بيضاء تباع على أساس أنها شرائح كلمار. وإلى جانب المنتجات الصينية يعرف السوق المغربي انتشار نوع آخر من الأسماك يعرف بالبانغا وهو شرائح مجمدة لأسماك تتم تربيتها في غالب الأحيان داخل مزارع في نهر «الميكونغ»، الذي يعرف مستويات عالية من التلوث قبل أن يتم توجيهها إلى التصنيع والتصدير إلى الأسواق الإفريقية والعربية. ومما لا شك فيه أن على المستهلك المغربي أن يعي بأن الأسماك الصينية التي يستهلكها وخاصة منها التي تتم تربيتها في أحواض تعتمد على مجموعة من الأدوية الضارة بالصحة في مجال تربية الأسماك، والتي تم حظر استعمالها دوليا لمعالجة القشريات من بعض الأمراض كالمضاد الحيوي «الكلورومفنيكول»، وهنا لابد من الإشارة إلى أن العديد من التحذيرات الصحية التي تم إطلاقها من طرف الهيئة العامة للغذاء والدواء بالولايات المتحدةالأمريكية خلال السنوات الأخيرة عقب رفض هذه المنتجات البحرية بسبب وجود متبقيات أدوية محظورة عالميا ك»الكلورومفنيكول» و»النيتروفيران» أو بسبب وجود رواسب ملوثات كيمائية أو معدنية.