في خضم التغيرات السياسية التي تشهدها كل من الشقيقتين الجزائروتونس، وإن كان بصيغ مختلفة لا تحتمل أوجه المقارنة بينهما، بين نفس ديمقراطي جميل ببلد ثورة الياسمين، وطغيان الطغمة العسكرية ببلد المليون شهيد، برزت اختبارات متشابهة تهم فقط المجال الرياضي. ففي تونس تم تعيين نجم كرة القدم التونسية طارق ذياب، وزيراً للشباب والرياضة، وهي المرة الثالثة التي ينال فيها الحقيبة الحكومية منذ سنة 2011. بالجزائر كلف نور الدين مرسلي، بمهمة كاتب دولة مُكلف برياضة النخبة، وسبق له أن شغل منصب مستشار بوزارة الشباب والرياضة وسفيرا للمجلس الأولمبي الجزائري، بفضل مساره الرياضي المتميز وتكوينه العالي بحصوله على شهادة خبير في الرياضة من جامعة كاليفورنيا الأمريكية. تعيين يحمل دلالات رمزية بحكم التاريخ الكبير الذي يحمله كل من ذياب والمرسلي، كما أن خضوعهما للتكوين وإغناء التجربة، أهلاهما للقيام بهذا الدور الطلائعي بميدان خبراه طويلا، ومن الممكن أن يقدما الكثير للقطاع ككل، وقدرتهما على تحفيز جل المتدخلين. على المستوى الدولي هناك العديد من الأمثلة الحية التي جعلت من رموز الرياضة قادة من المستوى العالي، راهن عليها مسؤولو بلدانهم، وكانوا في مستوى الثقة، بعد أن منحوا كامل الصلاحيات، ولم يحاصروا مسارهم بخطوط حمراء. في المغرب، شكلت نوال المتوكل الاستثناء إذ تعتبر الرياضية الوحيدة التي تحملت مسؤولية حقيبة الوزارة في مناسبتين، الأولى كانت سنة 1997 ككاتبة دولة في فترة لم تتعد الستة أشهر، والثانية سنة 2007 وكما في المرة الأولى فمقامها لم يدم طويلا، فبعد سنتين فقط عصف بها تعديل حكومي خارج المسؤولية لأسباب لا تتعلق بالكفاءة أو النزاهة أو حسن السلوك، بقدر ما جاءت لحسابات ضيقة ومصالح خاصة فضل أصحابها تعيين منصف بلخياط مكانها، ليتبين فيما بعد أن هذا التعيين الذي اعتبر مفاجئا، يدخل في إطار خدمة لوبي يؤمن بالولاء للمصالح الخاصة. وأثناء تعيين حكومة الكفاءات، كنا ننتظر تكليف أحد الأبطال بمهمة القطاع الرياضي، والعودة مرة أخرى لتجربة نوال المتوكل، إلا أن الأمل خاب، خاصة بعد أن تم الزج بالمجال الرياضي ضمن وزارة تضم خليطا بين الثقافة والاتصال، ليستمر تجاهل قيمة القطاع، وطغيان النظرة الدونية لله، ليرمى به كالعادة ضمن حسابات الأحزاب التي تعجز عن جعل الرياضة ضمن القطاعات التنموية والمنتجة للثروة. فإلى متى تستمر هذه النظرة الضيقة للقطاع الرياضي، ومتى يتم إخراجه من عباءة الحسابات السياسية التي أفسدته أكثر مما أفادته ..!؟