شهد كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين جلسة تضامنية مع الشعب الفلسطيني المحاصر ومع ضحايا مجزرة أسطول الحرية التي ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية في حق مدنيين أبرياء. وبهذه المناسبة تدخل ضمن الجلستين كل من النائبة عائشة القرش والمستشار العربي خربوش باسم فريقي التحالف الاشتراكي في الغرفتين، وننشر فيما يلي نص تدخليهما. النائبة عائشة القرش في الجلسة التضامنية مع الشعب الفلسطيني بمجلس النواب سنظل ندعم هذه القضية إلى أن تتحقق عودة الفلسطينيين المهجرين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة السيد الرئيس، السادة الوزراء المحترمين، أخواتي إخواني النواب المحترمون، أقف أمامكم اليوم وكلي حزن وأسى وغضب على ما تعرضت له قافلة أسطول الحرية من وحشية غير مسبوقة من طرف آلة الغصب والتقتيل الإسرائيلية. وقد كانت هذه القافلة البحرية متوجهة إلى سواحل غزة وعلى متنها العديد من أنصار السلام من مختلف الجنسيات الذين نحييهم بقوة حاملين معهم مساعدات إنسانية لتخفيف الحصار على أهالينا في فلسطين. وقد تربصت بها قوات الجيش الصهيوني وأطلقت النار عليها بشكل عشوائي، مما خلف شهداء رحمهم الله وجرحى نتمنى لهم الشفاء. ونعتبر في فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية ما وقع مشهدا جديدا من مشاهد الغطرسة الإسرائيلية المستهترة بالقيم الإنسانية وبمبادئ القانون الدولي، وصورة من صور تعطش الصهاينة للدم والقتل والاغتصاب. إن تضامننا اليوم كممثلين للشعب المغربي مع الأشقاء في فلسطين السليبة، هو تعبير قوي وواضح على وقوفنا مع هؤلاء الأشقاء في محنتهم اليومية، وهذا ليس غريبا على بلادنا التي تعتبر من أكثر وأنشط الدول العربية في دعم هذه القضية المشروعة التي لم ولن يحد منها البعد الجغرافي. وبالقدر الذي نعتز فيه بمكانة القضية الفلسطينية في قلوب المغاربة بكل مكوناته، فإننا في المقابل نسجل بكل أسف وقوف المنتظم الدولي متفرجا على ما يقع دون تدخل للضغط على الكيان الصهيوني، ووضع حد لتماديه وغطرسته في هذه الحرب غير المتكافئة. إننا نطالب بفتح تحقيق فوري ومحايد فيما وقع، كما أن إصدار قرار لمجلس الأمن الدولي لإدانة ما وقع إن حدث، غير كاف ومحاولة تجاهل هذه الجريمة وعدم إدانتها، هو تزكية للتصرفات الهمجية لحكام إسرائيل. كما نطالب بتحميل إسرائيل كل المسؤولية عن العمل الإجرامي الذي اقترفته. إن الموقف العربي الذي يتسم بكثير من الاختلاف، هو الذي يخلق قوة العدو ويجعله يتمادى في جرائمه البشعة، ولا يمكن والحال هذا، أن نبقى مكتوفي الأيدي، بل علينا كممثلي الأمة وكقوى سياسية حية وفاعلة أن نضاعف جهودنا فعليا لنصرة شعبنا في فلسطين أكثر من ذي قبل. مرة أخرى نجدد تضامننا المطلق واللامشروط مع الشعب الفلسطيني، وسنظل ندعم هذه القضية إلى أن تتحقق عودة الفلسطينيين المهجرين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ونهيب بالشعب المغربي إلى المساهمة بقوة وإنجاح المسيرة التضامنية التي دعت إليها الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني صباح الأحد المقبل بالرباط، وتسجيل مسيرة مليونية جديدة في رصيد المسيرات التضامنية القوية مع شعبنا في فلسطين. المستشار العربي خربوش رئيس فريق التحالف الاشتراكي في الجلسة التضامنية لمجلس المستشارين إسرائيل تضع نفسها اليوم خارج، ليس فقط المجتمع الدولي، بل المجتمع الإنساني ككل السيد الرئيس، السادة المستشارين، باسم فريق التحالف الاشتراكي، أعبر في البداية، عن مشاعر الغضب، وعن موقف التنديد والاستنكار، لما أقدمت عليه إسرائيل من سلوك همجي، غير إنساني، يضرب بعرض الحائط كل القيم المتقاسمة بين كل بني البشر.. سلوك يعبر عن طبيعة هذا الكيان المسمى إسرائيل، الذي يضع نفسه فوق كل القيم، كل القوانين الدولية، ويتحدى المجتمع الدولي والإنساني.. إن الهجوم، على قافلة «الحرية»، وعلى عاملين في مجال العمل الإنساني والخيري، لا يمكن تبريره من طرف أي كان، وبأي شكل من الأشكال. إنه ضرب لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، وللقانون الدولي الإنساني الذي يحمي المدنين والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، ويجرم الاعتداء عليها.. هذه المعاهدات والقوانين الدولية أنتجتها الإنسانية لتنظيم العلاقات بين الناس والدول.. واليوم تضع إسرائيل نفسها خارج، ليس فقط المجتمع الدولي، بل المجتمع الإنساني، وعبرت عن طبيعتها البغيضة والوحشية، وهو ما يتطلب، من المجتمع الدولي، دول ومنظمات دولية، حكومية وغير حكومية، الرد الحازم الذي تتطلبه وحشية هذه المجزرة، والاستهتار الذي عبرت عنه إسرائيل بكل تحد لكل العالم... ومن المؤسف أن تكون ردود الفعل لحد الآن من طرف القوى العظمى والفاعلة في الساحة الدولية، ردود محتشمة، تكتفي بالتأسف، أو مجرد التنديد في أحسن الحالات. فإسرائيل، لم تستهدف الفلسطينيين فقط هذه المرة، بل المجتمع الدولي والإنساني، في شخص قافلة الحرية... لا يمكن لإسرائيل هذه المرة إطلاقا أن تدعي محاربة ما تسميه الإرهاب، ولا أن تدعي حماية أمنها، لأن الأمر يتعلق بمدنيين عزل، سلاحهم فقط القيم الإنسانية، وقيم السلم والتضامن.. وبهذا الخصوص، ندعو مجلسنا إلى التحرك العاجل على المستوى الدولي، في إطار حملة واسعة، وبتنسيق مع كل المؤسسات البرلمانية، جهوية ودولية، ليكون الرد على هذه المجزرة الرهيبة، قويا، فاعلا، ومؤثرا.. إننا، أيها السيدات والسادة، نعمل كمجلس لتطبيق القانون الدولي الإنساني، الذي يخص مثل هذه الحالات بالضبط، وهذه إحدى مداخل التعبئة الدولية، البرلمانية بالخصوص، ضد إسرائيل وجرائمها ضد الإنسانية.. علينا العمل، بكل ما لدينا من إمكانيات التحرك، على دفع المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق دولي نزيه حول هذا الهجوم الشنيع، ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة. وننوه بهذا الخصوص بموقف بلدنا الحازم الذي عبرت عنه وزارة الخارجية باسم كل المغاربة، وندعوها إلى الانخراط، بشكل أكثر قوة في هذه التعبئة الشاملة، على المستوى الدولي، بجانب كل محبي السلم، والحريصين على احترام المواثيق والمعاهدات الدولية. إن إسرائيل تصر، مرة أخرى، على إرجاع المنطقة إلى نقطة الصفر، بعد أن برزت آفاق مواصلة المفاوضات، مما يدل على أن إسرائيل ترفض أي حل سلمي، وتصر على فرض الأمر الواقع، واقع الاحتلال، والحصار الظالم على غزة، وتجويع شعب بأكمله. إن هذا التحدي يدفع، أكثر من أي وقت مضى، إلى قيام الدول العربية والإسلامية، وكل أصدقاء الشعوب ومحبي السلم، إلى الكف عن التفرج، أو الاكتفاء بالبيانات التنديدية. كما ينبغي أن يدفع الفلسطينيين إلى العودة إلى الصواب، ووحدة الصف. فالصراع الفلسطيني- الفلسطيني يشجع إسرائيل على مزيد من التصلب والهمجية، إنه صراع لا معنى له، مادام أن العدو واحد، قوي، ومدعوم من القوى المهيمنة في العالم، ويتطلب الصراع معه وحدة الموقف قبل كل شيء. إننا، إذ نحيي المشاركين في قافلة الحرية على شجاعتهم، وعلى موقفهم الإنساني النبيل، ونترحم على أرواح الشهداء وندعو بالشفاء للجرحى، جسميا ونفسيا، فإننا ندعو شعبنا المغربي، الذي يجعل قضية الشعب الفلسطيني قضية مركزية في وجدانه وتفكيره ّ، ندعوه إلى الخروج في المسيرة التي ستنظم بالرباط، يوم الأحد المقبل للتعبير القوي عن التنديد والتضامن مع الشعب الفلسطيني، والمطالبة برفع الحصار على غزة وكل الأراضي الفلسطينية، والتأكيد، مرة أخرى، على حق الشعب الفلسطيني في العيش، وفي السلم وفي بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.