قوبلت مبادرة الرئيس اليمني الداعية لإعداد دستور جديد يفصل بين السلطات، برفض من أحزاب اللقاء المشترك المعارضة والشباب المعتصم في ساحات «الحرية والتغيير» بصنعاء وعشرات المدن اليمنية، واعتبروا أن الوقت قد «فات» وأن الواقع على الأرض تجاوز المبادرة. وكان علي عبد الله صالح قد أعلن في حشد جماهيري كبير من أنصاره بأكبر ملاعب صنعاء الرياضية عن مبادرة جديدة لحل الأزمة اقترح فيها استفتاء على دستور جديد قبل نهاية العام 2011، والانتقال إلى نظام برلماني تتمتع بموجبه حكومة منتخبة برلمانيا بكافة الصلاحيات التنفيذية. وبرغم تأكيده أن أحزاب المشترك المعارضة سترفض مبادرته الجديدة كما فعلت مع مبادرات سابقة، فإنه يقدمها كما قال «براءة للذمة»، بينما تحدث قيادي بالحزب الحاكم عن أن المبادرة «مقدمة للشعب اليمني» وليس للمعارضة. وبينما رأى مراقبون أن المبادرة جيدة ويمكن تطويرها بشكل يلبي الانتقال السلمي للسلطة، فإن قيادات بأحزاب المعارضة رأوا أن الرئيس صالح لم يأت على ذكر آليات تنفيذية واضحة تؤدي إلى انتقال سلمي وعاجل للسلطة، وقال آخرون إن المبادرة جاءت في وقت متأخر جدا. وقالت أحزاب اللقاء المشترك على لسان الناطق باسمها محمد قحطان في حديث للجزيرة نت إنها وشركاءها سيحددون موقفا رسميا ونهائيا من مبادرة الرئيس في غضون الساعات القادمة، بعد اجتماع لهم يدرسون فيه خطاب صالح. ومع ذلك أكد قحطان أن «المبادرة جاءت متأخرة وخلت من آليات واضحة ومحددة للانتقال السلمي العاجل للسلطة»، وأضاف «الرئيس صالح يحتاج أن يحصل على ثقة شعبه أولا، وبعد ذلك يتحدث عن إجراء إصلاحات في النظام السياسي». من جانبه رأى النائب الاشتراكي عيدروس النقيب في حديث للجزيرة نت أن مبادرة الرئيس «هي عبارة عن مسكنات لمعالجة أزمة السلطة، وليس لحل مشكلة الشعب». وقال «السلطة دخلت اليوم في صراع مع الشعب. هناك ملايين محتشدون في الساحات العامة، يطالبون بإسقاط النظام ورحيل الرئيس، بينما السلطة لا تحسب لهم حسابا، وما زالت تتعامل مع الأمور في سياق المعادلة الثنائية: السلطة والمعارضة». وأضاف «الرئيس غير مستعد أن يصدق أن هؤلاء الملايين من الشباب قد أخرجهم الغبن والقهر والضيم والتهميش والفقر والبطالة والفساد، ولذلك فإن أي حديث عن إصلاحات ينبغي أن يوجه إلى هؤلاء الملايين المتظاهرين، وأن يحظى برضاهم». وبشأن إشارته إلى رفض المعارضة مسبقا مبادرته قال النقيب «شكرا له فقد كان متيقنا مسبقا أن مبادرته لا تلبي حاجة اللحظة التاريخية، ومن الواضح أن الإخوة في السلطة يشتغلون بعقلية ردة الفعل، ويلاحقون الأحداث مع فارق السرعة، فهم يمشون بسرعة السلحفاة، والأحداث تسير بسرعة الصاروخ، ولا يجيدون قراءة الحقائق على الأرض». واعتبر النائب الاشتراكي أن «السلطة هي المشكلة اليوم، ولذلك ليست هي المؤهل لإنتاج الحلول. الشارع طرح خياره، وعلى السلطة أن تستجيب للشارع، وعلى السلطة أن تطمئن بأن الشعب لديه القدرة على إدارة نفسه». وفي مدينة تعز وفور إعلان الرئيس عن إصلاحاته الدستورية، خرج آلاف المتظاهرين في مسيرة تطالبه بالرحيل. وردد المشاركون بالمسيرة التي كان أغلب المشاركين فيها من الطلاب شعارات تدعو إلى رفض أي مبادرات من شأنها أن تدفع في اتجاه بقاء صالح في الحكم. في الأثناء، انضم إلى المعارضين المحتجين بميدان التغيير في صنعاء نحو خمسة آلاف بين طبيب وصيدلي ونحو ستمائة صحفي للمشاركة في احتجاجات تنفذها المعارضة للمطالبة بإسقاط نظام صالح.