استمر التصدع في بنية النظام الليبي وأجهزته الأمنية والدبلوماسية مع دخول الاحتجاجات المناهضة لهذا النظام يومها التاسع، لتصل إلى الدائرة الضيقة المحيطة بالعقيد معمر القذافي، وذلك بعد إعلان ممثله الشخصي بالقاهرة أحمد قذاف الدم انشقاقه عن النظام وطلبه اللجوء السياسي في مصر. وقدم قذاف الدم -الذي يشغل حاليا منصب منسق العلاقات المصرية الليبية- استقالته احتجاجا على ما قال إنه سفك للدماء, وتعامل عنيف مع الشعب الليبي، حسب ما أفاد مدير مكتب الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد. وأشار مصدر في مكتب قذاف الدم -بعد عودة الأخير إلى القاهرة من دمشق- إلى أنه اتخذ قراره «بعد مشاورات ومتابعة لما يجري على الأرض»، وأضاف أنه دعا إلى «جعل ليبيا فوق الجميع والتوقف عن سفك الدماء». ومضى المصدر قائلا إن قذاف الدم -وهو ابن عم العقيد القذافي- أبدى اعتراضه على الطريقة التي يتم التعامل بها مع الشعب الليبي، وإنه يستعد لتسيير قوافل إغاثة إلى بلاده. وشدد على أنه سيعد بنفسه بيانا في وقت لاحق يوزع على وسائل الإعلام. وكان وزير الداخلية الليبي عبد الفتاح العبيدي ووزير العدل مصطفى محمد عبد الجليل قد أعلنا انشقاقهما في وقت سابق عن النظام والتحاقهما بالثائرين عليه في إطار الاحتجاجات المتواصلة من كبار المسؤولين والدبلوماسيين والضباط على استخدام القوة لإخماد احتجاجات الليبيين على النظام. بموازاة ذلك استمرت موجة استقالات سفراء ليبيا في الخارج، حيث قدم سفيرها في الأردن محمد حسن البرغثي استقالته من منصبه احتجاجا على ما يرتكبه النظام في طرابلس ضد الشعب المطالب بالتغيير والديمقراطية. وأعرب البرغثي في مؤتمر صحفي أول أمس الخميس عن إدانته الشديدة لما يرتكبه النظام في ليبيا من قمع للمدنيين العزل، وقال إنه واحد من أبناء الشعب الليبي وسيبقى في خدمته، متمنيا أن يحقق الليبيون أمانيهم بحياة حرة وكريمة وعزيزة. وكان سفراء ليبيا في الجامعة العربية وأذربيجان وإندونيسيا وبولندا ونائب البعثة في الأممالمتحدة وكامل الطاقم الدبلوماسي في الرباط إضافة إلى سفراء ودبلوماسيين آخرين قد قدموا استقالاتهم من مناصبهم للأسباب نفسها. وعلى المستوى الداخلي تواصلت موجة الاستقالات من الأجهزة الأمنية ووحدات الجيش، حيث أعلن قائد المنطقة الشرقية اللواء سليمان محمود استقالته، مشيرا في حديث للجزيرة إلى أنه يرفض قمع المدنيين العزل وأنه سبق له أن عبر للقذافي نفسه عن رفضه لتوريث السلطة، مما أدى إلى تهميشه في السنوات الثلاث الأخيرة. وفي تطور لاحق، أصدر ضباط وجنود قاعدة بنينة الجوية الواقعة بضاحية بنغازي بيانا يؤيدون فيه الثورة ضد نظام القذافي. وتلا آمر السرب العمودي بقاعدة بنينة الجوية في بنغازي العميد طيار حسين عوض أورفلي بيانا عبر فيه عن انضمامه إلى ثورة 17 فبراير واستعداده للموت من أجل ليبيا. وأدى هجوم كتائب أمنية موالية للعقيد القذافي على مدينة الزاوية غربي ليبيا أيضا لحصول مزيد من الانشقاقات داخل الجيش، حيث أفادت مصادر للجزيرة من الزاوية بأن بعض الضباط في هذه المدينة انشقوا عن النظام والتحقوا بالمتظاهرين. وعلى صعيد الأجهزة الأمنية أعلن مدير أمن شعبية بنغازي العميد علي محمود هويدي استقالته من منصبه واستعداده للانضمام إلى شباب الثورة. وقال هويدي إن ما رآه من استعمال مفرط للقوة وفتك بالأرواح هو السبب وراء قراره. وبث موقع فيسبوك كذلك شريطا مسجلا لمدير الإدارة العامة للبحث الجنائي ببنغازي العميد صالح مازق عبد الرحيم البرعصي، وهو يعلن استقالته من منصبه تضامنا مع مدينته احتجاجا على استخدام السلطات الليبية مرتزقة أجانب في ملاحقة المتظاهرين. كما أعلن عدد من مديري البحث الجنائي ومديري الأمن في عدد من المحافظات الليبية الاستقالة من مناصبهم تضامنا مع المتظاهرين، واحتجاجا على استخدام السلطات الليبية مرتزقة أجانب في ضربهم. في المقابل عبر القيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة عبد الحكيم الحصادي عن رفضه للاتهامات التي وجهها له معمر القذافي وابنه سيف الإسلام حيث قالا إنه ضالع في محاولة تفتيت وحدة ليبيا عبر إقامة إمارة إسلامية في مدينة درنة شرق البلاد. وقال في تسجيل حصري للجزيرة إن الزعيم الليبي استغل كونه سجينا سياسيا سابقا وأحد المشاركين في ثورة 17 فبراير ليوجه له التهمة، مشددا على أن كلام القذافي عار عن الصحة وأن «طرابلس هي العاصمة الأبدية للوطن الليبي.