قال عمر سليمان نائب الرئيس المصري أول أمس الثلاثاء إن مصر لديها خطة وجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة بينما تمسك المتظاهرون الساعون إلى تنحية الرئيس حسني مبارك بموقفهم. ومع تنامي المؤشرات على أن الحكومة المصرية ربما أصبح لها اليد العليا في الصراع على السلطة وعد سليمان بألا تلاحق الحكومة المحتجين الذين يطالبون بتنحي مبارك (82 عاما) الذي يمسك بالسلطة منذ 30 عاما. لكن المحتجين المعتصمين في قلب ميدان التحرير بوسط القاهرة اتهموا الحكومة بمحاولة كسب الوقت وتعهدوا بعدم الاستسلام إلى أن تكتمل «نصف الثورة» الراهنة. وقال سليمان رئيس المخابرات السابق لفترة طويلة الذي يقود المحادثات مع جماعات معارضة منها الاخوان المسلمون عدو مبارك الصريح في تصريحات بثها التلفزيون المصري بعد أن اطلع مبارك على نتائج الحوار «عرضت على السيد الرئيس اجتماعات الحوار الوطنى مع كافة القوى السياسية بما في ذلك شباب 25 يناير وما خلص إليه الحوار من توافق مبدئى فى الآراء والمواقف. «وأبدى السيد الرئيس ترحيبه بهذا الوفاق الوطنى مؤكدا أنه يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة الراهنة ومشددا على ضرورة مواصلته والانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه إلى خريطة طريق واضحة بجدول زمنى محدد تمضى بمصر على طريق الانتقال السلمى والمنظم للسلطة في إطار احترام الشرعية الدستورية». وقدمت الحكومة حتى الآن القليل من التنازلات في محادثاتها مع المعارضة. وبدا مبارك الذي وعد بعدم الترشح لدى انتهاء فترة رئاسته في سبتمبر أيلول القادم كمن تغلب على العاصفة التي تحيق بمصر على الأقل في الوقت الراهن. وجرت المفاوضات بين الحكومة وفصائل من المعارضة يوم الأحد الماضي في قاعة علقت فيها صورة ضخمة لمبارك الرجل الذي تطالب احتجاجات الشوارع بتنحيه فورا. وتعهد المحتجون المعتصمون في خيام بميدان التحرير بوسط القاهرة بالبقاء إلى أن يتنحى مبارك وهم يأملون أن تنطلق مظاهرات حاشدة يومي الثلاثاء والجمعة. وشارك مئات الآلاف في المظاهرات السابقة وتقول الأممالمتحدة أنها قد تكون أسفرت عن سقوط 300 قتيل حتى الآن. لكن كثيرين أيضا في بلد يعيش فيه نحو 40 في المئة على أقل من دولارين في اليوم يتلهفون على العودة إلى العمل وعودة الحياة إلى طبيعتها وان كان بعضهم متفق على الرغبة في الاطاحة بمبارك. ويتشكك كثيرون من المحتجين في ميدان التحرير في المحادثات وفي تحركات الحكومة. وقالت عفاف ناجد (71 عاما) عضو مجلس الإدارة السابق بالبنك الأهلي المصري «أنا أول مرة أجي هنا النهاردة لان الحكومة دي فاشلة ومبارك مازال يجتمع مع نفس الوجوه القبيحة...هو لا يصدق ان اللعبة انتهت. هو راجل عنيد جدا. وأيضا الإعلام الحكومي بيكذب علينا». وقال جابر يوسف حسين وهو سائق يعمل في السياحة (52 عاما) من مدينة أسوان «كل يوم العدد بيزيد ووعي الناس بيزيد. وربنا كل يوم بيكشف مبارك. «هاموت هنا لو مبارك ممشيش». ورفع حسين لافتة كتب عليها «الحوار يطيل حياة النظام ويمنحه قبلة الحياة. لا حوار حتى يرحل مبارك». وقال أيمن فرج وهو محام من غرب القاهرة «مفيش جديد في الحوار. اللي حصل لغاية دلوقتي هو مجرد نصف ثورة وأتمنى أن تستمر للنهاية». وعادت حركة المرور على استحياء إلى منطقة وسط البلد اليوم وسرعان ما تشكلت طوابير أمام البنوك التي تفتح أبوابها لفترة قصيرة. وقد يعطي الإفراج عن وائل غنيم المدير في شركة جوجل الاثنين الماضي في القاهرة الذي قال إنه كان معصوب العينين طوال فترة احتجازه لدى جهاز أمن الدولة دفعة للمحتجين. وكانت جوجل قالت الأسبوع الماضي أن غنيم مدير التسويق في غوغل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم يره أحد منذ 27 من يناير أي بعد يومين من تفجر الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مصر. وقال نشطاء إن غنيم شارك في تأسيس «كلنا خالد سعيد» وهي مجموعة مناهضة للتعذيب على موقع فيسبوك تأخذ اسمها من اسم نشط تقول جماعات حقوقية ان رجال الشرطة ضربوه حتى الموت في مدينة الإسكندرية. ويواجه اثنان من رجال الشرطة الآن المحاكمة في هذه القضية. وينسب إلى هذه الجماعة الفضل في إشعال شرارة الصيحات الشعبية المناهضة للتعذيب على أيدي الشرطة والمساعدة في الهام الاحتجاجات المطالبة بإنهاء حكم مبارك الذي مضى عليه 30 عاما. وقال غنيم لقناة دريم الفضائية التلفزيونية «أنا لست رمزا أو بطلا أو أي شيء كهذا لكن ما حدث لي جريمة». وأضاف قوله «اذا أردت القبض علي فهذا من حقك ولكن توجد قوانين وأنا لست ارهابيا ولا تاجر مخدرات». وقال انه يجب اسقاط النظام الحالي في مصر الذي وصفه بأنه يحظر حرية التعبير. وجاء في موقع فيسبوك الاجتماعي على شبكة الانترنت بعد بث مقابلة غنيم ان «كل من شاهد المقابلة مع وائل غنيم ولا يذهب الى التحرير /الثلاثاء/ لا قلب له». ووعد سليمان بوضع حد للتضييق على المحتجين وقال «شدد السيد الرئيس على أن شباب مصر يستحقون تقدير الوطن.. وأصدر تعليماته بالامتناع عن ملاحقتهم أو التضييق عليهم أو مصادرة حقهم فى حرية الرأى والتعبير». وقالت شخصيات مصرية معارضة انه لم يتحقق الكثير خلال الحوار مع الحكومة. وقالت جماعة الاخوان المسلمين أكثر جماعات المعارضة تنظيما أمس الاثنين أنها قد تنسحب من المحادثات التي بدأت مع الحكومة اذا لم يتم الوفاء بمطالب المحتجين ومنها التنحي الفوري لمبارك. ولكن الرئيس الامريكي باراك أوباما قال إن المحادثات الجارية لحل الأزمة في مصر تحرز تقدما وقال أوباما للصحفيين في واشنطن «من الواضح انه يجب أن تتفاوض مصر بشأن طريق للمضي قدما وهم يحققون تقدما». ودعت الولاياتالمتحدة التي تتبنى نهجا حذرا تجاه الأزمة كل الأطراف إلى إمهال الوقت «لفترة انتقالية منظمة» من أجل نظام سياسي جديد في مصر الحليف الاستراتيجي لعقود. ولكن المتظاهرين يشعرون بالقلق من أن يحل محل مبارك بعد رحيله حاكم مستبد آخر وإلا تتحقق الديمقراطية التي يأملون بها. ورفض كثير من الشبان في ميدان التحرير يوم الاثنين الحوار السياسي الذي يجري. وتدعو المعارضة الى اعادة كتابة الدستور من أجل السماح باجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة ووضع حد لفترة تولي الرئاسة وحل البرلمان واطلاق سراح السجناء السياسيين والغاء قانون الطوارئ. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس أن مبارك شكل /لجنة دستورية/ تتولى دراسة التعديلات المطلوبة في الدستور و(لجنة للمتابعة) تتولى متابعة تنفيذ ما تتفق عليه أطراف الحوار الوطنى. ورأس مبارك أمس أول اجتماع للحكومة الجديدة التي وعدت بالحفاظ على الدعم كاملا وجذب الاستثمارات الأجنبية. ويخشى حلفاء مصر في الغرب من صعود الإخوان المسلمين المحتمل إلى السلطة وتخشى إسرائيل التي تربطها بمصر اتفاقية سلام من ذلك أيضا. وقال أوباما يوم الأحد الماضي إن جماعة الإخوان تفتقر إلى دعم الأغلبية. وعبر البيت الأبيض عن قلقه أمس من حديث الاخوان «المناهض للولايات المتحدة» لكنه لم يصل إلى حد القول إن الولاياتالمتحدة ستعارض اضطلاع الاخوان بدور في أي حكومة مصرية مستقبلا. وقال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الابيض «لدينا خلافات كبيرة (مع الاخوان) «. وحاول الجيش رغبة منه في تسيير حركة المرور بميدان التحرير أن يقلل من مساحة الاعتصام. ويعد دور الجيش خلال الأسابيع المقبلة مهما لمستقبل مصر.