كان غلق المغرب لمعبر بني أنصار بين مدينتي الناظور ومليلة المحتلة، لمدة شهرين كاملين، كافيا لتدمير اقتصاد هذه المدينة، التي اتضح أن معاملاتها المالية مبينة على السوق المغربية بالدرجة الأولى، وهو ما أشار إليه حاكم المدينة خوان خوسي إمبرودا في مناسبات عديدة. فبعد سلسلة من الاتصالات التي أجرتها حكومة مليلية السليبة مع مدريد قصد التدخل لدى الرباط، لرفع الحظر على المدينة، وعودة النشاط التجاري إلى حالته الطبيعية، وبعد سلسلة الاحتجاجات التي نظمها أرباب المصانع والمعامل بالمدينة ذاتها، وعدم استجابة الحكومة المغربية لكل هذه النداءات، لجأ خوسي إمبرودا إلى بروكسيل يشكي حال اقتصاد المدينة التي هوت أرقام اقتصادياتها. وكشف حاكم مدينة مليلية، في تصريح صحافي لوسائل الإعلام المحلية، أن مجلس المدينة، وبعد انتظار طويل لإعادة فتح الحدود من طرف المغرب، الذي قرر مطلع شهر غشت غلقه، بهدف تنشيط ميناء الناظور، توجهت المدينة إلى بروكسيل لتمنح لها بعض أسواق الدول الأوروبية من أجل تسويق بضاعتها. وأفاد خوسي إمبرودا أن غلق الحدود كلف الحكومة الإسبانية ملايين الأوروات وتسبب في أزمة اقتصادية لم يسبق لها أن عصفت بهذه المدينة منذ سنوات طويلة، لاسيما وأن حجم المبادلات التجارية بين المغرب ومليلية المحتلة يتجاوز كل سنة 1500 مليون أورو سنويا. وكانت البنوك المحلية بالمدينة، قد هددت، في وقت سابق، 800 شركة بالمتابعة القضائية، بعد عجزها عن أداء الديون التي بذمتها، والتي تراكمت خلال المدة الأخيرة بعد دخول قرار غلق المعبر حيز التنفيذ. ورغم مساعي مدريد التدخل لحل الأزمة، إلا أن الرباط كانت مقتنعة بالخطوة التي أقدمت عليها، والتي وصفها مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، ب “الإجراء السيادي والعادي”. وفي الوقت الذي لم تكشف فيه الرباط عن الأسباب الكامنة وراء اتخاذ قرار غلق هذا المعبر البري، أوضحت وسائل إعلام إسبانية، أن التهرب الضريبي، والتهريب الذي يغرق الأسواق المغربية، أحد الأسباب الرئيسية لهذا الإجراء. وتشير الأرقام أن 70 في المائة من السلع التي تدخل إلى المغرب، هي سلع غير مؤدى عنها لدى مصالح الجمارك، وهو ما ينعكس سلبا على خزينة الدولة التي تتكبد خسائر مالية فادحة. وفي سياق متصل، نبه أرباب الشركات بمليلية إلى أن حجم التضخم وصل إلى مستويات قياسية، الأمر الذي يهدد استمرار نشاط هذه الشركات إذا استمرت الأزمة على هذا الحال، مراهنين على إعادة فتح الحدود مع المغرب، خصوصا وأن السوق المغربية لا تكلفهم أموالا كبيرة لبيع سلعهم.