شهدت ساحة قصبة تاوريرت، انطلاقة فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الوطني لفن أحواش الذي تنظمه وزارة الثقافة والاتصال، بشراكة مع عمالة وارزازات ومجلس جهة درعة تافيلالت والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي والجمعيات والفرق الثقافية المهتمة بفنون أحواش، تحت شعار "التراث الثقافي رهان التنمية المستدامة. وانطلق كرنفال الفرق المشاركة من ساحة الموحدين ليقدم لوحات فنية متنوعة أمام الجمهور الكبير الذي ملأ مدرجات ساحة قصبة تاوريرت عن آخرها. وقام محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال والوفد المرافق بزيارة المعارض والورشات الفنية ببهو قصر تاوريرت. ووقف لحسن الشرفي المدير الجهوي للوزارة عند غنى وتنوع تراث الجهة والإقليم المادي واللامادي الذي يتم الاحتفال اليوم بأحد مكوناته اللامادية البارزة المتمثلة في فن أحواش بإيقاعاته ورقصاته الجماعية، إلى جانب رقصة النحلة بقلعة مكونة وفرقة الركبة بزاكورة وغيرها من الأنماط الفنية التي تحتوي على سمات العالمية التي تحتاج إلى المزيد من الاشتغال من أجل تثمينها. كما استعرض مختلف التجهيزات الثقافية التي تتحقق بجهة درعة تافيلالت، من مراكز ثقافية وخزانات ومكتبات وسائطية. وأجمعت كلمة كل من المجلس الإقليمي والمجلس البلدي على الإرادة الجماعية المشتركة، للنهوض بالقطاع الثقافي بمدينة وارزازات كرافعة أساسية للتنمية المستدامة بالجهة. إلى ذلك، تقدم وزير الثقافة والاتصال بتقديم تذكار المهرجان وبعض الجوائز والهدايا إلى الفنانة إيجة بازكاغ رائدة فن أحواش، في حين تسلم الفنان آيت عبد الدايم محمد تذكار وهذايا التكريم من الكاتب العام للعمالة، والفنانة الشاعرة الحسانية خديجة العبيدي من رئيس المجلس الاقليمي ممثلة لفرقتي مدينة السمارة ضيف شرف الدورة. وتفاعل الجمهور الكبير طويلا مع اللوحات الفنية المتنوعة التي قدمتها كل من فرقة السمارة ومنتخب أحواش المكون من فرق اطفال "إثران ايت بن حدو" و"القصبة" و"الزاوية الناصرية" ثم منتخب "تماست" و"تفولتوت" وفرقة "الرواد" تلاها عرض للازياء التقليدية للجهة على إيقاعات أحواش دائما، لتختتم السهرة الأولى بلوحات لمنتخب "ونتجكال" و"زناكة". وبمناسبة هذه الدورة، أكد محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال أن المهرجان الوطني لفنون أحواش بورزازات يحتفي بفن من الفنون المغربية الأصيلة التي تشكلت عبر التاريخ، وتربط بين الماضي والحاضر بحمولات ثقافية وفنية تستدعي مزيدا من الإبراز والدراسة، كما أكد على أن إقليمورزازات وباقي تراب الجهة، غني بتراثه المادي من القصور والقصبات وبعض مواقع النقوش الصخرية، ويزخر أيضا بتراث غير مادي يواصل الإبهار وتعزيز إشعاع المملكة الداخلي والخارجي. واعتبر الوزير في هذا الصدد ، أن الفنون الشعبية تأتي في طليعة هذا التراث غير المادي الذي كان ولازال خير سفير للثقافة الوطنية على الساحة الدولية، من قبيل فن أحواش بورزازات، ورقصة النحلة بقلعة مكونة، وفرقة الركبة بزاكورة، وغيرها من الأنماط الفنية المتعددة التي تحتوي كلها على سمات العالمية ولا تحتاج إلا للمزيد من الاشتغال. وأعلن الوزير، أن الوزارة تعمل على إحداث مرصد للدراسات والأبحاث حول التعابير الفنية الأصيلة التي تنظم لها مهرجانات سنوية، سيشكل مركزا للبحث الأكاديمي والفني في هذا التراث الوطني غير المادي، مضيفا أن المرصد سيضم مختصين وممارسين وباحثين في المجال، فضلا عن المصالح المعنية بالوزارة. وأشار الأعرج إلى أن المرصد سيكون هدفه العام هو دراسة المضامين الأدبية والفنية لهذا الموروث الأصيل وحمولاته الاجتماعية والقيمية والتعريف بها، وذلك لضمان المحافظة على روحها وتفادي كل ما يلحقها من تشويه، مع ضمان ممارستها ونقلها إلى العالم وإلى الأجيال القادمة بما يكفي من شروط النقاء والدراية والوعي. وفي ختام كلمته، أوضح أن وزارة الثقافة والاتصال ستستمر بتطبيق الآلية المتمثلة في إقامة مهرجانات تراثية ثقافية سنوية لمختلف تجليات الفنون التراثية العريقة الوطنية، قصد حفظ الذاكرة الوطنية الفنية التراثية. بيان اليوم ***** ندوة المهرجان.. فن أحواش والتراث الثقافي غير المادي احتضن قصر المؤتمرات صباح أول أمس السبت، ندوة فكرية تمحورت حول موضوع « فن أحواش إبداع متميز وإرث متجدر»، بمشاركة الأساتذة مصطفى نامي الباحث في مجال التراث الثقافي، وخديجة الزاهير الباحثة بسلك الدكتوراه في التدبير المجالي، وذلك في إطار فعايات الدورة السابعة لمهرجان فنون أحواش. في مداخلة الباحثة خديجة الزاهير، تحدثت عن مصدر مصطلح «أحواش» ومعانيها في اللغتين الأمازيغية والعربية، قبل أن تنتقل للحديث عن خصوصيات لباس الرقصات عند النساء والرجال ونوعية الآلات الموسيقية المستعملة، ثم عرجت للحديث عن التراث كهوية متجدرة في اللاشعور وعوامل اندثار التراث الثقافي التي حددتها في الجفاف والهجرة والمد الديني الذي كان له التاثير الأكبر في تقهقر واندثار الفنوان الشعبية، ومن ثمة انتقلت للحديث عن أهمية الحفاظ على التراث الثقافي، على اعتبار أن فنون أحواش ليست مجرد أداء رقصات جماعية كبعد فني، ولكنها تتضمن بعدا آخر أكثر عمقا ونضجا هو البعد الهوياتي بعتبارها تجسيما مصغرا للحياة الاجتماعية بواحات درعة. من جهته انطلق الخبير مصطفى نامي من ملاحظة هامة، أشار فيها إلى أن عقد هذه الندوة العلمية الأكاديمية بحضور الممارسين والممارسات لهذا الفن من فرق أحواش مهم جدا لأنه يربط النظري بالتطبيقي. قبل أن يقدم للحضور خلاصة عن التطور الذي عرفه مفهوم «التراث الثقافي غير المادي» الذي انطلق من اليابان، بعدما كانت هناك مصطلحات متعددة ومشتتة لهذا التراث، مذكرا أن ولادة هذا المفهوم بدأت تتبلور من خلال اجتماع الخبراء بمراكش الذي تمحور سنة 1999 حول الفضاءات الثقافية، والذي اعتمدت فيه اليونيسكو إعلان «روائع التراث الشفهي واللامادي للإنسانية»، قبل التخلي عنه وتعويضه في 2003 باتفاقية «التراث الثقافي غير المادي»، معتبرا أن التفاعل بين المجتمع والفرد والطبيعة هو ما ينتج هذا التراث، وتحدث المتدخل بشكل مفصل ومفيد عن عناصر اتفاقية اليونيسكو حول التراث الثقافي غير المادي قبل أن ينتقل للحديث عن وضعه ببلادنا من حيث الاهتمام والتقنين، حيث توقف عند مساهمة المغرب وتوقيعه على الاتفاقية وتسجيل سبع ملفات كتراث غير مادي للإنسانية، من بينها ساحة جامع الفنا، وموسم طاطان، ومهرجان حب الملوك… وكذا المجهودات التي بذلتها الوزارة الوصية في هذا الاتجاه، دون أن ينسى التذكير ببعض العوامل السلبية، ومن بينها عدم إصدار قانون حول تدبير التراث التقافي غير المادي الذي ظل مشروعه رهين الأمانة العامة للحكومة منذ سنة 2010. واختتمت الندوة التي أدارها جمال البوقعة، بنقاش أكاديمي مثمر، بمساهمة أساتذة باحثين ومثقفين، ومسؤولين قطاعيين، وكان مثيرا تدخل بعض فناني فرق أحواش الحاضرة، تحدثوا فيها عن المشاكل والإكراهات التي تواجهها فرقهم، داعين الوزارة الوصية إلى الاعتناء بفناني هذه الفرق وتمكينهم كخطوة أولى من بطاقة الفنان.