الاتحاد العام التونسي للشغل يعلن عدم اعترافه بالحكومة الجديدة وحزب التجديد يهدد بالانسحاب في تطور مفاجئ، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية الوحيدة بالبلاد) الذي قام بدور هام في التظاهرات التي أسقطت نظام بن علي، أمس الثلاثاء، عدم اعترافه بحكومة الوحدة الوطنية التي أعلنت أول أمس الاثنين في تونس. وقال العيفة نصر المتحدث باسم المركزية لوكالة الأنباء الفرنسية إن قيادة الاتحاد قررت في اجتماع استثنائي الثلاثاء «عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة». هذا وامتثالا لقرار نقابتهم، قدم الوزراء الثلاثة عبد الجليل البدوي (وزير معتمد لدى الوزير الأول) وأنور بن قدور (وزير دولة للنقل والتجهيز) وحسين الديماسي (وزير التكوين والتشغيل)، استقالتهم بعد انسحاب الاتحاد من حكومة محمد الغنوشي. وقال مصدر نقابي أن ممثلي المركزية النقابية في البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين) وفي المجلس الاقتصادي والاجتماعي «استقالوا» من مناصبهم. وترتفع أصوات كثيرة خصوصا بين اليسار والإسلاميين, لرفض وجود أعضاء من حكومة بن علي السابقة في الحكومة الجديدة. في ذات السياق، قال التلفزيون التونسي أمس الثلاثاء، إن حزب التجديد المعارض سينسحب من الحكومة الائتلافية إذا لم يتخل الوزراء من حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي عن عضوية الحزب. وقال بيان للحزب تلي عبر التلفزيون التونسي، إن الوزراء يجب أيضا أن يعيدوا إلى الدولة كل الممتلكات التي حصلوا عليها من خلال حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يتزعمه بن علي. واختير زعيم حزب التجديد أحمد إبراهيم وزيرا للتعليم العالي في الحكومة المؤقتة التي أعلنت أول أمس الاثنين. وكان الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي قد أعلن أول أمس الإثنين عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم لأول مرة عددا من أعضاء أحزاب المعارضة الراديكالية فيما احتفظ وزيرا الداخلية والخارجية بحقيبتيهما. وقال محمد الغنوشي في مؤتمر صحفي إنه أجرى على مدى اليومين الماضيين مشاورات مكثفة مع الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني قبل تحديد لائحة حكومته التي عرضها على رئيس الدولة المؤقت الذي وافق عليها. ومن بين وجوه المعارضة التونسية في هذه الحكومة الجديدة، محمد نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي أسندت له حقيبة التنمية الجهوية، وأحمد إبراهيم عن حزب التجديد اليساري الذي أسندت له حقيبة التعليم العالي، ثم مصطفى بن جعفرعن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي أسندت له حقيبة الصحة. واحتفظت الحكومة الجديدة بعدد من الوزراء في الحكومة السابقة، أبرزهم وزير الشؤون الخارجية كمال مرجان ووزير الداخلية أحمد سريعة. كما تضم التشكيلة الحكومية 22 وزيرا و15 كاتب دولةو كاتبا عاما للحكومة ومحافظا للبنك المركزي (بمثابة وزير). ويبدو أن الهدوء الذي شهدته العاصمة التونسية في الساعات الأولى ليوم أمس الثلاثاء، لم يدم طويلا، إذ عاد التوتر من جديد إلى الشارع التونسي، وشهدت الأزقة المؤدية إلى شارع الحبيب بورقيبة مطاردات بين الشرطة والمحتجين، حيث تدخلت الشرطة في أكثر من مناسبة لإبعاد المتظاهرين، الذين تضاعفت أعدادهم، عن الوصول إلى مقر وزارة الداخلية بالشارع نفسه. ولم يفلح الرصاص المسيل للدموع في ثني المحتجين الذين استمروا في ترديد نفس الشعار: «تونس تونس حرة.. وبنعلي برا»، في إشارة إلى رفض تعيين المحسوبين على حزب الرئيس المخلوع في الحكومة الجديدة. ومن غير المتوقع وسط هذه المستجدات أن تهدأ الأوضاع في تونس، فالأزمة السياسية لحكومة تشكلت قبل ساعات، تنذر باستمرار حالة الاحتقان في الشارع التونسي. وقد تأثرت الحركة الاقتصادية بهذه الاحتجاجات إذ سارع تجار وأصحاب محلات ومقاهي ومطاعم إلى الإغلاق بعد أن سببت الغازات المسيلة للدموع مشاكل في الرؤية والتنفس. وتحدث شهود عيان عن مظاهرات مماثلة في مدن تونسية أخرى من بينها سيدي بوزيد وصفاقس والقصرين، تم خلالها إحراق مقر التجمع الدستوري الديمقراطي. وفي سياق آخر، أكدت مصادر مطلعة في العاصمة السعودية الرياض أن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي سيبقى وقرينته في المملكة حتى الصيف القادم. وبحسب المصادر، يقيم بن علي حاليا بأحد القصور الملكية في مدينة جدة الساحلية، غرب المملكة، ومعه أصغر بناته ونجله الصغير وشقيقة قرينته. وأكدت المصادر أن بن علي وقرينته ليلى يعتزمان السفر خلال أسابيع للالتحاق بكريمتهما الكبرى نسرين التي سافرت إلى كندا قبل وصول الثورة الشعبية في تونس إلى ذروتها. ورفض متحدث باسم السفارة التونسية في الرياض الإجابة على استفسارات الصحفيين بشأن مكان إقامة الرئيس التونسي المخلوع قائلا إن الاهتمام بأمر بن علي ليس من مهام السفارة. وأوضح أحد أفراد طاقم الخدمة الرئاسي التونسي أن بن علي وزوجته ليلى تعمدا عدم إظهار ما يلفت الأنظار إلى عزمهما الفرار وأن قرينة الرئيس طلبت الغذاء من طاقم الخدمة ولكن أسرة الرئيس لم تتناوله، بل اختفت عبر نفق سري من قصره في سيدي بوسعيد إلى قصر الرئاسة في قرطاج حيث استقلا مروحية قبل أن يدخل رجال الجيش التونسي إلى مقر الرئاسة في وقت لاحق من نفس اليوم، ويطلب من طاقم الخدمة الذهاب إلى منازلهم.