وزيرة المالية: منازعات الدولة مع المواطنين تضاعفت 100%والوكالة القضائية تتولى 200 ألف قضية    لماذا ثافسوت ن إيمازيغن؟    إدريس علواني وسلمى حريري نجما الجائزة الكبرى للدراجات تافراوت    من يسعى الى إفساد الاجواء بين الجماهير البيضاوية وجامعة الكرة … !    التامني تنتقد السعي نحو خوصصة الأحياء الجامعية وتدعو لإحداث لجنة تقصي الحقائق حول أوضاع الطلبة    وزارة العدل تنظم ندوة دولية حول الاعتراف بالعمل المنزلي في حالات الطلاق    العُنف المُؤَمم Etatisation de la violence    باريس تجدد موقفها الثابت: الصحراء جزء لا يتجزأ من السيادة المغربية    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    الكوكب المراكشي يؤمّن صدارته بثنائية في مرمى "ليزمو"    الدار البيضاء.. إيداع شخص بمستشفى الأمراض العقلية بعد تهديده للأمن العام    الحسيمة.. مصرع سائق بعد انقلاب سيارته وسقوطها في منحدر    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    جنود إسرائيليون يشاركون في مناورات "الأسد الإفريقي 25" بالمغرب    توقيف شخصين بتيزنيت بتهمة الهجوم على مسكن وإعداد وترويج ال"ماحيا"    جيتكس 2025: إبرام سبع شراكات استراتيجية لتسريع فرص العمل بالمغرب    الذهب يلمع وسط الضبابية في الأسواق بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    باريس تأسف لطرد الجزائر 12 موظفا فرنسيا وتؤكد أنه "لن يمر من دون عواقب"    نقابة تدعو عمال ميناء الدار البيضاء إلى مقاطعة سفينة أسلحة متجهة لإسرائيل    وقفة احتجاجية للمحامين بمراكش تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة    السغروشني: المغرب يتطلع إلى تصميم التكنولوجيا بدلا من استهلاكها    برادة: إصلاحات في تكنولوجيا التعليم قادرة على الاستجابة لحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج في مجالي الابتكار والبحث    ديميستورا: الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة لحل ملف الصحراء المغربية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    مراكش: الاتحاد الأوروبي يشارك في معرض جيتكس إفريقيا المغرب    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    الصحافة بين الرسالة والمكاسب المادية: تحول الدور والمسؤولية    هلال: أمريكا عازمة على إغلاق ملف الصحراء ونأمل أن نحتفل بالنهاية السعيدة لهذا النزاع خلال الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء    الرأس الأخضر تجدد دعمها للوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على كامل أراضيها    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    كلاسيكو الشمال.. المغرب التطواني ينتصر على اتحاد طنجة في مباراة مثيرة    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    مراكش تحتضن المؤتمر الإفريقي الأول للتتشخيص النسيجي للأمراض المعزز بالذكاء الاصطناعي    باها: "منتخب الفتيان" يحترم الخصم    أسلوب فاشل بالتأكيد    السلوك الإيراني الذي امتد إلى... «بوليساريو»    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    بين نزع الملكية وهدم البناية، الإدارة فضلت التدليس على الحق    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    ماريو فارغاس يوسا.. الكاتب الذي خاض غمار السياسة وخاصم كاسترو ورحل بسلام    محاميد الغزلان.. إسدال الستار على الدورة ال 20 لمهرجان الرحل    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    









مطربونا الرواد.. بين الغياب والتغييب
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 03 - 2018

يبدو حضور المطربين المغاربة الرواد في ساحتنا الفنية شبه منعدم، رغم أنهم لا يزالوا على قيد العطاء والإبداع، من النادر أن يتم الالتفات إليهم ودعوتهم لإحياء حفلات خاصة بكل واحد منهم على حدة.
هذا الوضع ترك الساحة فارغة لعينة من المطربين، لم يضيفوا أي شيء للأغنية المغربية، عدا كونهم انحرفوا بها عن السكة الصحيحة، اعتبارا لأن منطلقهم لم يكن إبداعيا محضا، بل الرغبة في الكسب المادي، إلى حد أن الفن صار مهنة من لا مهنة له.
****
العديد من الفنانين الأصيلين يكاد يطويهم النسيان، كما أن الأجيال الحالية لا تكاد تعلم بوجودهم، سيما وأن ألبوماتهم الغنائية لم تعد رائجة في السوق منذ زمن بعيد، ولم تعد تتاح لهم الفرصة لتنشيط حفلات غنائية عمومية، تراعي وضعهم الاعتباري والرمزي، ومما فاقم هذا الوضع، عدم انفتاحهم على التكنولوجية الرقمية.
هذه الظروف كان لها تأثير بكل تأكيد على حركتهم الإبداعية، حيث أن منهم من توقف عن الغناء منذ فترة ليست بالقصيرة، ومنهم من يتوفر بالفعل على إنتاجات جديدة لكن الواقع لم يعد يشجعهم على تسجيلها، نستحضر منهم على سبيل المثال: محمود الإدريسي، عبد الوهاب الدكالي، عبد المنعم الجامعي، نادية أيوب، نعيمة سميح، فتح الله المغاري، حسن القدميري، محمود ميكري، يونس ميكري.. وغيرهم، هؤلاء لم يرحلوا بعد عن دنيانا- متمنياتنا لهم بالعمر المديد- كما أنهم لم يعلنوا اعتزالهم، لكن لم نعد نرى لهم حضورا في الساحة الفنية الغنائية.
نتيجة لغياب تلك الأسماء، بات من الملاحظ انحراف للأغنية المغربية، هناك تقهقر ملموس، على مستوى مختلف عناصر إبداعها: اللحن والقاموس اللغوي وحتى الأداء.
يمكن القيام بجرد لحصيلة الأغنية المغربية خلال العشرين سنة الأخيرة، للوقوف على مدى التحول الذي طرأ على هذه الأغنية بشكل سلبي.
لعل من مظاهر هذا الخلل، السرعة في الإنتاج والانتشار، بالنظر لما باتت تتيحه التكنولوجية الرقمية من إمكانيات لم يتم مع الأسف استغلالها بالشكل السليم؛ فهذه التكنولوجية يجب أن تكون في خدمة الإبداع وليس العكس.
الظروف التي يجري فيها إخراج نسبة كبيرة من الإنتاجات الغنائية المغربية الحديثة، لا تمت بصلة إلى الهاجس الإبداعي.
النصوص يتم تأليفها من طرف أسماء نكرة، وتحت الطلب، وبدون أن يكون ذلك نابعا من تجربة ومعاناة، ذلك أن الدافع في الغالب يكون وعدا بتعويض مادي وبامتيازات مرتقبة.
أحد المطربين أقر بأنه خلال إحدى جلسات المقهى، تناوب كل واحد من جلسائه على إلقاء جملة شعرية – إذا جاز الحديث عن شعر في الأصل- وتم جمع تلك الجمل في ذات اللحظة وبالتالي صناعة أغنية جديدة، علما بأن اللحن كان جاهزا من قبل. لنا أن نتصور كيف سيكون المستوى الفني لعمل غنائي جرى إخراجه على هذا النحو وفي مثل هذه الظروف.
هناك تشابه على مستوى اللحن، بين مجمل الأعمال الغنائية التي أنتجت خلال الفترة الآنفة الذكر، وهذا راجع بطبيعة الحال إلى غياب الاجتهاد، فضلا عن أن كل واحد من أصحاب هذه الأغاني يسعى إلى الركوب على نموذج معين سبق له أن حقق نجاحا، وإن كان هذا النجاح غير مبني على ركائز متينة، بدليل أنه لم يعمر طويلا، كان مرتبطا بموسم، ولهذا شاعت عبارة: أغنية الموسم. علما بأن الزمن الافتراضي للموسم هو سنة واحدة أو نصف السنة أو ربما أقل من ذلك.
خلال هذه المدة، تكتسح الأغنية الساحة داخل الوطن وحتى خارجه، وتلوكها الألسن وترتفع نسبة متابعتها على شبكات الأنترنت ووو… ثم بعد ذلك تنطفئ فجأة ولا تعود الأذن تحتمل الاستماع إليها، على خلاف مجموعة كبيرة من الأعمال الغنائية القديمة التي ما زلنا نطرب لسماعها، أغاني أنتجت في الستينيات والسبعينيات وحتى قبل ذلك. رحل أصحابها، لكنهم ظلوا حاضرين بيننا بروائعهم الخالدة، في حين أن العديد من الفنانين المعاصرين نجدهم حاضرين بثقلهم الجسدي وبنجوميتهم، في حين أن إنتاجاتهم تتبخر بسرعة.
فنانونا الرواد الذين لا يزالون قادرين على العطاء، سواء من الجيل الأول أو الجيل الثاني، فضلوا النأي بأنفسهم عن هذا المشهد الفني الذي أصابه التلوث، باستثناء القلة القليلة منهم التي لا تزال تناضل من أجل الحفاظ على صورة نقية للإبداع الغنائي المغربي، غير أن إنتاجهم – يا للمفارقة – لا يحظى بالانتشار المطلوب، كما أن شركات الإنتاج الكبرى لا تتعامل في الغالب مع هذا النوع من الفن الراقي، اعتقادا منها أن عامة الجمهور لا تقبل عليه، كما أن إدارات العديد من المهرجانات الفنية، لا تدعم الأصوات الغنائية الرائدة، من منطلق أن ما تنتجه بات متجاوزا، وبالتالي ينصب اهتمامها على جيل لم يحقق الإضافة النوعية المرجوة، إلا في حالات نادرة واستثنائية.
ومن اللافت للانتباه أن إذاعاتنا الوطنية، وبالتحديد تلك التابعة للقطاع الخاص، قسم كبير منها، لا يولي الاهتمام بما أنتجه روادنا من أعمال غنائية، يمكن القول إن الخط التحريري لهذه الإذاعات يتأسس على وضع قطيعة مع تلك الإنتاجات والانفتاح كليا على ما تنتجه الأصوات الجديدة، وحتى عندما يتذكرون نماذج من الأعمال الرائدة، يتم العمل على تقديمها بغير أصواتها الأصلية، وفي أحيان أخرى بتوزيع موسيقي جديد، وهذا سلوك غير بريء.
****
مما لا شك فيه أن علاقة الفنان بفنه وإبداعه، هي علاقة وجودية، وبالتالي لا نتصور أن غياب نخبة من فنانينا الأصيلين عن الساحة الفنية، تم عن طواعية وعن طيب خاطر، بل بمضاضة، من هؤلاء من اختار الغياب ومنهم من تعرض للتغييب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.