أثار قرار الكنيست الإسرائيلي بمبادرة من اليمين المتطرف فتح تحقيق حول تمويل خمسين منظمة غير حكومية إسرائيلية جدلا واسعا حتى في أواسط الغالبية, حول الديمقراطية في البلاد. واعتبر النائب عن حزب الليكود (يمين) داني دانون الذي يترأس لجنة التحقيق أن الأمر يتعلق ب»مكافحة منظمات إسرائيلية تنشط لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل في العالم من خلال تمويل مصدره حكومات أجنبية». ورد بيني بيغن الوزير دون حقيبة عن حزب الليكود «علينا أن نميز بين حكم الغالبية ودكتاتورية الغالبية. لايمكن أن يكون النواب في الوقت نفسه المحققون والمدعون والقضاة». وكان بيغن ينتقد بذلك تشكيل لجنة التحقيق حول مصدر تمويل المنظمات غير الحكومية, بعد حصولها على موافقة 41 نائبا مقابل 15 من أصل 120 في الكنيست في السادس من يناير. وكان حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف برئاسة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وراء المبادرة التي تستهدف المنظمات المحسوبة على اليسار. وندد عدد كبير من المسؤولين في حزب الليكود, خصوصا دان ميريدور الوزير المعتدل والمكلف أجهزة الاستخبارات, بتشكيل لجنة التحقيق. وصرح ميريدور في مقابلة نشرتها صحيفة «هآرتس» الأربعاء الماضي، أنه «من الخطير أن يقوم نواب بالتحقيق حول مجموعات لا يشاطرونها العقيدة. عندما تتعرض حرية التعبير للخطر فإن الديموقراطية في إسرائيل بخطر». وسخر ليبرمان الذي يسعى إلى ترؤس اليمين من ردود الفعل هذه, وقال إن قسما كبيرا من المنظمات غير الحكومية «متواطئ مع الإرهاب» وان «هدفها الوحيد هو إضعاف الجيش الإسرائيلي وتصميمه على الدفاع عن مواطني دولة إسرائيل». وأشار خصوصا إلى منظمة «كسر الصمت» المؤلفة من جنود سابقين يروون «حقيقة» النزاع في الأراضي الفلسطينية ومنظمة «ماكسوم ووتش» التي تراقب سلوك الجنود عند الحواجز ومنظمة «فيزيشانز فور هيومن رايتس» المؤلفة من أطباء ناشطين للدفاع عن حقوق الإنسان. وعلق نتانياهو رئيس حزب الليكود أن الحزب «ديموقراطي وشعبوي وليس تشكيلا تحكمه دكتاتورية رأي واحد», في إشارة إلى السلطة المطلقة التي يمارسها ليبرمان على رأس «إسرائيل بيتنا». وفي اليسار, دعت ست حركات انضوت تحت شعار «الفريق الديمقراطي» برئاسة الرئيس السابق للكنيست أبراهام بورغ إلى التظاهر في تل أبيب مساء السبت احتجاجا على «حملة الاستهداف» ضد المنظمات. واعترضت المنظمات غير الحكومية التي يستهدفها التحقيق, بشدة ونددت بالإجراء «المعادي للديمقراطية», كما انتقد عدد من المثقفين المعروفين في إسرائيل بالتحقيق. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس قال جيرالد ستاينبورغ أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار ايلان في تل أبيب إن «عدد المنظمات غير الحكومية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية يقارب المائة, نصفها إسرائيلي ويحظى بتمويل سنوي عام بحدود المائة مليون يورو تقدمه دول أوروبية خصوصا». وقال إن «العديد يخوضون هنا وتحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان معركة سياسية لنزع الشرعية عن إسرائيل على الساحة الدولية.