من المقرر أن تعقد قريبا لجنة تقصي الحقائق الخاصة باستيراد النفايات، بمجلس المستشارين، أول اجتماع لها، والذي سيخصص، وفق مصدر بالغرفة الثانية، لتحديد برنامج العمل والمحاور التي ستشتغل عليها مكونات اللجنة. وفي انتظار ذلك، تتوالى تساؤلات بعض المراقبين حول مغزى ودواعي إحداث هذه الآلية بعد مرور أكثر من سنة ونصف على تفجر فضيحة استيراد النفايات الإيطالية، وفي ظل بقاء مشروع المرسوم المتعلق بتحديد كيفيات وشروط استيراد النفايات وتدير النفايات في المغرب، معلقا لدى الأمانة العامة للحكومة منذ أزيد من ثلاث سنوات. وقال، رئيس الجمعية المغربية لخبراء تدبير النفايات والبيئة، حسن اشواوطة، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم، في هذا الموضوع "إن اللجنة لم تعلن بعد عن الهدف وراء إحداثها، لكن مجرد إحداثها يبدو غير مستساغ، خاصة بعد مرور ما يناهز سنة ونصف عن قضية استيراد النفايات من إيطاليا، وتوقف هذا الاستيراد منذ تاريخه، إذ في المقابل كان من الأولى أن تهتم مكونات هذه الغرفة الثانية للمؤسسة التشريعية، بمجالات في غاية الأهمية بالنسبة لقضية الحفاظ على البيئة في المغرب، وعلى رأسها اعتماد رسوم جبائية بيئية على استيراد الإطارات المطاطية المستعملة والزيوت المستعملة، والتي وردت في القانونين الماليين لسنتي 2016 و2017 وتم للأسف رفض التصويت عليها بسبب ضغوطات بعض اللوبيات المستفيدة من هذا الإعفاء". واعتبر المتحدث، أن إحداث اللجنة لا تعدو أن تكون وراءه "أسباب سياسوية"، مشيرا أنه إذا كان الأمر يراد منه الحفاظ على البيئة، أو يندرج في إطار التفاعل مع مجريات واقعة استيراد النفايات من إيطاليا، فإن هذا التفاعل الذي جاء متأخرا، كان أولى أن يتم من خلال توجيه سؤال للحكومة بشأن أسباب تأخر صدور مشروع المرسوم المحدد لكيفيات وشروط استيراد وتصدير النفايات الذي وضع لدى الأمانة العامة للحكومة منذ نحو ثلاث سنوات، وكذا عن أسباب عدم الإعلان عن الخلاصات التي تضمنها التقرير حول فضيحة استيراد نفايات إيطاليا والذي أعدته اللجنة التي أحدثها وزير الداخلية الأسبق محمد حصاد، بطلب من رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، وتم رفعه للديوان الملكي. وتساءل رئيس الجمعية المغربية لخبراء تدبير النفايات والبيئة، إن كان الهدف وراء إحداث هذه اللجنة يرتبط برغبة في الخروج من اتفاقية "بازل" الخاصة بالتحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود، والتخلص منها والبروتوكول التابع للاتفاقية، والتي تم المصادقة عليها في 22 مارس من سنة 1989، وأدخل عليها تعديل سنة 1995، ويتم بمقتضاه منع تصدير النفايات الخطرة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية للتخلص منها نهائيا أو لإعادة تدويرها. وأشار المتحدث أن إشكالية استيراد وتصدير النفايات الخطرة والسامة تعاني منها أغلب بلدان العالم. وأبرز أنه بالنسبة لحالة المغرب ينبغي الحرص من قبل ممثلي الشعب بالمؤسسة التشريعية على حث الحكومة على إحداث التجهيزات الأساسية والكفيلة والتي من شأنها معالجة النفايات الخطرة والسامة، حيث لا توجد لحد الآن أية بنية أو محطة مخصصة لهذه النفايات التي يصدرها المغرب بدوره للخارج، لعدم توفره على بنية خاصة بذلك، فضلا عن عدم تمكنه من التغلب على إشكالية عدم تثمين النفايات، كما ينبغي الحرص على إخراج إلى حيز الوجود مشروع المرسوم المحدد لكيفيات وشروط استيراد وتصدير النفايات. وأكد اشواوطة في هذا الصدد، على أن مشروع المرسوم سالف الذكر، هو الكفيل بتنفيذ مقتضيات القانون 28.00، المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، خاصة في المادة 42 منه التي تخص عمليات استيراد وتصدير وعبور النفايات بين المغرب والدول الأخرى، مشيرا أنه بمقتضى هذا المرسوم سيتم فرض الحصول على رخصة من طرف السلطات المعنية بالبيئة من أجل استيراد أو تصدير أو عبور النفايات الخطرة عبر التراب الوطني. كما يتضمن المرسوم مقتضيات توجب التنصيص في دفتر التحملات على المعلومات المتعلقة بهوية المستورد وكفاءات المستخدمين بإنجاز عملية الاستيراد والوسائل المادية التي تسمح للمستورد بتدبير عملية الاستيراد والتعريف بالنفايات المستوردة وبمصدرها، وتحديد المسار الذي ستسلكه النفايات موضوع الشروط التقنية التي تضمن انجاز الاستيراد الآمن.