صندوق المقاصة يخضع لأولى الضغوطات في انتظار انعكاسات محتملة على أسعار المحروقات والسكر والدقيق والغاز واصل سعر النفط، صباح أمس، ارتفاعه ليصل إلى 90 دولارا للبرميل. وعزت مذكرة لمديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، هذه الزيادات المتوالية، منذ بداية السنة الجديدة، إلى انتعاش قوي للطلب مقابل تراجع واضح للمخزونات. وشهدت أسعار المواد الأساسية، بالموازاة مع ذلك، ارتفاعات متتالية في الأسواق العالمية، خلال الأسبوع الماضي، نتيجة تقلص للمحاصيل الزراعية، أدى بدوره إلى انخفاض العرض مقابل ارتفاع الطلب. فحسب مذكرة مديرية الدراسات والتوقعات المالية، ارتفعت أثمان القمح، والدرة، بنسبة 86 %، و78%، على التوالي. وأثرت هذه الزيادة على واردات المغرب من هاتين المادتين الأساسيتين اللتين شهد حجم استيرادهما ارتفاعا بنسبة 12 %، و21 %، على التوالي. وقفزت أسعار العقود الآجلة للسكر الأبيض، (تسليم مارس المقبل)، بمقدار 5.3 دولارات، لتبلغ 715 دولارا للطن المتري، علما أن المغاربة يستهلكون 1.16 مليون طن من السكر سنويا، بمعدل 35 كيلوغراما للفرد سنويا. فيما تشهدت أسعار الشاي الأخضر الصيني ارتفاعا يتراوح ما بين 20 %، و40 %، نتيجة الأحوال الجوية غير الملائمة، التي سادت منطقة تشيجيانغ (شرق الصين)، أهم مناطق الإنتاج الصيني وأكبر مصدر للمغرب لهذا المنتوج. أما بخصوص البن، فقد أدت الاضطرابات الجوية التي همت البرازيل وكولومبيا (أهم منتج عالمي لهذه المادة)، حسب المصدر ذاته، إلى زيادات صاروخية. إذ ارتفع سعر نوع «أرابيكا»، بنسبة 50 %، في الأسواق العالمية، في حين بلغ الارتفاع نسبة 30 % فيما يخص نوع «روبيسطا» الأكثر استهلاكا في المغرب. ويطرح تصاعد أسعار النفط والمواد الأساسية في الأسواق العالمية، تساؤلات عريضة في المغرب. إذ يسود الاعتقاد بأن لهيب موجة الغلاء هذه ستؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين، من خلال ارتفاع أسعار مواد أخرى مرتبطة بها أو مواد مركبة، وأخرى مشتقة. وقد كان بنك المغرب سباقا إلى طرح هذه التساؤلات في شكل توقعات تشير إلى ضغوطات محتملة سيتعرض لها صندوق المقاصة نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات. وذهب عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، في لقاء صحفي نظم مؤخرا، حد الإشارة الواضحة إلى إمكانية تسجيل عجز في هذا الصندوق نهاية النصف الأول من سنة 2011، في حال ارتفاع حجم الإنفاق على الدعم. ولم يتسن لبيان اليوم التأكد من مدى واقعية هذه التوقعات، بعد تعذر الاتصال الهاتفي بكل من صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية ونزار بركة الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة. بيد أن كل المؤشرات، يقول عبد العالي بنعمور، رئيس مجلس المنافسة، تدفع في اتجاه ترقب الأسوأ بالنسبة لمستقبل صندوق المقاصة. فقد بدأت أولى الخطوات على درب تحمل الدولة للفارق بين الأسعار الحقيقية للغازوال وأسعار بيعه لقطاع الصيد الساحلي، نهاية الأسبوع المنصرم، عقب بلوغ سعر النفط 86 دولارا للبرميل يوم الخميس الماضي. وبالنظر إلى أهمية المحروقات في نشاط مجمل القطاعات، وبالنظر إلى انعكاسات أي زيادات جديدة في السوق الدولي، يضيف عبد العالي بنعمور، في تصريح لبيان اليوم، يمكن الجزم بأن صندوق المقاصة، الذي رصدت له الحكومة مبلغ 17 مليار درهم برسم مشروع ميزانية سنة 2011، لن يكون قادرا على تحمل مزيد من الأعباء، ما قد يدفع في اتجاه جعل بعض المنتجات تخضع لنظام المرجعية، الذي يقضي بمرافقة الميل التصاعدي أو التنازلي الذي تسير عليه الأسعار الدولية. واعتبر بنعمور أن إصلاح نظام المقاصة ضرورة ملحة لتحقيق استهداف أفضل للفئات المستحقة للدعم، في ظل موجة الغلاء التي تجتاح العديد من المواد الأساسية، مشددا على أن أولى الأولويات، لتحقيق الإصلاح الهادف، هي البلوغ الدقيق للفئات المستهدفة وضبط ميزانية المقاصة في حدود لا تؤدي إلى انخفاض نفقات الاستثمار ذات الأثر الإيجابي على قطاعات التشغيل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار رئيس مجلس المنافسة إلى أن الدولة، التي تقوم بدور التقنين والمراقبة، قادرة على «تحديد المغاربة الذين يستحقون الدعم»، والذين حددت المندوبية السامية للتخطيط عددهم في حوالي 1.5 مليون أسرة أي ما بين 7 و 8 ملايين مواطن، موضحا أن هذا الدعم يجب أن يكون مباشرا دون وساطة صندوق المقاصة».