يمكن أن تقتنص دول شرق إفريقيا فرص التجارة والاستثمار التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات للمساعدة على تنمية جنوب السودان إذا انفصل عن الشمال لكن سيتعين عليها مواجهة منافسين أكبر مثل الصين. من المتوقع أن يؤيد سكان جنوب السودان بأغلبية ساحقة اختيار الانفصال في استفتاء جرى أمس الأحد ويقول الجنوب إن هذا الاستفتاء أعقب عشرات السنين من الحرب الأهلية مع الشمال وتهميش اقتصادي وسياسي. وبدأ البنك التجاري الكيني بالفعل محاولة الاستفادة من الفرص التي لا حصر لها في جوبا عاصمة جنوب السودان بينما تستعد شركات أخرى لملاحقة للركب. قال جيمس شيكواتي المدير التنفيذي لمركز أبحاث (انتر ريجن ايكونوميك نتوورك) «لدينا ميزة لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يتفوق علينا منافسون». وأضاف «قوى مثل الصين واليابان والهند مستعدة أيضا. أيا كان الذي سنصنعه.. فيمكن أن تصل (هذه الدول) إلى هنا دون تكلفة تذكر». وتضاعفت صادرات كينيا إلى جنوب السودان تقريبا خلال الفترة بين 2005 و2009 مرتفعة الى 8ر12 مليار شلن (7ر157 مليون دولار) بعد أن كانت قيمتها 8ر6 مليار شلن بعد أن وقع متمردو جنوب السودان على اتفاق سلام مع إدارة الخرطوم مما مهد الطريق للاستفتاء الذي يجرى غدا. ويتاخم جنوب السودان سوق التصدير الرئيسية في أوغندا واستورد بضائع قيمتها نحو 6ر184 مليون دولار من ثاني أكبر اقتصاد في شرق افريقيا في 2009 طبقا لمجلس الترويج لصادرات أوغندا. قالت ماجي كيجوزي المديرة التنفيذية لهيئة الاستثمار الاوغندية «خلال السنوات القليلة الماضية كان جنوب السودان أكبر قوة دافعة لقطاع الصناعات التحويلية لدينا لان الطلب على منتجاتنا هائل». وأضافت أن أوغندا بصدد إقامة منطقة صناعية بتكلفة ثلاثة مليارات شلن (29ر1 مليون دولار) في جولو للجهات المصنعة التي تستهدف سوق جنوب السودان. وكانت جولو يوما ما بلدة مهمشة تتركز بها الحرب الأهلية بشمال أوغندا لكنها تحولت إلى نقطة تجارية تربط بين كمبالا وجوبا. وتعتزم تويوتا أوغندا إقامة ورشة للهندسة والإصلاح في جولو للدخول إلى السوق المجاورة حيث تنتشر سيارات تويوتا لاندكروزر ذات الدفع الرباعي. وعنصر المغامرة بالنسبة لدول شرق إفريقيا هو ما الذي سيحدث إذا أشعل الاستفتاء صراعا آخر ربما يستدرج الاقتصادات المجاورة وفي هذه الحالة قد تتوقع الدول المجاورة تراجعا حادا على طلب منتجاتها وكذلك تدفقا هائلا للاجئين. وربما تكلف العودة إلى الحرب الدول المجاورة 34 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى عشر سنوات وإحداث انتكاسة في الناتج الاجمالي المحلي لكل من كينيا وإثيوبيا الذي يبلغ مليار دولار سنويا طبقا لتقرير من (فرونتير ايكونوميكس). وقالت فلورانس كاتا رئيسة مجلس الترويج لصادرات أوغندا «إذا أجري الاستفتاء على نحو جيد واستقبلت الخرطوم النتيجة سلميا وإذا ولدت جنوب السودان كدولة جديدة فنحن متأكدون تقريبا أن صادراتنا السنوية لهذا البلد الجديد ستتضاعف وأن تجارتنا مع جنوب السودان ستنمو بشكل هائل». وأضافت «إذا أيد الاستفتاء الانفصال وبدأت الخرطوم حربا ستتدنى صادراتنا». ويعتزم بنك التجاري الكيني مضاعفة عدد فروعه في جنوب السودان إلى 30 بحلول عام 2015 وهو عرضة لخسارة استثماراته في حالة اندلاع الحرب. وقال مارتن أودور أوتينو رئيس البنك التجاري الكيني في مقابلة مع رويترز «إنها أراض بكر... من الممكن أن تصبح أكبر اقتصاد في المنطقة خلال فترة بين 10 و20 سنة مقبلة». وقال جيمس شيكواتي «الجميع يترقبون. آخر شيء يريده الجميع هو وجود صومال آخر في المنطقة. إذا حدث هذا فسيكون من الصعب للغاية تحقيق استقرار بالجنوب». وكينيا في مكانة تسمح لها بأن تجعل من نفسها مركزا للإمدادات ومسارا للنقل لجنوب السودان وهو منطقة حبيسة لا تطل على أي سواحل في حالة استقلاله. والمنطقة غنية بالنفط الذي يمثل محور التوتر الأساسي في ترسيم الحدود والذي يجري شحنه شمالا إلى بورسودان. ويعتقد محللون أن الدولة الجديدة ستسعى لتصدير نفطها إلى ساحل المحيط الهندي عبر ممر غير متاح حاليا يمر بكينيا لتفادي الخرطوم. ويقول محللون إن دولا مثل الصين واليابان التي تعاني من نقص شديد في الموارد الطبيعية سيسرها أن تمول مثل هذا المسار البديل. وتسعى كينيا لمستثمرين لتمويل نصيبها في بناء ممر يصل بين إثيوبيا والسودان إلى الساحل الكيني بالسكك الحديدية والطرق البرية وكابلات الاتصالات وخط أنابيب يمتد لمسافة 1400 كيلومتر وذلك بتكلفة 22 مليار دولار. وتقول المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات في تقرير إن تويوتا تسوشو ذراع الاستثمار لشركة تويوتا المصنعة للسيارات واحدة من الشركات المهتمة بخط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته 5ر1 مليار دولار. لكن هناك قدرا من الاستياء تجاه الشركات الكينية والأوغندية التي تستثمر في جنوب السودان إذ إن بعض سكان الجنوب يعتبرونها استغلالية. وهم يقولون إن دولا مجاورة استفادت من تمويل المساعدات التي تدفقت عبر اقتصاداتها عندما كانت تأوي اللاجئين وأنها لابد وأن تترك البلد لأصحابها. وفي تعليق على الانترنت كتبه أجيجو كاك كوكورا «حصلوا على المال من الأممالمتحدة والكثير من المنظمات غير الحكومية. أساءوا معاملتنا وظلوا وراءنا... إنهم لا يريدون سوى أن يحققوا فائدة مضاعفة». وأضاف «لابد أن نعيد التفكير مرة أخرى بعد التاسع من يناير. الكثير منا يعتقدون أن التحرير هو التحرير من الشمال. لا.. التحرير يعني حتى التحرر من الدول المجاورة».