ازداد وصول المسيحيين من العراق إلى تركيا هربا من أعمال العنف, منذ الهجوم الدامي على كنيسة في بغداد في 31 أكتوبر. وفي المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة, ارتفع عدد طلبات اللجوء التي قدمها مسيحيون إلى أكثر من الضعف خلال ثلاث سنوات, أي من 183 طلبا في أكتوبر إلى 428 في ديسمبر. وتفيد سجلات الأسقفية الكلدانية الكاثوليكية في اسطنبول, الوسيط الأساسي بين هؤلاء المنفيين والسلطات التركية, إن حوالي 150 عائلة -أكثر من 600 شخص- قد وصلت إلى تركيا طوال العام 2009. وقال المونسنيور فرنسوا ياكان الأسقف الكلداني في اسطنبول «في الأشهر الأخيرة من العام 2010 عرفنا موجة أقوى من موجة 2008». وفي 2008, غادر 12 ألف مسيحي مدينة الموصل فقط حيث تعرضوا لأعمال عنف. ولا يخفي المونسنيور قلقه من تدهور الوضع في العراق. وقال «إن ما يقلقنا هو أن المسيحيين في مدن شمال العراق بدؤوا يخافون. ومن بين اللاجئين الجدد, ثمة أشخاص أتوا من كركوك واربيل وزاخو والسليمانية. إنهم أشخاص كانوا يعيشون حتى الآن حياة هادئة». وباتت منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق ملجأ لعدد كبير من المسيحيين الذين يفرون من مدينتي بغداد والموصل الأكثر تعرضا لأعمال العنف. وكان للهجوم على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد الذي شنه تنظيم القاعدة في 31 أكتوبر وأسفر عن مقتل 44 شخصا وكاهنين, دور مهم في موجة النزوح الجديدة هذه, كما اعتبرت جيزيم ديميرجي الناشطة في هيئة أسام لمساعدة اللاجئين. وقالت «بعد الهجوم, بدأنا نشهد مجيء عدد كبير من الوافدين الجدد. ولاحظنا أنهم أتوا على عجلة ومن دون أموال فقد كانوا خائفين وهربوا». وأضافت «بدأنا من جهة أخرى استقبال مزيد من القاصرين الذين لا تزال عائلاتهم في العراق ولا يتوافر لها المال الكافي لذلك لا ترسل سوى ابن أو ابنة». وقد وصلت ساندرا (21 عاما) إلى تركيا مع عائلتها في منتصف نوفمبر آتية من بغداد. وقد أرعب الهجوم على الكاتدرائية هذه الشابة. وقالت «في أي وقت, يمكن أن يأتي دورنا ودور كنيستنا. وقتل بعض جيراننا في الهجوم». لكن تهديدا مباشرا هو الذي حمل والدها الذي يعمل طاهيا على اختيار مغادرة البلاد. وقالت ساندرا «كنا في المنزل مع أمي وأختي في حوالي الساعة 30,22. دخل رجال وطرحونا على الأرض وقالوا لنا: عليكم الاختيار بين اعتناق الإسلام أو الرحيل, وإلا سنقتلكم». وأضافت ساندرا التي باتت تحلم بالسفر إلى استراليا أن العودة إلى العراق ليست واردة. وتساءلت «لماذا نعود لكي نقتل?». وفي عمر الحادية والستين, فقد إسرائيل حنا أيضا الأمل بالعودة إلى بلاده في أحد الأيام, بعد أن أحرق محل البقالة الذي كان يملكه. وتركيا ليست سوى محطة نحو حياة جديدة, في أميركا الشمالية أو استراليا على الأرجح. إلا أنه بات يستمتع على ضفاف البوسفور بشعور لم يخالجه منذ ثلاثة عقود بين الحروب والاعتداءات, هو الشعور بالأمان والطمأنينة. وقال هذا الكلداني «نشعر أننا أحرار طوال الوقت. وكل يوم احد وفي أي مناسبة نذهب إلى الكنيسة أو نزور هذا المكان أو ذاك. نشعر بالأمان ونشكر الله». وهو لا يزال متفاجئا من احتفاله بعيد الميلاد في وسط من الجيران المسلمين.