وأنت تتجول بشارع محمد الخامس بالدارالبيضاء بدون شك سترى أشخاصا يقومون ببيع المأكولات المختلفة على الرصيف، بعضهم يستعملون عربات صغيرة في ترويج هذه المأكولات والبعض الآخر ثابت في مكانه يعرض سلعا مختلفة بين أحذية نسائية وألبسة رجالية. هؤلاء الباعة المتجولين إلى جانب مجموعة من المومسات يسيئون لسمعة هذا الشارع العريق الذي يشهد على فترة مزدهرة من تاريخ مدينة الدارالبيضاء. يعتبر شارع محمد الخامس من أقدم شوارع العاصمة الاقتصادية، تم إنشاؤه في ثلاثينيات القرن الماضي، خلال الفترة الاستعمارية وكان انشاء كولونيا ليا بامتياز مراعيا للثقافة الفرنسية في التعمير. فهذا الشارع التجاري الذي يعتبر من أعرق وأهم شوارع المدينة، يضم أجمل العمارات المشيدة في تلك الحقبة، بواجهاتها ذات جمالية هندسية قل نظيرها في ذلك العصر. وفي مشهد عام لهذا الشارع يمتزج القديم بالمعاصر ليقدم صورة عن الدارالبيضاء بين اليوم والأمس، بما يحمل ذلك من تغيير واضح، فهنا محلات حديثة وهناك محلات قديمة تجاورها، بقيت شاهدة إلى يومنا هذا على أحداث وتفاصيل وقائع تشكل جزءا من ذاكرة هذه المدينة التي تحلم بغد أفضل. ويبقى حاليا هذا الشارع من الوجهات المفضلة لدى البيضاويين، تجذبهم إليه العديد من المحلات التجارية التي تستقطب الزوار من كل مكان لشراء الملابس المعروضة بأناقة تغري الناظرين، كما يجلبهم الإرث التاريخي التي يزخر به هذا المكان. يخترق خط ترامواي الدارالبيضاء هذا الشارع الذي يوجد به سوق قديم تحيط به العديد من المقاهي ومحلات بيع الحلوى، وفي الجهة المقابلة لهذا السوق( MARCHE CENTRALE ) توجد مجموعة من الفنادق من بينها فندق لينكولن الذي لازالت أطلاله شاخصة تشهد عن بقايا بناية تاريخية مهدمة تحتل مساحة تقدر بحوالي ثلاثة آلاف متر مربع، ويعتبر هذا الفندق الذي وضع تصميمه المهندس الفرنسي "هيبير بريد" سنة 1917، أول بناية بهذا الشارع الذي يحتضن منشآت ثقافية واقتصادية، كسينما (أ.ب.س) وسينما (أمبير) وممرات مشهورة "بساج الكلاوي"، "بساج سوميكا". لقد بات هذا الشارع يعرف مجموعة من المظاهر السلبية المستفزة لشعور الساكنة البيضاوية التي لا تستسيغ سلوك وممارسات شاذة تمس في الصميم ذاكرتها التاريخية. فهذا الشارع الذي كان بالأمس من أرقى الشوارع، يغري فنه المعماري وتراثه التاريخي السياح ويجذبهم للزيارة والاطلاع عل كنوزه الدفينة، لاسيما، السياح الأجانب الذين ينعشون القطاع السياحي، قد تدنى اليوم مستواه وبات في الحضيض من فرط الكوابيس الجاثمة على نبضه تكتم أنفاسه كل لحظة وحين، مجسدة في مظاهر البيع بالتجول، التسول، والدعارة. بيان اليوم قامت بجولة بالشارع المذكور، حيث رصدت مجموعة من الباعة الجائلين يعرضون سلعا مختلفة. من بين هؤلاء الباعة من يعرض الألبسة القديمة والبعض الآخر يبيع المنتجات الورقية مثل المناديل وغيرها .. في الحقيقة، ظاهرة الباعة المتجولين في هذا الشارع تتوسع وتمتد كالسرطان، وقد عاينت بيان اليوم، هذا الزحف نحو شارع الأمير "مولاي عبد الله" الذي تحول إلى سوق شعبي يعرض فيه "الفراشة" سلعهم. كما رصدت الجريدة باعة متجولين بمحيط فندق حياة ريجنسي حيث يطرحون للبيع الألبسة والأحذية وغيرها . ورأت بيان اليوم كيف يضيق الخناق على الراجلين الذين تزدحم بهم الممرات العمومية في أوقات الذروة حين ترتفع الحركة في شارعي محمد الخامس وغيره من الشوارع التي صارت قبلة لترويج أنواع مختلفة من السلع والبضائع يعرضها شباب نساء وحتى أطفال صغار، منهم من يقوم بذلك بطرق استفزازية حيث يرغمون المارة، على شراء منتجات لا يرغبون فيها . بيان اليوم، سألت (ش .ع) أحد التجار بشارع محمد الخامس عن ظاهرة الباعة المتجولين بدأ كلامه بالتأسف عما آل إليه هذا الشارع، مفيدا، بأن البيع بالتجول ليس وحده ما يسيء إلى سمعة شارع محمد الخامس التاريخي، فهناك الدعارة التي اعتبرها أشد وطأة وخطورة على الناس، مبرزا أنها تهدد الصحة العامة للمجتمع، خاصة، المراهقين، الذين يقصدون هذا الشارع حيث توجد مجموعة من المومسات من بينهن قاصرات يبحثن عن زبائن اللذة الرخيصة، وتثير وجوههن المليئة بالمساحيق وتصرفاتهن الاستغراب لدى المارة. وتابع هذا الرجل كلامه قائلا إن استفحال الدعارة في شارع محمد الخامس، له تفسير واحد هو انعدام المراقبة الأمنية وتفشي الرشوة. أما عزيز خدري، شاب في مقتبل العمر، فتحدث بتأسف عما شاهده من أفعال عنف وعدوانية بين المنحرفين في الشارع المذكور وتابع كلامه، أن بعض المنحرفين هم في الحقيقة لصوص يعترضون سبيل المارة ويسلبونهم أموالهن. وأردف المتحدث: " شارع محمد الخامس فقد سمعته وأمسى قبلة للمتسولين من النساء والأطفال الصغار يزعجون الناس باستجداءاتهم ويضايقون السياح الأجانب بالخصوص".