عندما انتصبت كجمولة منت أبي سامقة شامخة أمام أعضاء لجنة الجماعات المحلية والقضايا الوطنية، ثم أمام مجموع أعضاء اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية الملتئمين ببوزنيقة يومي 18 و19 دجنبر 2010 وطلبت الكلمة، بكى العديد من الحضور. عندما وقفت كان يحوطها اضمومة من نخيلات هن شباب وشياب الأقاليم الصحراوية أعضاء اللجنة المركزية للحزب المنتخبون قبل شهور قليلة في المؤتمر الوطني الثامن للحزب. كانت نخلة سامقة وسط جمع بعضه اتشح بشملات من الكتاب مزدانة بتواشي تحكي نوار البراري الساكنة وسط الكثبان. إنهم مناضلو الحزب المعتزون بالرائدة التي يحذون خطوها على درب النضال الطويل، لم تعد العين تخطئهم فهم يصرون على الاعتزاز بالانتماء للوطن الأم، فخورون بحملهم مشعل الدفاع عن وحدته واستكمال تحرره الاقتصادي والاجتماعي. وكسب معارك بنائه الديمقراطي، وعدالته الاجتماعية. إن رسائلهم المحمولة إلى اجتماع اللجنة المركزية كانت واضحة. هذا الاجتماع الذي حضره حوالي ستمائة من عضوات وأعضاء هذه اللجنة التي هي بوثقة يجري خلالها دوراتها نقاش تحليلات قيادة الحزب، والتعريف بها، وتحيين المواقف وإعادة ضبط مسارات حزبنا ، وانتقاد ما يمكن أن يقع من انزلاقات تنجم عن سوء تقدير ظرف أو واقع معين، إنها لحظات قوية نستمع فيها لبعضنا البعض، ونتعلم كيف نتعامل مع الآراء مهما اختلفت ،ومن ذلك نخلص إلى قناعات مبنية على ثوابت حزبنا واختياراته الإستراتيجية ومبادئه الوطنية والتقدمية والتي تشكل خيارا نهائيا لا رجعة فيه. التأم اجتماع اللجنة المركزية ، وكان الحزب كعادته سباقا لتحليل وتعميق النظر في التطورات التي شهدتها قضيتنا الوطنية، حيث تأكد مرة أخرى أنها قضية مصيرية بالنسبة لبلادنا، وان الشعب المغربي كافة يرفض بشكل قاطع أي محاولة للمساس بها، سواء كانت المحاولة وافدة من الخارج، أو نابعة من الداخل، بل إن ما كشفت عنه أحداث العيون أساسا هو أن الحل الديمقراطي والشفاف لقضايانا الاجتماعية والهادف إلى تحقيق العدالة لن يكون تجزيئيا بل هو حل شامل يغطي كل ربوع المملكة شمالها وجنوبها قصيها ودانيها. وكشفت تلك الأحداث أيضا، أن كل المغاربة سواسية في الحقوق والواجبات وأن المتلاعبين بحقوق واستحقاقات المواطنين هم اليوم، موضع إدانة بعد افتضاح تلاعباتهم، وان هذا الفساد يصب في طاحونة خصوم الوحدة الترابية وعملائهم من خارج الحدود وداخلها. كانت اللجنة المركزية إذن مطالبة بالإجابة على الكثير من أسئلة المرحلة، وعليها أن تفتح الآفاق وتدقق في المواقف ، خاصة واللحظة صعبة والمنعرجات خلالها خطرة ، والحزب ينبغي على الدوام أن يكون يقظا حاضرا في الموعد، مسلحا بحكمته وتبصره وجلده وبرصيده النضالي والفكري، إنها خلال مهر الحزب في اثونها حسه النضالي الوقاد، جعلته يبقى وفيا لالتزاماته مع الشعب، جريئا وقت الشدة والمحن.وطنيا تقدميا في هويته التي صاغ أسسها وأركانها منذ ستة عقود ويزيد. فلماذا ومتى بكى الرفاق وهم غارقون في الإصغاء لتدخل كجمولة منت أبي؟. ولقد كنت من الذين ذرفوا الدموع الحرى.وأنا ذاهل أمام إنسانة طالها من الأذى والتشكيك في وطنيتها وفي شدة تعلقها بالمصالح العليا للوطن والشعب، وضمنه ساكنة صحرائنا، كما تم اللمز في سلامة تعلقها بحزبها التي هي مفصل في قيادته وعضو من مناضليه ومناضلاته. ومما أبكاني أيضا لما كنت أرى رفيقي احمد سالم لطافي يحاذي في جلسته شبابنا المكونين لوفد تقوده كجمولة ، لطافي الذي أفنى شبابه مناضلا في هذه الجبهة التي أينع فيها هذا الشباب اليوم. هذا الإنسان الذي التحق بمعارك الحزب وهولم يتجاوز عقده الثاني، وها هو اليوم قد نيف على منتصف عقده السادس، يصغي لصوت مناضلة رفضت المزايدة وتحدت خذلان الذين لا يحق لهم أن يزايدوا أويخذلوا. عندما يتعلق الأمر بقضية مقدسة أراق من اجلها المئات من أبناء هذا الشعب دماءهم، وارتبط بها مستقبل المغرب كدولة ونظام. كان وقع كلام كجمولة على الجميع قويا، لأنه يبرز بالمثال الحي هول معاناة المناضلات والمناضلين الأوفياء للمثل العليا التي آمنوا بها. إن هدوء كجمولة لم يحجب صخب مشاعرها الكامن خلف الجوانح التي تلفعت برداء بسيط، فهي اليوم، تقدم أمام الجميع نموذجا جديدا قديما لصنف أصبح نادرا في زماننا من الناس الذين لا يخشون من البوح بما يخالجهم ظاهرهم كباطنهم. وخلال الصمت المخيم على الجمع، كانت نبرات صوت كجمولة تحمل الكل ليعيشوا الأجواء المشحونة التي عاشتها بجانب نزلاء مخيم كديم ايزيك، وكيف كانت رسولهم الذي حمل مطالبهم إلى أنظار المسؤولين هناك، وكيف أنها بقيت وفية مخلصة لقناعاتها ومبادئها، وهي نفس قناعات ومبادئ حزبها.حزب التقدم والاشتراكية المطبوعة أساسا بالصدق والإخلاص لقضايا الوطن والشعب. هذا ما أغاض عدة جهات فانبرت لتحاسبها على قناعاتها ومبادرتها، وتحاسبها على ما لم تقل، وقولوها العديد من الترهات والأباطيل التي أرادوا من خلالها تشويه سمعتها وسط ساكنة منحتها ثقة غالية وقبلت هي الالتزام كمناضلة ذات صدقية مع نفسها أولا ومع الجميع في النهاية. هناك تفاصيل وحكايات أجهش الكثيرون معها بالبكاء. بكوا في صمت لكونهم أحسوا بأن الظلم الذي لحق بكجمولة طالهم أيضا، ولكونهم انبهروا لترفعها عن مشاعر الضغينة والكراهية، ولكون المناضلين والمناضلات يقدمون في ما يشبه هذه المعارك امثولات ستبقى راسخة في سجلهم النضالي . وجاءت الدموع تعبيرا عن الفرح بكون الحقيقة الآن قد تجلت ولم تحجبها الأباطيل أو التزييف.