قام الرئيس السوداني عمر حسن البشير بآخر زيارة له إلى جوبا عاصمة الجنوب أول أمس الثلاثاء قبل استفتاء يجرى في التاسع من يناير كانون الثاني على استقلال الجنوب. ومد الرئيس السوداني يد السلام للجنوبيين الذين خاض ضدهم حربا طويلة. وبدا أن البشير متقبل لفكرة انقسام السودان لشمال وجنوب بعد الاستفتاء واعتبرت زيارته تبديدا للمخاوف من أن ترفض حكومة الشمال السماح باستقلال الجنوب الذي ينتج 70 في المائة من النفط في السودان. وسرت مخاوف من أن يقود الاستفتاء إلى عودة الحرب ولكن البشير قال إنه سينضم إلى احتفالات الجنوب بالاستقلال. واستفتاء الجنوب مكفول بموجب اتفاقية للسلام أبرمت عام 2005 وأنهت الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه والتي راح ضحيتها مليونا شخص على الأقل وزعزعت استقرار جزء كبير من المنطقة. وسجل نحو أربعة ملايين جنوبي أسماءهم للمشاركة في الاستفتاء بعد الحرب الأهلية التي اندلعت أول مرة عام 1955 ضد الخرطوم. وتعتبر نتيجة الاستفتاء في حكم المحسومة لصالح الانفصال. وقال البشير في كلمة للمسؤولين الجنوبيين «كنا مقتنعين أن الوحدة هي الأفضل للمواطن السوداني في الشمال والجنوب وأفضل للشمال والجنوب نحن قلنا موقفنا لكن موقفنا ما يعني أننا سنرفض رغبة المواطن الجنوبي الذي أعطيناه هذا الحق عن قناعة... سيكون هناك حزن لان السودان تقسم لكن أكون سعيدا لو نحن بعد الاستفتاء وقيام الدولتين حققنا السلام الحقيقي والنهائي للسودان بأطرافه الاثنين». وبدا البشير هادئا بالمقارنة بالروح الحماسية المعتادة التي يظهر بها. وتعتبر زيارة البشير زيارة وداعية للجنوب ولصفة أكبر بلد في أفريقيا من حيث المساحة. وقال البشير الذي كان متقبلا لفكرة أن تكون نتيجة الاستفتاء هي الانفصال انه سيجيء ويشارك في الاحتفالات بعد التصويت. وأضاف «وأؤكد لكم نحن مع خياركم حتى لو بعد قيام دولة الجنوب ستجدوننا نفسنا أي شيء مطلوب مننا في الخرطوم أي دعم فني.. لوجستي.. استشارة.. خبرة أو تدريب أو خلافه نحن جاهزون نحن نري أن دولة الجنوبالجديدة لو قامت محتاجة لدعم فني ولوجستي ولاشياء كثيرة.. ما في زول (رجل) في هذه الدنيا أولي منا نحن لتقديم هذه الدعم البعيد ولا القريب». وما زالت هناك قضايا أساسية لم تحسم مع اقتراب الاستفتاء. ومن المتوقع عقد جلسات مفاوضات حامية بشأن ترتيبات ما بعد الاستفتاء حيث سيتم بحث نقاط أهمها تقاسم النفط والحدود المتنازع عليها والمواطنة. ولكن الكثيرين يخشون أن ينشأ صراع على مصير منطقة أبيي المتنازع عليها بين الطرفين والتي قد لا يجري على الإطلاق استفتاء خاص بشأن انضمامها إلى الشمال أو الجنوب. وهناك سخط في جنوب البلاد على حكومة الخرطوم وكانت مدينة جوبا مغلقة تقريبا خلال زيارة البشير. واصطف الجنود في الشوارع وكانت هناك قوات مسلحة محمولة في شاحنات في تقاطعات المدينة. وكان في استقبال البشير مئات الجنوبيين الذين احتشدوا بالقرب من المطار للمطالبة بالاستقلال. وبينما كانت سيارته تمضي مبتعدة كانوا يرددون «لا للوحدة» وحملوا لافتات مكتوب عليها «احترموا قرارنا». وقال وزير الإعلام في حكومة الجنوب بارنابا ماريال بنجامين «يمكن (للبشير) أن يروج للدعاية التي يريدها.. وفي النهاية سيكون القرار هو قرار شعب جنوب السودان».