ساجد «يهرب» أشغال الجلسة الثانية ل «دورة الفيضانات» تفاديا لمحاسبة «ليديك» رئيس المجلس يفتتح أشغال الجلسة بقاعة الجلسات ويرفعها في لقاء صحفي لم تستغرق الجلسة الثانية من الدورة الاستثنائية المفتوحة للمجلس الجماعي للدار البيضاء، المنعقدة أول أمس، أكثر من عشر دقائق. فبعد كلمة مقتضبة لرئيس المجلس، محمد ساجد، أشار فيها إلى أن الجلسة ستخصص لمناقشة النقطة المتعلقة بالتدابير المتخذة إثر التساقطات المطرية الاستثنائية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء مؤخرا، مذكرا أن أعضاء المجلس توصلوا بتقرير ل»شركة ليديك» في الموضوع، ارتفعت عدة أصوات داخل المجلس، تنفي توصلها بالتقرير المذكور وتطالب بمنحها الكلمة في إطار نقطة نظام. لكن إصرار الرئيس على فتح باب مناقشة التقرير وسد الطريق على الأعضاء المطالبين بإعطاء الأولوية لنقط النظام، حول الجلسة إلى فوضى عارمة، قبل أن يقوم عضو بفريق حزب الاستقلال، بالتوجه نحو المنصة ونزع الميكروفون الخاص برئيس المجلس، تعبيرا منه على تشبته بالتدخل في إطار نقط نظام، مما دفع الرئيس وأعضاء مكتب المجلس إلى الانسحاب. وفي الوقت الذي كان فيه أعضاء المجلس ينتظرون استئناف أشغال الدورة، استغل الرئيس هذا الفعل الذي وصفه لاحقا ب»التصرف غير المسؤول»، فصعد إلى أحد المكاتب بالطابق الأول من مقر ولاية الدارالبيضاء، وعقد لقاء صحفيا بحضور أغلبية رؤساء فرق المجلس، قال فيه «إن الظروف غير متوفرة لمواصلة أشغال هذه الدورة، بعد أن التجأ بعض أعضاء فرق المعارضة - في إشارة لإدريس الإدريسي منتصر، ممثل حزب الاستقلال- إلى اللجوء لأساليب بعيدة كل البعد عن روح ماهو مألوف في دورات المجلس»، وعبر عن أسفه لكون موضوع الدورة الاستثنائية «يهم جميع البيضاويين، لكن بعض الهيئات السياسية تناولته من جانب سياسوي فطغت عليه مزايدات خارج القانون»، مضيفا أنه رغم رفع أشغال الدورة الاستثنائية، فإن «مكونات الأغلبية تتوفر على تصور للخروج ببعض التدابير العملية لمواجهة فيضانات الدار البيضاء»، موضحا أن «التوصيات جاهزة وسيتم توقيعها من طرف ممثلي أغلبية المجلس». وهكذا، بدأت هذه الجلسة أشغالها بقاعة المجلس الجماعي، وانتهت بأحد المكاتب، في سابقة في تاريخ دورات المجلس الجماعي بالدار البيضاء، خصوصا وأن ماوقع، لم يكن بالضرورة يستدعي في نظر الكثيرين، ما وصفوه ب»تهريب الدورة» إلى مكان آخر، ودليلهم في ذلك، أن دورات سابقة اتسمت أحيانا بالفوضى وتبادل السب والشتم، غالبا ما كانت ترفع فيها الجلسة إلى أن تهدأ النفوس، ثم يعود الجميع لمواصلة أشغال الدورة. وبالتالي، فقد دفع تصرف ساجد مجموعة من الأعضاء المنتمين إلى أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب الاستقلال، الحزب العمالي، والأصالة والمعاصرة إلى اعتبار الأمر انسحابا وليس رفعا للجلسة، سيما وأنهم مصرون على استكمال أشغال الدورة، بل وذهب بعضهم إلى التلويح باللجوء إلى القضاء الإداري لتفويت الفرصة على الرئيس الذي يعمل «جاهدا» منذ مدة، بل وقبل انعقاد الجلسة الأولى من الدورة الاستثنائية، على تمريرها رغم أنف الجميع. وأضاف الأعضاء المذكورين، في تصريحاتهم لوسائل الإعلام، بعد أن علموا بتفاصيل اللقاء الصحفي الذي عقده ساجد، أن ما وقع «دليل على ضعف رئاسة المجلس الجماعي للدار البيضاء، وهروب لها إلى الأمام لتفادي إحضار المدير العام لشركة ليديك، ليجيب شخصيا على أسئلة أعضاء المجلس حول موضوع الفيضانات بالدار البيضاء». وفي هذا السياق، قال مصطفى الإبراهيمي عن فريق الاتحاد الاشتراكي، «إن حضورنا لهذه الدورة، كان من أجل طرح أسئلة على المدير العام لشركة ليديك، بصفته الشخص المؤهل الوحيد لإعطاء توضيحات، لأن ساجد ومكتبه لايتوفرون على المؤهلات التقنية والمهنية من أجل مراقبة عمل ليديك»، مسائلا ساجد وأغلبيته بالقول: «لماذا يرفضون حضورالمدير العام لشركة ليديك؟ هل له حصانة؟. وتابع أن المجلس «يريد معرفة حجم المبالغ المالية المحولة إلى الخارج، التدابير الاستباقية والوسائل المتخذة من طرف شركة ليديك لتفادي تكرار ماوقع. ومن جهته، تساءل رهين مصطفى عن حزب الأصالة والمعاصرة، عن العلاقة القائمة بين شركة «ليديك» ومجلس مدينة الدار البيضاء، وقال «إن الأمر يتعلق بعلاقات شخصية ومصالح متبادلة، ضمنها قيام شركة « ليديك» بإنجاز الربط بقنوات الماء والكهرباء بالمجان لبعض أعضاء المجلس. كما أن أعضاء آخرين بالمجلس استغلوا في حملاتهم الانتخابية الأخيرة، سيارات تابعة ل»ليديك». ووصف ما يعيشه المجلس بنوع من «الحكرة». وأوضح أيضا أن رئيس المجلس يرفض مد أعضاء المجلس بتقرير اللجنة الدائمة للمراقبة، الذي يحمل مسؤولية الفيضانات ل»ليديك» حتى لا يقع بين أيدي المتضررين من الفيضانات ويقومون بناء عليه، برفع دعاوى قضائية من أجل التعويض ضد شركة «ليديك». أما منتصر الإدريسي عن حزب الاستقلال، الذي اتهمه ساجد في اللقاء الصحفي، بكونه «قام بالتشويش»، فقد نفى تلك المزاعم، وأوضح أنه لم يوقف أشغال الدورة، بل أخذ الميكروفون ليرد الرئيس إلى الموضوع. وأكد أن إصراره على التدخل في إطار نقطة نظام، كان مرده علمه المسبق أن ساجد عقد لقاء مع ممثلي الأغلبية، اتفقوا فيه على عدم إعطاء الكلمة لممثلي فرق المعارضة. في حين طالب عبد الحق مبشور عن الحزب العمالي، بالإفراج عن معتقلي الفيضانات التي تسببت «ليديك» في سجنهم، مع تعويض جميع المواطنين المتضررين. وفي تعليق له على أشغال هذه الجلسة، قال عبد الواحد سهيل، العضو السابق بالمجلس الحضري للدارالبيضاء (حزب التقدم والاشتراكية)، «إن الإدعاء بوجود إعاقة للسير العادي للجلسة ليس سوى مطية لحرمان الساكنة البيضاوية من معرفة الحقيقة حول مسؤولية ليديك في الفيضانات الأخيرة، سواء من خلال المناقشة أومن خلال حضور مسؤولي ليديك لتقديم الحساب والاستماع إليهم من طرف أعضاء المجلس والإجابة على أسئلتهم». وأضاف سهيل في اتصال أجرته معه بيان اليوم، «لقد كان على الرئيس تطبيق فصول القانون الداخلي فيما يتعلق بالإخلال بالسير الطبيعي للجلسة، عوض الهروب إلى الأمام». ووصف موقف الرئيس بأنه «تعبير عن تواطؤ واضح بين المجلس وليديك، وخرق للديمقراطية المحلية والمشاركاتية». إلى ذلك، أصدرت الأحزاب السياسية المكونة للأغلبية داخل المجلس الجماعي للدار البيضاء، صباح أمس، بلاغا توصلت الجريدة بنسخة منه، استنكرت ونددت فيه بما وصفته ب»التصرفات غيرالمسؤولة الصادرة عن بعض أعضاء المجلس من المعارضة.. مما أعاق السير العادي للجلسة الثانية، وتعذر معه إتمام أشغالها في ظروف عادية»، وقررت الأغلبية بحسب البلاغ، «متابعة دراسة هذا الملف في أقرب الآجال». والملاحظ في هذا البلاغ، أنه لم يتحدث عن رفع الجلسة كما ورد في اللقاء الصحفي، كما أنه لايتضمن التوصيات التي سبق للرئيس أن صرح بها في نفس اللقاء واعتبرها «جاهزة»، كما أن صيغة «متابعة دراسة هذا الملف في أقرب الآجال» الواردة في البلاغ، تبقى «مبهمة». وعموما، فقد كشفت الجلسة الثانية للدورة الاستثنائية، عن وجود «لوبي» داخل مجلس المدينة، يجعل مهمته الأساسية، الدفاع عن شركة «ليديك» ومسؤوليها، مهما كلفه ذلك من ثمن، عوض الدفاع عن مصالح البيضاويين، كما أن موقف السلطات الوصية مايزال غامضا إلى حدود الآن، ولم يتدخل ممثلها في الجلسة نهائيا لتطبيق القانون. وإذا كان رئيس المجلس ساجد، قد عبر في اللقاء الصحافي باسم السلطة، عن «استنكارها للتصرفات غير المسؤولة»، فإنه لم يتحدث عن رأيها من رفع الجلسة الذي أعلن عنه.