دوري أبطال أوروبا.. الصدارة إنجليزية    من أوحى له بمقترح التقسيم؟    خبراء يناقشون تحديات الذكاء الاصطناعي    ملاطي: الذكاء الاصطناعي بالتوثيق يساعد على مواجهة جريمة غسيل الأموال    نهضة بركان ينتصر ويصعد إلى الصدارة    الزمامرة يخطف فوزا قاتلا أمام طنجة    مصدر أمني يوضح بشأن تظلم شرطي        شركة الخطوط الملكية المغربية ترتقب اختتام سنة 2024 بتسجيل 7,5 مليون مسافر (تقرير)    حزب الله يؤكد مقتل هاشم صفي الدين في غارة إسرائيلية سابقة    أمين عدلي يتعرض لإصابة قوية أمام بريست (صورة)    بعد إعفاء إبن بركان محمد صديقي.. من هو وزير الفلاحة الجديد؟    إقليم العرائش يشهد حوادث سير مميتة    بتعاون أمني مغربي.. اعتقال شخصين في مليلية بتهمة الارتباط بداعش    امطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    السلطات في الدار البيضاء تسمح بفتح الحمامات بشكل يومي    3 قتلى و14 جريحا في هجوم قرب أنقرة    كلمة .. وزراء يغادرون دون تقديم الحصيلة        دراسة: الاستماع للموسيقى يعجل بالشفاء بعد الجراحة    مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يعقد دورة غير عادية لبحث الوضع في غزة    المغرب يجنب إسبانيا هجمات إرهابية باعتقال عناصر من "داعش" بمليلية المحتلة    متابعة زوجة يوسف شيبو في حالة سراح    مكافحة القنص الجائر.. تحرير 52 محضرا في الفترة ما بين 20 شتنبر و20 أكتوبر الجاري    بعد «كسرها العظم» وسيمة الميل تطل من نافذة مغربية    الذهب يرتفع ويسجّل مستويات تاريخية غير مسبوقة    الفنانة زهرة حسن في عمل فني جديد بعنوان «تيميزار»    19 يوما من إبادة الشمال.. إسرائيل تواصل القتل والحصار والتطهير    مؤتمر دولي لتكريم الدكتور حنون    توقيف ثلاثيني بأكادير بتهمة النصب والاحتيال عبر النت    "الرواج الوهمي" في الحسابات البنكية يورط باحثين عن "تأشيرات شنغن"    أخنوش في اجتماع الأغلبية: رهاننا على التشغيل استراتيجي للتقليص من بطالة الشباب والكفاءات    أنشيلوتي: "فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية"    موكوينا يستدعي 22 لاعبا لمواجهة النادي المكناسي    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    هذا ما قاله غوتيريش عن مدى احترام المغرب والبوليساريو وقف إطلاق النار    "جباليا الإباء خان يونس الصمود".. جمهور نادي الرجاء يتضامن مع غزة    شيرين عبد الوهاب: أول فنانة عربية تكتب اسمها في موسوعة غينيس    الجيش الملكي يستنكر تحكيم مباراة الرجاء ويدعو لتحقيق فوري    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    "لوبوان": هل أساءت المحكمة الأوروبية استخدام القانون بإبطال اتفاق الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب؟    الدورة الثامنة لتحدي القراءة العربي تتوج ممثلي ‬فلسطين والسعودية وسوريا    "أوكسفام": المغرب يحرز تحسنا في "مؤشر الالتزام بتقليل عدم المساواة" بفضل زيادة الإنفاق العمومي في أعقاب زلزال الحوز    الأول بإفريقيا والشرق الأوسط.. تدشين مركز ابتكار ل"نوكيا" بالمغرب    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    المغرب الثقافي .. حب واحتراق    تحديات عالمية ورهانات مستقبلية    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    المستوطنون يقتحمون الأقصى في رابع أيام "ما يسمى عيد العرش"    النصر للشعب الفلسطيني وكل المدعمين له ..    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة بلير ولعنة العراق
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 02 - 2011

لم يتخلص رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من لعنة العراق. لا هو ولا من سانده ودعمه وأثنى عليه. اللعنة العراقية كالأسطورة. لقد اخطأ الاختيار ومهما تذرع بعده فلن يشفع له. صحيح كسب الكثير من المال من وراء تصرفه هذا، حيث أغدقت عليه الأموال من كل حدب وصوب. اللجنة الرباعية، المكونة من الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي بخصوص القضية الفلسطينية عينته مندوبها لتصفية القضية وخيانة الضمير الإنساني، وبراتب مجز. وعيّنه حكام عرب مستشارا لهم أو لأموالهم لينهب أكثر ويربح المليون منهم دون أسئلة وأجوبة، ومنهم من أعاره قصرا أو أهداه ومنهم من يشتاق لرؤيته وطلته الثعلبية ليدعوه كل عام مرتين أو أكثر ليحاضر له عن انتصاراته في غزو العراق وتقاسم الثروات وتدمير الدول لقاء مكرمة عربية، لكن كل هذا لن ينسي العراق وما حل به حين اختار أن يكون كلبا للرئيس الأمريكي السابق بوش الثاني، كما رسمته صحف بلاده ونشرته في وقتها وزمانه. لقد حلت عليه اللعنة وبانتظار المحاكمة العلنية والعدالة الفعلية.
سيظهر مرة ثانية أمام لجنة شيلكوت في لندن شهر يناير 2011، للتحقيق معه وكان في مثل هذا الوقت من عام 2010 قد مَثل أيضا. هذه المرة على خلفية تجاهله تحذيرات بلا شرعية الغزو ولا قانونيته. اعتمدت اللجنة التي عينها رئيس الوزراء السابق غوردون براون، خليفة بلير في الحكومة والحزب الذي قاد هزيمة الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة (مايو 2010) وكأي لجنة تحقيق تعمل من اجل أداء وظيفتها بالحدود التي تراها تناسب أوضاعها ومهمات التكليف، ومع ذلك فهي تراقب منذ تأسيسها جميع الوثائق المتوافرة والمتعلقة بحرب العراق بما فيها الوثائق التي سربها موقع «ويكيليكس». التحذيرات وردت بوثائق طازجة حصلت عليها اللجنة تفيد بأن النائب العام البريطاني لورد غولدسميث حذر رئيس الوزراء في 30 يناير 2003 من لا شرعية الحرب على العراق دون قرار دولي ثانٍ صادر عن مجلس الأمن الدولي. وتحمل الوثيقة خربشات قليلة بخط يد بلير بينها جملة «لا أفهم هذا». وقيل إنه في اليوم التالي أكد للرئيس الأميركي جورج بوش أنه «معه تماما» في الحرب ضد العراق التي أبلغه بوش أنها مخططة للبدء بها منتصف شهر مارس 2003. وأثار بلير خلال جلسة الاستماع الأولى غضب عائلات جنود بريطانيين قضوا في الحرب على العراق، عندما رفض خلال الجلسة التي دامت ست ساعات الإعراب عن أسفه بسبب المشاركة في الغزو. ولكن اللافت أنه في مذكراته أورد أن اتخاذه قرار الحرب أشعره بالاضطراب وأعرب عن أسفه الشديد للضحايا الذين سقطوا بسبب الحرب. وهنا ترى اللجنة تناقضاً في الأقوال، وترغب هذه المرة في التعمق أكثر في مساءلة رئيس الوزراء السابق عن دوافعه لخوض الحرب.
اشترك بلير في الحرب على العراق رغم خروج اكبر تظاهرة في العالم ضدها، في لندن، قبل شن الحرب تندد بها، وعاكسة موقف الرأي العام البريطاني ومع ذلك سعى بكل جهوده وخداعه إلى الذهاب إليها سوية مع بوش. صحيح عاقبه الشعب البريطاني وحزبه لكنه ما زال طليقا ومستثمرا خدماته التي سبق ذكرها. ومن بين ردود الفعل ضده ما تحمله الاستطلاعات ومنها استطلاع نشرت نتائجه صحيفة صنداي تايمز (17/1/2010) اظهر أن غالبية الناخبين البريطانيين يعتبرون أن رئيس الوزراء السابق توني بلير خدعهم بتبريره مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق بامتلاكه أسلحة دمار شامل، وأن واحدا من بين كل 4 بريطانيين، أي ما يعادل 23%، يريدون أن يُحاكم بلير كمجرم حرب بسبب غزو العراق، في وقت ذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو حذّر رئيس حكومته وقتها بلير في رسالة سرية وشخصية من عدم شرعية العمل العسكري ضد العراق قبل عام من بدء الحرب. وكان ألستير كامبل المستشار السابق لبلير قد دافع عن الأخير أمام لجنة التحقيق نافيا أن يكون «تم تضخيم» المعلومات الواردة في الملف. وبحسب الاستطلاع يرى 49% من الأشخاص أن كامبل لم يقل الحقيقة في مقابل 31% يرون عكس ذلك.
اعترف بلير في مذكراته بأنه بكى مرارا، وهو يتحدث عن كيف يعيش مع الآثار النفسية التي تركها فيه قرار دخول حرب العراق. ووجه اعتذاره لأهالي الجنود الذين قتلوا هناك، واعتذر للأسى الذي تسبب به، ولتسببه في اختصار حياة الكثيرين.. لكنه بقي مصرا على أن قراره كان القرار الصائب.
وكانت تلك المرة الثانية التي يعلن فيها بلير تمسكه بصواب قرار دخول حرب العراق، بعد أن أصر على ذلك خلال شهادته أمام لجنة شيلكوت المرة الأولى. كرر في كتابه أنه غير نادم على قراره، لكنه أضاف «يمكنني القول إنني أبدا لم أتوقع الكابوس الذي تكشف بعدها». سرد بلير في فصل من كتابه المؤلف من أكثر من 700 صفحة، الأسباب التي دفعته لدخول حرب العراق، واقتناعه بأن صدام حسين كان يشكل تهديدا جعل من الضروري التخلص منه.
لكن على عكس شهادته أمام لجنة شيلكوت وفشله في مواساة أهالي الجنود البريطانيين القتلى الذين جلس العشرات منهم معه في القاعة نفسها، خص بداية فصل العراق للتحدث إليهم. وكتب «هل يعتقدون فعلا أنني لا آبه، ولا أشعر، ولا أندم بكل قطرة من كياني لخسارة أولئك الذين ماتوا؟.. أن تكون غير مبال لذلك، يعني ألا تكون إنسانا، وأنك مشوه عاطفيا». وتحدث عن عذاب يعيش معه بسبب معاناة أهالي الجنود، وقال «العذاب ينبع من شعور بالحزن يفوق الوصف العادي.. أنا الآن في مكان أبعد من أن أطلق مجرد كلمات تعزية. أشعر بأن كلمات العزاء والتعاطف أصبحت غير ملائمة تماما. لقد ماتوا، وأنا، صانع القرار في الظروف التي أدت إلى مقتلهم، لا أزال على قيد الحياة».محاكمة بلير وعصابات الحرب لن تنتهي ولعنة العراق لن تمحى والتاريخ لن يرحم أحدا اقترفت يداه ما سجلته صفحاته عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.