يعلن بنك المغرب، يومه الجمعة، عن موعد المرحلة الأولى من عملية تدريجية لتحرير أسعار صرف العملة الدرهم في إطار برنامج إصلاح يحظى بدعم من صندوق النقد الدولي ويهدف إلى تقوية اقتصاد البلاد. ولازالت العديد من الآراء تتضارب حول ما إذا كان تغيير نظام العملة سيكون سلسا. وهي سلاسة تشترط مبدئيا وجود احتياطات أجنبية قوية واستقرار سعر صرف الدرهم وتحسن المالية العامة. عوامل يمكن القول إنها كانت ستكون متوفرة في ظل تراجع أسعار النفط العالمية الذي خفض من تكلفة فاتورة واردات الطاقة، لولا ما أثير مؤخرا من حديث حول تراجع الاحتياطات الأجنبية لدى بنك المغرب خلال الشهرين الماضيين بنحو 4.4 مليار دولار. وتقول بيانات البنك إن احتياطات النقد الأجنبي بلغت في نهاية الأسبوع الماضي نحو 22.4 مليار دولار، منخفضة بنسبة 2.3 بالمئة عن الأسبوع الماضي وبنحو 10.8 بالمئة عن مستواها قبل عام. وقال أليس بولير الباحث في صندوق النقد الدولي، خلال ندوة بشأن الإصلاح المالي، إن تخلي المغرب عن نظام ثابت لربط العملة يعني التحول إلى "نظام أكثر مرونة لدعم انفتاح تدريجي للاقتصاد المحلي". وأضاف قائلا إن "المغرب استغرق نحو 20 عاما للإعداد لتعويم العملة"، لكنه أقر بأن التحول سيخلق "فائزين وخاسرين جددا". ويربط بنك المغرب الدرهم بنسبة 60 بالمئة باليورو وبنسبة 40 بالمئة بالدولار. وستخفف المرحلة الأولى هذا الربط بما يسمح للعملة بالتحرك في نطاق ضيق على أن يجري توسيعه تدريجيا على مدى سنوات قليلة. ومن غير الواضح إلى أي مدى ستفتح المرحلة الأولى العملة، علما أن الجواهري نفسه أكد أن التأرجح في حركة الدرهم سيزداد اتساعا بواقع 2.5 بالمئة صعودا وهبوطا من 0.6 بالمئة حاليا. وسيتسع التأرجح إلى أن يتم إلغاء الربط كليا في عملية قد تستغرق ما يصل إلى 15 عاما تبعا لرد فعل السوق. وبالتوازي، من المتوقع أن يفتح بنكط المغرب منصة لتداول العملة الصعبة عبر ال"INTER BANQEUE ùعلى أن يتدخل بانتظام باستخدام الاحتياطات الأجنبية لضمان توفر السيولة. وتجد مخاوف المراقبين مصدرها في ما وقع بمصر التي تخلت في 3 نونبر الماضي عن ربط عملتها بالدولار وتحولت إلى نظام مرن لسعر الصرف في إطار اتفاق لحصول القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وتسبب الإجراء في ارتفاع تكلفة المعيشة بعد أن فقد الجنيه المصري نحو نصف قيمته. لكن، يبدو الأمر مختلفا بالنسبة للمغرب الذي بذل جهودا أكبر من غيره من دول شمال أفريقيا في ما يتعلق بتطبيق إصلاحات اقتصادية وكبح العجز وإنهاء دعم الوقود. ورغم ذلك، فإن الحكومة ترغب في تطبيق تحرير أسواق الصرف بشكل تدريجي مدفوعة بالقلق من أي اضطرابات على غرار أعمال الشغب بشأن أسعار الغذاء التي أعقبت إصلاحات طالب بها صندوق النقد في الثمانينات. وقالت وكالات التصنيف الائتماني وصندوق النقد إن النهج التدريجي للرباط والأسس الاقتصادية المتينة يعنيان أن الدرهم لن يشهد على الأرجح أي هبوط حاد. وعدل بنك المغرب احتياطاته الأجنبية بالخفض، لكنه قال إنها عند مستويات تغطي الواردات لمدة ستة أشهر في 2017 وقريبة من هذا المستوى بحلول نهاية العام المقبل. لكن ترقب تحرير سعر الصرف دفع بعض المتعاملين في أسواق الصرف في بورصة الدارالبيضاء إلى القلق خصوصا بشأن شفافية المؤسسات العامة والبيانات الاقتصادية. وقال أحد رجال الأعمال لبيان اليوم إن مصدر "قلقنا الرئيسي هو الوصول إلى بيانات موثوق بها للاقتصاد الكلي والشفافية على وجه العموم، مشيرا إلى أن مكتب الصرف نشر أرقام العجز التجاري الشهري الشهر الماضي متأخرة أسبوعين عن موعدها. مما لا شك فيه أن رجال أعمالنا اعتادوا على التأخيرات... لكن بولوج المغرب المرحلة الأولى لتعويم الدرهم، لن يعود هناك مجال للتأخير ولا لتبرير التأخير.