يعلن البنك المركزي المغربي خلال أيام موعد المرحلة الأولى من تحرير العملة المحلية (الدرهم) ضمن برنامج إصلاح يحظى بدعم من صندوق النقد الدولي ويهدف إلى تقوية اقتصاد المملكة. ويرى معظم الاقتصاديين أن تغيير نظام العملة سيكون سلسا في وجود احتياطات أجنبية قوية، وتوازن الدرهم، وتحسن المالية العامة نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية، الذي خفض من تكلفة واردات الطاقة. وكان البنك المركزي قد قال في أواخر العام الماضي ان المراحل الأولى من الانتقال التدريجي من قيود على العملة إلى سعر صرف مرن ستنفذ في النصف الثاني من العام الجاري مع إصلاحات أخرى. وفي بيان ردا على تكهنات في الأسواق قبل الإعلان، قال محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري أنه سيكشف عن موعد بدء المرحلة الأولى في نهاية يونيو، لكنه نفى أن تعويم العملة سيعني خفض قيمتها. وتراجعت الاحتياطات الأجنبية 4.4 مليار دولار في الشهرين الماضيين. وتقول بيانات البنك المركزي ان احتياطات النقد الأجنبي تبلغ 218.5 مليار درهم (22.38 مليار دولار) منخفضة 2.3 في المئة عن الأسبوع الماضي و10.8 في المئة عن مستواها قبل عام. يقول أليس بولير، الباحث في صندوق النقد الدولي، ان تخلي المغرب عن نظام ثابت لربط العملة يعني التحول إلى «نظام أكثر مرونة لدعم انفتاح تدريجي للاقتصاد المحلي». ويضيف «استغرق المغرب 20 عاما للإعداد لتعويم العملة» لكنه أقر بأن التحول سيخلق «فائزين وخاسرين جددا». ويربط المركزي المغربي الدرهم بنسبة 60 في المئة باليورو، و40 في المئة بالدولار. وستخفف المرحلة الأولى هذا الربط بما يسمح للعملة بالتحرك في نطاق ضيق، على أن يجري توسيعه تدريجيا على مدى سنوات قليلة. ومن غير الواضح إلى أي مدى من تحرير العملة ستؤدي المرحلة الأولى. وقالت مصادر في العام الماضي ان التأرجح في حركة الدرهم سيزداد اتساعا بواقع 2.5 في المئة صعودا وهبوطا من 0.6 في المئة حاليا، وسيتسع التأرجح إلى أن يرفع الربط كليا في عملية قد تستغرق ما يصل إلى 15 عاما تبعا لرد فعل السوق. وبالتوازي، من المتوقع أن يفتح البنك المركزي منصة لتداول العملة الصعبة بين البنوك «إنتربنك»، على أن يتدخل بانتظام باستخدام الاحتياطات الأجنبية لضمان السيولة. وتخلت مصر في نوفمبر الماضي عن ربط عملتها بالدولار، وتحولت إلى نظام مرن لسعر الصرف في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمنح بموجبه القاهرة قرضا بقيمة 12 مليار دولار. وتسبب الإجراء في ارتفاع تكلفة المعيشة بعد تراجع قيمة الجنيه بواقع النصف. لكن المغرب عمل أكثر من غيره من دول شمال أفريقيا على تطبيق إصلاحات اقتصادية، وكبح العجز وإنهاء دعم الوقود. ورغم ذلك، فإن تحرير العملة خطوة أساسية ترغب الحكومة في تطبيقها بشكل تدريجي، مدفوعة بالقلق من أي اضطرابات على غرار أعمال الشغب بشأن أسعار الغذاء التي أعقبت إصلاحات طالب بها صندوق النقد الدولي في الثمانينات. وقالت وكالات التصنيف الإئتماني وصندوق النقد الدولي ان النهج التدريجي للرباط والأسس الاقتصادية تعني أن الدرهم لن يشهد على الأرجح أي هبوط حاد. من ناحية ثانية عدل البنك المركزي المغربي احتياطاته الأجنبية في اتجاه الخفض، لكنه قال أنها عند مستويات تغطي الواردات لمدة ستة أشهر في 2017 وقريبة من هذا المستوى بحلول نهاية العام المقبل. وقال البروفسور ألكسندر بيرينتسن، أستاذ الاقتصاد في جامعة بال السويسرية، ان استقرار الاقتصاد الكلي المغربي يعني أن الوقت مناسب لتحرير الدرهم ،وأن البنك المركزي في وضع يساعده على التكيف مع التغيرات. وأضاف قائلا «نها وصفة للنجاح». وقبل الإعلان عن موعد بدء المرحلة الأولى في 30 يونيو، يستعد المتعاملون حتى يكونوا جاهزين بحلول هذا الموعد، الذي تقول بعض المصادر المطلعة على العملية أنه سيكون موعد تشغيل نظام «الإنتربنك». لكن ترقب تحرير سعر الصرف دفع بعض المتعاملين في العملات في بورصة الدارالبيضاء إلى القلق، خصوصا بشأن شفافية المؤسسات العامة والبيانات الاقتصادية. وقال أحد المتعاملين «قلقنا الرئيسي هو الوصول إلى بيانات موثوق بها للاقتصاد الكلي والشفافية على وجه العموم». وفي مثال أشار إليه المتعاملون، نشرت الهيئة المنظمة للصرف الأجنبي في المغرب أرقام العجز التجاري الشهري الشهر الماضي متأخرة أسبوعين عن موعدها. وقال متعامل «هذا هو المغرب. لقد اعتدنا على التأخيرات». وتابع القول «لا أعتقد أن المسؤولين بذلوا جهودا كافية لكي يوضحوا لعموم الناس لماذا يفعلون هذا».