وصلت حالة الغضب في المغرب درجات عالية، لم تعد تنفع معها المسكنات المعتادة ولا التهديدات المبطنة ولا حالات الهروب الى الأمام. وصار المغاربة ينتظرون خطوات معقولة وقرارات رزينة في حل معضلة الساعة و تخفيض درجات الغضب، في هذا الوقت بالذات اختار رئيس مجلس النواب، والعضو القيادي في حزب رئيس الحكومة الطالبي العلمي ان يصب الزيت عفوا المازوت على النار. وخرج خروجا اعلاميا لا يمكن لأي عاقل أن يجد له مبررا. فقد اغتنم محفلا حزبيا لكي يتهكم من كل الغضب الذي يخنق الناس، ثم اختار أقذع الكلمات لكي يهاجم الذين أدانوا أو ناصروا «الهشتاغ» الذي سارت بذكره الركبان في العالم كله. وقال الطالبي العلمي أن هؤلاء مرضى ونطلب لهم الشفاء.! هكذا بجرة لسان ساخر أهان الكثيرمن المغاربة ، ذكورا واناثا وجدوا أن التعبير عن السخط حق مضمون في مغرب حر.. وعشنا معه، كيف أن المعارض للحكومة الحالية يصبح مصابا ب«المرض يستوجب دعوات الشفاء»، وليس مواطنا كامل المواطنة يمارس حقا تعبيريا وديموقراطيا مكفولا بقوة الدستور وقوة المطالب الاجتماعية.. وقد أضاف الطالبي ساخرا« نطلب لهم الشفاء فهم مغاربة خوتنا على كل حال».. وبالرغم من الجانب الجارح في هكذا تعبير، فهو يقر بدون وعي منه بأن الذين عارضوا ويعارضون وما زالوا على مواقفهم، بعد أن أعيتهم الحيلة والانتظار ليسوا حسابات مزورة ولا أشباحا يسكنون كهوف الفاسيبوك والواتساب والانستغرام ولا هم من انكشارية التويتر الغزاة! هؤلاء عشرات المغاربة الذين وصفهم بالمرضى ، هم الذين اخرجوه عن طوره... لقد اعتاد الطالبي العالمي أن يثير ردود أفعال من الذين هم في صنفه التعبيري، أمثال رئيس الحكومة السابق ( وقصة الحمار والذئب صارت معروفة ) ويقتصد في السياسة ويعوضها بالبوليميك.. وهو يعتقد أن تنفيسا خطابيا يمكنها ان يصلح واقعا صعبا وحارقا ، سببه المحروقات والحرائق .. واسعار المواد الاساسية.. في زمن الصيف والأعياد والعطل الصيفية.. لاغلبيات المسؤولة،عندما تواجه وضعا صعبا ، ومتشابكا، تختار أعقل الناس لديها وأكثرهم صبرا وقدرة على الاقناع، ليتحدثوا الى الناس، وهؤلاء يختارون خطابا سياسيا منسقا ومترابطا ولغة راقية مبسطة ومحفِّزة لكي يثق الناس أنها تحترم عقولهم وذكاءهم وتعيش محنتهم وتفكر في مشاكلهم.. لا أن تسمح لزعمائها بالاستهزاء بالناس ومن الغاضبين ممن أحرقت أعصابهم الزيادات المتتالية والاوضاع المبهمة التي تنتظرهم..ا