سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علَّقت اتفاقيةً مع إسبانيا، فتحت بابَ أزمةٍ مع أوروبا وناورتْ امريكا باستقبال عدوها الفنزويلي:هل تعتقد الجزائر أنها «روسيا» الجزء الغربي من الكرة الارضية!!
قد تجد الجزائر نفسها، بعد أقل من يوم واحد على قرار تعليق اتفاقية الصداقة وحسن الجوارمع إسبانيا، وجها لوجه مع الاتحاد الاوروبي....فقد أوردت يومية «الباييس» ما يفيد أن مدريد تدرس امكانية طرح الموضوع امام الاتحاد الاوروبي ، على اساس أن تجميد اتفاقية حسن الجوار له تاثير سلبي ون شانه ان يضعف الشراكة الاورو- جزائرية لسنة 2005 ، التي يعطي وضعا تمييزيا للجزاير. وفي الوقت ذاته شدد وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل ألباريس أن رد بلاده سيكون « هادئا و مناسبا وبناء لكنه صارم للدفاع عن مصالح إسبانيا ومقاولاتها..« لكنه في الوقت نفسه ربط بين الموقف الداخلي والموقف الأوروبي في نفس الجملة قائلا :« نحن نحلل نطاق وعواقب ذلك الإجراء على الصعيدين الوطني والأوروبي...». وهو ما يعني أن إسبانيا تهييء الرد الهاديء والحازم في المطبخ الأوروبي وليس فقط المطبخ الاسباني الداخلي. في انتظار التطورات التي يحملها القرار المتعجرف للجزائر، لا بد من القول ، إن الخطوة الجديدة (المتوقعة علىكل حال ) ، بالنسبة للرأي العام المغربي هي امتداد للعداء .. للمغرب، وأن الموقف هو فرع من أصل يتمثل في اعلان الحرب علي كل من يتعاون مع المغرب وينتطر لحقه الترابي في الصحراء! علاوة على ذلك،أثبتت الجزائر لجزء من الرأي العام الإسباني أنها تبتزه في مواقفه السيادية ، والتي تُناقش في المؤسسة الرئيسية في نظامه السياسي وهي البرلمان، وأن العسكر الجزائري اتخذ موقفه بعد النقاش الذي تم داخل هذه المؤسسة، وبذلك تتدخل بالضغط عليه في قضية تُعتبر مدريد من أكثر الدول معرفة بخلفياتها من ألفها إلى ... يائها! فقد وضعت قيادة العسكر سببا وحيدا لتعليق اتفاقية الصداقة وحسن الجوار مع الجارة اسبانيا، لا يبدو أن فيه ذرة واحدة مما قد يعتبر مصلحة جزائرية صِرفة، كما هو متعارف عليها دوليا. ومن غريب الموقف المتهور، اذا اعتقدنا أنه كذلك ، أن المصدر الوحيد للقطيعة ارتبط بما سمته الجزائر الموقف الإسباني «المنافي للشرعية الدولية في قضية... الصحراء«! وقد قال بلاغ المجلس الامني الاعلى في الجزائر، أن «موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأممالمتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة»!!!. وبغض النظر عن التضليل بخصوص اسبانيا ك«قوة مديرة »، وهو الوضع الذي انتهى منذ 1976 برسالة رسمية من مدريد إلى الأممالمتحدة وأكدته الدولة الاسبانية باستمرار، فمن المحقق أنه لم يعد من الضروري العودة الىحيثيات الثوابت الجزائرية في الموضوع، التي جعلت مجلس الأمن ينصبها طرفارذيسيا في حل النزاع بموجب قراراته، لا سميا منها القرار الاخير 2602.. تفاصيل قليلة سبقت هذا التصعيد، تبين أن العسكر الحاكم أُصيب بِسعار لا حد له جراء موقف الدولة الإسبانية الذي أعلن عنه بيدرو سانشيز في رسالته التاريخية الى جلالة ملك محمد السادس .. ومنذ تاريخ 18 مارس الماضي الذي دشن مرحلة جديدة في العلاقات المغربية الإسبانية من جهة وعلاقة مدريد مع ملف الصحراء المغربية من جهة ثانية.. لم تُبْد الجزائر اي سلوك عقلاني أو رزين، بل زادت في جنونها بشكل تدرجي، باستدعادالسفير ثم إعلان نيتها في اعادة النظر في اتفاقية الغاز وتسويقه لإسبانيا وما رافقه من البحث عن قاعدة توزيع اوربية جديدة ، عبر ايطاليا .. وصولا الى تعليق الاتفاقية الثنائية الموقعة في 2002 بين البلدين... لقد راهنت الجزائر على تغيرما في الموقف الاسباني واعتمدت في رهانها على ثلاث قواعد وضعتها لنفسها وهي : -اولا ان الموقف موقف حكومة «بيدرو سانشيز»، وليس الدولة الاسبانية، وهو الوهم الذي حاول تسويقه عبد المجيد تبون شخصيا في حواراته منذ 18 مارس، غير أن سانشيز صدو ساكن «المرادية» و من يحركه عندما قال يوم الاربعاء الماضي امام البرلمان ان الموقف « موقف دولة تعمل على استقرار المنطقة» * ولقاعدة الوهمية الثانية هي التعويل على القوى السياسة المعارضة للحكومة وعلى رأسها «الشعبي» و«بوديموس» الراديكالي، من خلال المرافعات البرلمانية وتحريك المساطر الرقابية، غير ان ثلاث جلسات من هذا النوع لم تعط أية نتيجة ، والأكثر من هذا ربح سانشيز تقدما على مستوى خارطة الطريق مع المغرب و التي تم اعلانها إثر الزيارة التي استقبله خلالها جلالة الملك .. وبدأت الثمار تظهر سواء في تدبير عبور المهاجرين او الحضور الاسباني المتميز في مؤتمر مراكش للتحالف ضد الارهاب أو من خلال اجتماعات اللجن الموضوعاتية بما فيها لجن تحديد الولايات البحرية .. * القاعدة الثالثة هي المراهنة على ديبلوماسية الغاز و التهديد بتغيير التسويق الاوروبي له، وتعويض اسبانيابايطاليا في زمن النذرة والحرب، غير ان مدريد فرملت الغرور الجزائري بشكل حاسم عندما ابرمت اتفاقا مع المغرب لتزويده بالغاز المسال عبر الانبوب الاورو-مغاربي الذي جففت الجزائر ينابيعه ..! ولعل التلويح بمناقشة موضوع تعليق الاتفاقية الثنائية أمام الاتحاد الأوروبي رسالة تعني التضامن الاوروبي الشامل، بما فيه من طرف ايطاليا، مع الدولة الاسبانية في الموقف من القرار الجزائري. وبهذا الخصوص نجد ان الجزائر ستجد نفسها أمام معضلة تدبير الاتفاقية والأسعار التي هددت الجزائر باعادة النظر فيها عبر الرفع منها، وهوموضوع سيطرح علاقتها مع القارة الاوروبية كلها ..... الأبعد من هذا التحليل هو ان إسبانيا في مرافعة رئيس حكومتها وضعت موقفها ضمن شبكة قراءة دولية للحل والسلام واعتبرت أن «التقلبات الجيواستراتيجية الحالية بسبب الحرب صارت تدعو إلى حل النزاعات المزمنة»! و في المقابل وضعت الجزائر نفسها في الموقف الذي يزيد من التأزيم في المنطقة ، ويخلق المزيد من ظروف التوتر والتصدع في غرب المتوسط.... الذي تسعى أوروبا والحلف الاطلسي الى إبقائه بمنأى عن إسقاطات الحرب الروسية الأوكرانية..وممما يزيد من تقوية هذا الاعتقاد هو المناورات العسكرية التي قات بها قوات الجنرال شنقريحة على الحدود المغربية، وفي عرض المتوسط والتي تم فيها اطلاق صواريخ بحرية ، على حدود المياه الاقليمية المغربية الاسبانية ، غربا! ولعل ظلال البعد الدولي الموسوم بالنزاع، تتمثل كذلك في كون اسبانيا تستقبل في نهاية يونيو الجاري، مؤتمرا استثنائيا لحلف «الناتو»، وهو مؤتمر من مهامه تحديد استراتيجية هذا الحلف، في الوقت الذي فتحت فيه الجزائر ترابها للقوات الروسية، ولقواعد يعرفها الجميع.. آخر عنصر تأزيم، هو التزامن بين إعلان التعليق الفوري للاتفاقية مع اسبانيا والحاضنة لمؤتمر الناتو مع استقبال الجزائر للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ، العدو لرئيسي للولايات المتحدة في امريك اللاتينية، والعنصر الثاثل في التحالف الجزاذري الايراني في مواجهة واشنطن.. وهوما يعني الاصطفاف الكلي مع خصوم إسبانيا والحلف والأطلسي ، والتقارب الواضح مع أنصار موسكو...التي لا تخفي مطامعها وتحركاتها في البحر الابيض المتوسط، وفي دول الساحل جنوب الصحراء،حيث الحدود الملتهبة مع الجزائر. لقد اختارت الجزائر منطق الأزمة والتصعيد في المنطقة برمتها، وفي كل المعادلات الجيوستراتيجية وليس مع المغرب فقط، والواضح أنها تزيد من اتساع قوس الأزمات من جنوب الصحراء الى المتوسط مرورا بشمال افريقيا.. كما لو أنها قادرة على ضبط تفاعلات هاته الاوضاع فيما بعد! ولعلها تتصرف كما لوكانت روسيا الشق الغربي من الكرة الارضية!