نبّه المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الخاص بسنتي 2019 و2020، الذي صدر بالجريدة الرسمية أمس الإثنين، إلى خطورة الوضع المرتبط بالماء في البلاد، مؤكدا على أن "المغرب يوجد تحت عتبة الندرة المزمنة للماء". وأوضح المجلس في تقريره، في الشق المتعلق بقطاعات التجهيز والإسكان، "قطاع الماء"، أن وضعية المغرب المائية قد تتدهور في أفق سنة 2050، لتصل لعتبة الندرة المطلقة المتمثلة في 500 متر مكعب للفرد (سنويا)". وجاء في التقرير أن المغرب يتوفر على موارد مائية تقدر بنحو 22 مليار متر مكعب في السنة، وهو بذلك يصنف من بين العشرين دولة الأكثر "إجهادا" في العالم من حيث توفر هذه الموارد، إذ يبلغ النصيب السنوي للفرد من الموارد المائية حوالي 620 متر مكعب حسب الحقائق والأرقام التي أصدرتها المديرية العامة للمياه: " قطاع الماء بالمغرب، سنة 2020، مما يجعل المغرب مهددا بندرة مزمنة في هذه المادة الحيوية. وأشار المجلس الأعلى للحسابات في ذات التقرير، إلى أنه ولمعالجة هذه الإشكالية، فقد نهجت المملكة منذ ستينيات القرن الماضي سياسة إنشاء البنى التحتية المائية، حيث يتوفر المغرب حاليا على 149 سدا كبيرا حسب تصنيف اللجنة الدولية للسدود الكبرى، بسعة تخزينية تناهز 1.19 مليار متر مكعب، فضلا عن حوالي مائة سد صغير وبحيرة تلية، بالإضافة إلى الآلاف من الآبار والثقوب. وتستخدم المياه السطحية والجوفية المعبأة بشكل أساسي في السقي (حوالي 88%)، والإمداد بالماء الصالح للشرب وتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية الأخرى (حوالي 12%)، حيث مكنت سياسة تعبئة المياه من توسيع المساحات المسقية وتحسين مؤشرات البلاد من حيث تزويد سكان المدن والبوادي بمياه الشرب. وعلى الرغم من الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها، فقد أكد المجلس الأعلى للحسابات من خلال تقريره، على أن تدبير قطاع الماء يتطلب تجاوز عدد من أوجه القصور من أجل مواجهة التحديات المرتبطة بمشكل الماء في البلاد، موصيا بضرورة تعبئة الموارد المائية وتثمينها، ثم الحفاظ على هذه الموارد، والتخطيط وتنظيم قطاع الماء وكذا تمويله. يشار إلى أن المغرب يسعى إلى تحقيق "الأمن المائي"، من خلال إعلانه عن اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات للحد من الجفاف واحتواء التداعيات السلبية لتأخر التساقطات المطرية هذا الموسم، حيث أعدت الحكومة وتفعيلا للتوجيهات الملكية، برنامجا وطنيا للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي للفترة الممتدة ما بين 2020-2027 بكلفة إجمالية تصل إلى 115 مليار درهم، تم إعداده بشكل تشاوري بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية المتدخلة في قطاع الماء ومن بين أهداف هذا البرنامج، ضمان الأمن المائي على المدى القصير والمتوسط وذلك من خلال تسريع وثيرة الاستثمارات في قطاع الماء مع إيجاد حلول مهيكلة لتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، حيث يتألف هذا البرنامج من مجموعة من الإجراءات، تتوزع على خمسة محاور هي تنمية العرض المائي؛ وتدبير الطلب واقتصاد وتثمين الماء؛ وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي؛ وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة؛ والتواصل والتحسيس. وتهم هذه الإجراءات أيضا تنمية العرض المائي عبر تشييد سدود جديدة، أو الرفع من القدرة التخزينية للبعض منها، وإنشاء محطات لتحلية مياه البحر عند الاقتضاء، وتشجيع إعادة استعمال المياه العادمة وتقوية إنتاج وتوزيع الماء الصالح للشرب.