يحتاج اللغط الذي يواكب "إضراب" المعتقلين عمر الراضي وسليمان الريسوني عن الطعام إلى كثير من التدقيق. فقد بات مكشوفا بعد رسالة المندوب العام لادارة السجون انه "ماشي شي اضراب نيت"، وان المحرك الاساسي لهذه الخطوة هو الضغط واستجداء الخارج بأجنداته وحساباته لتصفيتها مع السلطات المغربية على ظهر من يعرضون خدماتهم بمقابل تمويل او تدويل! منذ اطل علينا الراضي والريسوني من شرفة مغامراتهما الجنسية سعت كل الأبواق الى تهريب القضية وتحويلها الى ملف حقوقي وحقوق الانسان منه براء! وكان يكفي ان تقرع الطبول ليستلم المتربصون بالوطن العملية الاعلامية والتسويق في الخارج. ومع ذلك لم تكلف أي من هذه الجهات "المكلفة بمهمة" نفسها البحث عن أجوبة فعلية لأسئلة مفتعلة، أجوبة تم دمجها في تقارير يومية للجان المجلس الوطني لحقوق الانسان وفروعه الجهوية التي تختص بحماية حقوق الانسان وتتبع اوضاع المعتقلين والتحقق من ادعاءاتهم بالاضراب او غيره. ليس سرا ان زوجة الريسوني زارت لجنة الحماية التابعة للجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان بالدار البيضاء مرارا طلبا للدعم والمؤازرة وقبلها فعلت ذلك والدة عمر الراضي لدى المجلس نفسها. وليس سرًا إنه وبطلب من عائلات المعتقلين وفور توصلها بخبر إعلان كلا عمر الراضي وسليمان الريسوني المتابعين في قضايا تتعلق بالحق العام، قرارهما الدخول في اضراب عن الطعام، انتدبت اللجنة الجهوية لحقوق الانسان فريقين، يتولى الأول مهمة ملاحظة وتتبع توافر شروط المحاكمة العادلة وإعداد تقارير بشأنها طيلة انعقاد جلسات المحاكمة، بينما أوكل لفريق ثان زيارة المعتقلين داخل السجن بشكل دوري طيلة موقف الإضراب، وقد زارت اللجنة عديد المرات كلا من عمر الراضي وسليمان الريسوني وكذا شفيق العمراني (الذي غادر السجن) وكان آخرها بتاريخ 26 ابريل الماضي. ودون الخوض في ما قد يترسخ لدى اللجنة من قناعة حول حقيقة الاضراب عن الطعام، وجبت الإشارة إلى ان منهجية المجلس الوطني لحقوق الإنسان المستمدة من مبادئ باريس، بشأن إنجاز تقارير الحماية تعتمد على عنصرين: التشخيص الطبي الاكلينكي وتدوين التصريحات الشفهية للمعتقلين أنفسهم بشأن وضعيتهم الصحية وحالتهم داخل المؤسسة السجنية إلى حدود تاريخ الزيارة. وبهذه المنهجية تأكد أن وضعية عمر الراضي الصحية تفاقمت في الآونة الاخيرة بسبب فقدانه للوزن الناتج عن مضاعفات انقطاعه عن تناول الدواء لمرض مزمن. وهو ما أخبر به اللجنة صراحة وقد ظل يتغذى خلال فترة الاضراب على العسل والماء الذي يشتريه من بقالة السجن، كما استفاد من خدمات مراجعة طبيب مختص وآخر أخصائي بالمستشفى الجامعي لتتبع حالته بناء على مقترح من اللجنة نفسها. بالمقابل، يقضي سليمان الريسوني مدة إضرابه عن الطعام في تناول فيتامينات بحوزته وبمعدل لتر ونصف اللتر من الماء يوميا، وحالته الصحية بذلك لا تدعو إلى كل هذه الجدبة التي يقيمها حواريه في مواقع التواصل الاجتماعي، وفقدان الوزن هنا نتيجة طبيعة لتغير في العادات الغذائية ليس إلا. وقد سجلت تقارير فريق اللجنة الجهوية أن شفيق العمراني، الذي غادر المؤسسة السجنية مضربا!! توفرت له كميات وفيرة من العسل بعضها سلمها له القنصل الامريكي خلال زيارته الدورية له أثناء قضائه عقوبة الثلاثة أشهر. وقد لاحظت اللجنة ان الوضعية الصحية للسجين طبيعية مع فقدان الوزن رغم أن تصريحاته تفيده بكونه يخوض اضرابه عن الطعام منذ اكثر من 80 يوما!! قد لا يحتاج الامر الى مزيد تعليق وتحليل لكشف الحق في الاضراب عن الطعام الذي أريد به باطل! ولعل ما يستحق التعليق هو تعاون إدارة السجون وإعادة الإدماج، وتفاعلها الإيجابي في كثير من الأحيان مع توصيات اللجنة من أجل تحسين أوضاع وظروف الاعتقال لكل من الراضي والريسوني، بالدرجة نفسها التي يسعى فيها القضاء لإنصاف ضحايا نزواتهما الجنسية.