مرة أخرى يتدخل صندوق الايداع والتدبير (سيديجي) لإنقاذ مقاولة خاصة من إفلاس مؤكد، وذلك بضخ أموال عمومية في رأسمالها، رغم أن النتائج المتوخاة من العملية غير مضمونة. فقد سارع صندوق عبد اللطيف زغنون إلى شراء 200 مليون درهم من أسهم رأسمال بنك “سي إف جي” (CFG) في الوقت الذي كان فيه البنك، الذي يملكه الوزير السابق عادل الدويري، على شفا حفرة من الإفلاس، ما اعتبره خبراء اقتصاديون وماليون مغامرة جديدة بأموال مآت الآلاف من المتقاعدين المغاربة التي يدبرها الصندوق. لقد سبق للسيديجي أن خسر أموالا طائلة بعد اقتنائه حصة كبيرة من أسهم شركات عقارية خاصة بعد انهيار سعر هذه الأسهم في بورصة القيم، وها هو يغامر مرة أخرى بالمساهمة في رأسمال بنك سجل خسارة تقدر ب 78 مليون درهم السنة الفارطة. زغنون اتخذ قراره هذا رغم تحذير المجلس الأعلى للحسابات الذي أوصى في تقريره الأخير بضرورة تقليص عدد فروع الصندوق وعقلنة استثماراته. ويعتقد عدد من المراقبين أن هذه الجريمة الجديدة التي ارتكبت في حق أموال المتقاعدين قد يكون دافعها هو الصداقة التي تجمع الطرفين المعنيين بتسيير المؤسستين، ضدا على العواقب المالية والاجتماعية الخطيرة التي ستضع أصحاب القرار أمام مسؤولياتهم. هذا بالرغم من أن عددا من المسؤولين السابقين بالسيديجي، من بينهم المدير العام الأسبق أناس العلمي، لا يزالون قيد المحاكمة بسبب تقصيرهم في تدبير شؤون المؤسسة، تطبيقا لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة. مغامرات عبد اللطيف زغنون تبدوا أحيانا مضحكة كقراره المساهمة في يونيو 2018 في رأسمال حلويات “ميمنة”، و هي شركة متواضعة لم يتعد حجم معاملاتها 80 مليون درهم برسم سنة 2017. للتذكير، فإن حجم الخسارة التي تكبدها صندوق الايداع والتدبير خلال نفس السنة بلغ 7 مليار درهم، ما جعل أحد متتبعي شؤون الصندوق يتسائل إن كان عبد اللطيف زغنون يراهن على “لَمْسَمّن والفقاس، لإنقاذ السيديجي من الإفلاس”. مصادر من داخل امبراطورية “بلاص بيتري” تقول إن المؤسسة تعيش أسوأ أيامها على عهد أسوإ مدير منذ نشأتها سنة 1959، وتنذر برحيل زغنون الذي بقي وفيا لسياسته حين كان على رأس إدارة الجمارك ثم إدارة الضرائب حيث يتعامل مع الملفات الكبرى بسياسة “كم حاجة قضيناها بتركها”.