على إثر الضجة المدوية التي أثارها تحقيق لجريدة “إلموندو” الإسبانية حول قضية معروضة على القضاء الإسباني، والتي يواجه فيها مسؤولون مغاربة، على رأسهم عبد الله بوصوف، الكاتب العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، اتهامات بتحويل تمويلات يقدمها المغرب لمحاربة التطرف في أوروبا إلى حساباتهم الخاصة، اتصل موقع “برلمان.كوم” برئيس المنتدى المغربي- الإسباني للأمن ومكافحة الإرهاب، الإعلامي المغربي سعيد إدى حسن، المقيم بإسبانيا، لمعرفة رأيه حول ملابسات هذه القضية: س- ما رأيكم في القضية التي أثارتها جريدة إلموندو؟ ج- في حقيقة الأمر، فضيحة التمويلات المغربية التي كان من المفترض أن تتلقاها بعض الجمعيات الإسلامية في منطقة كتالونيا (شمال شرق إسبانيا) والتي تبخرت دون أن تعرف الجهة التي استولت عليها، تفجرت مباشرة بعد طرد الناشط المغربي نورالدين الزياني من قبل السلطات الإسبانية سنة 2013. من فجر القضية، وهذا أمر لا يخفى على أحد من المهتمين بشؤون الجالية المغربية بإسبانيا، هي الإدارة التي خلفت نورالدين الزياني على رأس اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية بإقليم كتالونيا وليس جريدة “إلموندو”. الجديد في الأمر هو أن ذات الجريدة قامت فقط بنشر وثائق معروضة على أنظارالقضاء الإسباني والتي تُورط الأمين العام لمجلس الجالية عبد الله بوصوف وتتهمه بالاستيلاء على بعض من هذه الأموال بطريقة غير شرعية. نحن نؤمن بمبادئ العدالة والحرية، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن ما يثير الاستغراب في هذه القضية هو عدم تحرك النيابة العامة في المغرب وعدم فتح تحقيق في هذه الاتهامات الخطيرة وكأن الأمر لا يتعلق بسمعة مؤسسات مغربية في غاية الأهمية ولحساسية تتحكم في ميزانيات بملايين الدولارات من المفترض أن تصرف بعقلانية وحكامة، وتحت مراقبة صارمة لخدمة المصالح الاستراتيجية للمملكة بالخارج. أما المثير للسخرية هو التصريح البئيس للناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، الذي تهجم فيه على جريدة إسبانية قامت فقط بنشر وثائق رسمية معروضة أمام القضاء الإسباني. ماذا سيكون رد فعل هذا الناطق إذا ما تم استدعاء عبد الله بوصوف ومن معه أمام القضاء الإسباني وهذا أمر جد محتمل؟ س- هل يتم حاليا استنساخ “تجربة الزياني” في بلدة فوينلابرادا بمدريد ؟ هناك أنباء عن استمرار مجلس الجالية ووزارة الأوقاف بدعم جمعيات مغربية بنفس الطريقة في إسبانيا. هل هذا أمر صحيح ؟ ج- مباشرة بعد طرد نورالدين الزياني من إسبانيا سنة 2013، وصلتني أنباء مؤكدة تفيد بأن السلطات المغربية كانت تستعد لدعم إحدى الجمعيات المغربية في مدريد لإعادة نفس التجربة. وبالصدفة أثرت الموضوع مع أحد الدبلوماسيين المغاربة وقلت له بالحرف: “سيكون من البلادة والحمق إعادة استنساخ تجربة نورالدين الزياني في مدريد، وأنا أؤكد لكم أنها ستكون تجربة فاشلة”. ومنذ ذلك الوقت وإلى حدود الساعة تم ضخ أزيد من خمسة ملايين أورو في “جمعية الأمة الإسلامية” ببلدة فوينلابرادا، جنوبمدريد، لتأسيس اتحاد للمساجد يسيره أناس لا يتوفرون على أي تكوين أكاديمي أو علمي أو فقهي حتى لا نقول أميين “بالعربية تاعرابت”. أهكذا سنحارب الإرهاب والفكرالمتطرف الذي يتهدد أبناءنا ويستعمل أحدث التقنيات لتخريب عقول شبابنا بالمهجر؟ أهذا هو “الإسلام المغربي” الذي يتبجح عبد الله بوصوف ومن معه بنشره بين أبناء الجالية المغربية بأوروبا ؟ يذكر أن التحقيق الذي نشرته جريدة “إلموندو” تحت عنوان “الغطاء الأنثوي لتجارة المخبرين المغاربة في إسبانيا”، أفاد أن محكمة إيغوالادا في برشلونة، تحقق في قضية تحويل أموال عمومية مغربية إلى حسابات شخصية لمسؤولين مغاربة. وأورد التحقيق أن مبالغ مالية كانت تدفع لمواطنين مغاربة مقيمين في إسبانيا، غيرأن هؤلاء كانوا يحولونها لحساباتهم عن طريق تحويلها لزوجاتهم. التحقيق الإسباني لم يتوقف عند هذا الحد، بل نشر صور وأسماء المغربيات زوجات المسؤولين، اللواتي حُولت لهن المبالغ محط الجدل، موردا تصريحاتهن أمام القضاء الإسباني لتبرير ما تلقينه من مبالغ خيالية. ونقلت الجريدة عن مصدر مسؤول إسباني قريب من التحقيق، أن الأموال المذكورة رست في حساب وكالة أسفار مملوكة لثلاثة زوجات لمسؤولين مغاربة، قبل أن تنتقل إلى حساب وكالة أسفار في الرباط مملوكة لمسؤول مغربي. صمت مريب لإدريس اليزمي يحتمل عدة تأويلات. ويقول التحقيق إن قضية الأموال المغربية انكشفت سنة 2015 عندما بدأت إحدى المراكز الإسلامية التي كانت تتلقى مساعدات من المغرب بالتدقيق في حساباتها، بعدما لاحظ أعضاؤها أن ما يتلقونه من مساعدات مالية من المغرب لم يحقق ما تم تسطيره من أهداف لها، لتنتقل القضية إلى محكمة إيغوالادا بعد سنة، والتي فتحت التحقيق باعتباره جريمة لتحويل المساعدات. وقد استغرب مراقبون صمت إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني للجالية المغربية بالخارج، في هذه القضية، رغم أنه الممثل رقم واحد لذات المجلس، ومن المفروض أن يكون حريصا على سمعته ومصالحه. وهذا الصمت يحتمل عدة تأويلات برأي العديد من المراقبين. وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لا ندري إن كان فعلا عبد الله بوصوف قد رفع دعوى قضائية ضد جريدة “إلموندو” كما سبق أن أعلن على ذلك أم لا.