أشاد محمد بن عيسى، وزير الخارجية والتعاون سابقا، صباح اليوم السبت بمراكش، في إطار المؤتمر الدولي السابع ل”حوارات أطلسية”، بما حققته المملكة المغربية من جهود جبارة في التقريب بين ضفتي الأطلسي، وفق المقاربة الرائدة التي كرسها الملك محمد السادس للعلاقات بين إفريقيا والعالم الأطلسي، بما أهل المغرب ليكون صوت إفريقيا القوي في المنتدى المتوسطي وبوابة القارات الثلاث، ودعامة السلم والأمن والاستقرار في محيط مضطرب. وقال بن عيسى، ضيف جلسة نقاش “الحوار الأطلسي: المسار الثقافي”، إن مفهوم المجال الأطلسي، الذي قليلا ما يخضع لواجب التدقيق والتمحيص، يحددان إطاره العام الدلالة الجغرافية- التاريخية، والدلالة الاستراتيجية التي ارتبطت بالحرب الباردة والنظام الدولي الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية. وبهذا الخصوص أفاد بن عيسى، أن الدلالة الجغرافية- التاريخية، تركز على جسور الترابط التي نسجها المحيط الأطلسي بين القارات الثلاث (إفريقيا وأوروبا وأمريكا)، خصوصا منذ اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح (1487) ووصول كريستوف كولومبوس إلى أمريكا (1496). ليتحول المجال الأطلسي إلى مركز العالم منذ القرن الخامس عشر بما كرس تراجع العالم الآسيوي وانطلاق الحداثة من الضفة الأطلسية الأوروبية وتركز الاقتصاد العالمي حول مسالك التجارة الأطلسية أي التجارة الثلاثية التي كان لها أسوأ التأثير على أوضاع إفريقيا نتيجة لاستجلاب مئات الآلاف من العبيد إلى العالم الجديد. وتابع أن الإطار الثاني يتمثل في الدلالة الإستراتيجية، التي ارتبطت بالحرب الباردة والنظام الدولي الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية على أساس الدور المحوري للولايات المتحدةالأمريكية من حيث هي مركز المنظومة الاقتصادية العالمية والقوة العسكرية الأولى دوليا، بما عكسه إنشاء أهم حلف عسكري إستراتيجي دولي هو حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1949 من أجل ضمان أمن واستقرار العالم الأطلسي وإن توسع ليشمل أغلب البلدان الأوربية. وأشار بن عيسى إلى إنه من الضروري العمل على تصحيح الصورة السلبية السائدة في المجال الأطلسي ما بين شعوبه وثقافاته المتنوعة، بما فيها الشعوب الإفريقية والأمريكية الجنوبية التي تجمعها شتى الأواصر والعلاقات ويجمعها المصير المشترك. وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى توثيق جسور التعاون والتنسيق بين المؤسسات الثقافية الأطلسية التي لا تزال في غالبها منغلقة على محيطها الضيق على الرغم من التداخل اللغوي والثقافي الكثيف بين مكونات هذا المجال الواسع. وفي نهاية كلمته، قال بن عيسى “إن الجنرال ديغول كان يقول إن أوروبا الممتدة من الأطلسي إلى الأورال ستتحد إذا توحد مستقبل العالم. وما نقوله اليوم إن هذا المستقبل مرهون بالشراكة مع الضفة الأخرى للأطلسي التي لا محيد عنها في صناعة التاريخ وبناء الحضارة الكونية.”