الدريوش: قطاع الصيد سجل استثمارات فاقت 930 مليون درهم وخلق 126 ألف منصب شغل    حضور مغربي قوي في جوائز الكاف للسيدات    الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلف الناتو والبحث عن أهداف جديدة في المتوسط
واشنطن تحول أوروبا إلى وكالة عسكرية معنية بتغيير العالم
نشر في العلم يوم 12 - 09 - 2011

يوم الخميس 8 سبتمبر 2011 أعلن الامين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن في لشبونة عقب لقاء مع وزير الخارجية البرتغالي باولو بورتاس ان عمليات الحلف في ليبيا ستستمر «طالما هناك خطر» محتمل من قوات القذافي. واضاف ان الزعيم الليبي معمر القذافي ورجاله «يجب ان يدركوا انهم لن يكسبوا شيئا بمواصلة المعارك»، مؤكدا ان «ليبيا في صدد طي صفحة».
قبل ذلك بأيام وفي نهاية المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي عقد في باريس في بداية شهر سبتمبر، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن غارات الحلف الأطلسي ستستمر.
قرار موصلة عمليات «الناتو» جاء رغم أن قائد قوات الحلف في نابولي الأميرال الأمريكي صمويل لوكلير كان قد قلل من خطورة قوات القذافي، قائلا انه «لم يعد لقوات القذافي القدرة على شن أي عمليات عسكرية حقيقية». وأضاف إن تفويض الأمم المتحدة يستمر حتى 27 سبتمبر 2011 وان «الدور المقبل للحلف سيتوضح في المستقبل». وتابع ان المهام الجديدة للحلف ستكون «حماية مصادر البترول والمياه، وتنظيف ليبيا من أسلحة الدمار الشامل، والمساعدة في ضمان الأمن الداخلي ومواجهة خطر الإرهاب».
عقبة 27 سبتمبر التي أشار اليها قائد قوات الحلف سيتم تجاوزها بطلب من المجلس الوطني الانتقالي الليبي.
تعزيزات عسكرية
مصادر ألمانية وروسية لاحظت مع بداية شهر سبتمبر أن الحشود البحرية والجوية لحلف «الناتو» في البحر المتوسط وفي القواعد التابعة للحلف في كل من إيطاليا وتركيا وإسبانيا والبرتغال وقبرص لم تتقلص بل على العكس شهدت تعزيزات خاصة في قبرص وقاعدة أزمير التركية التي تستخدم كمقر قيادة للعمليات في ليبيا.
زيادة على ذلك تم تعزيز الوحدات البحرية التابعة لبعض دول «الناتو» التي تبحر في شرق المتوسط قبالة السواحل اللبنانية والموجودة هناك في نطاق ما يسمى تعزيز دور قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونفيل» ومنع تزود المقاومة اللبنانية بالسلاح عن طريق البحر.
هذا الحشد يعزز تأكيدات عدد من الملاحظين بأن الحلف يمهد لعمليات عسكرية أخرى في منطقة شرق وجنوب المتوسط وأن ليبيا لم تكن أكثر من محطة على مسار طويل. المقصود في هذا المسار وفي مستقبل قريب هو سوريا ولبنان وربما مصر حيث تحاول قوى مختلفة زعزعزة استقرار البلاد والطعن في مصداقية المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ويسجل أنه في نفس الوقت تتحرك جماعات مختلفة بهدف زعزعزة الاستقرار وهي تركز على تعزيز أفكار الإنفصال والتقسيم تحت غطاء الدفاع عن حقوق بدو سيناء والنوبيين في جنوب مصر، والتشكيك في عروبة سكان واحات غرب مصر.
في مواجهة هذه التحركات وغيرها أكد المشير حسين طنطاوي، القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال لقائه مع رجال القوات المسلحة بالمنطقة المركزية العسكرية يوم الخميس 8 سبتمبر، على أن الظروف الراهنة التي تمر بها مصر تفرض على الجميع الدفاع عن استقرار الوطن على نحو يحقق المطالب المشروعة لأبنائه، مشددا على أن «حرية التعبير بالطرق السلمية مكفولة للجميع، ولكن قيام بعض الفئات بتفضيل المطالب الخاصة وتنظيم الاعتصامات التي تسبب تعطيل العمل بالدولة يضر بمصالح الوطن واستقراره»، كما أوضح التزام القوات المسلحة بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بمنتهى الشفافية للوصول بمصر إلى بر الأمان.
مصادر رصد مختلفة أشارت إلى أن على قائمة تدخل حلف «الناتو» دول عديدة أخرى في منطقة الشرق الأوسط العربية التي تمتد من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي. وهذه الدول هي تلك التي لم تنجح حتى الأن واشنطن وحلفائها في ركوب حركة تحولها وتطورها لتحويلها من عملية إصلاح إلى فوضى. التدخل العسكري مؤجل في انتظار نجاح مخططات الفوضى الخلاقة التي شرعنها المحافظون الجدد لإعادة رسم الخريطة العربية التي تغطي الجزء الأكبر من الشرق الأوسط الكبير حسب التعريف الأمريكي، بهدف الوصول إلى تفتيت المنطقة على أسس عرقية وطائفية ودينية إلى ما بين 54 و 56 دويلة متناحرة.
المهمة العالمية «للناتو»
قبل فترة ليست بالطويلة نشرت صحيفة «كريستيان سياينس مونيتور» الأمريكية تقريرا لمحللها السياسي «هيوارد لافرنشي» تحت عنوان «مهمة الناتو في القرن الحادي والعشرين الانتقال من أوروبا إلى العالم». يشير الكاتب إنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدأ «حلف الناتو» إعادة هيكلة لمواجهة الواقع الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة، وذلك للتحول من العقيدة العسكرية الدفاعية إلى العقيدة العسكرية الهجومية، وإقامة تحالف سياسي عسكري جديد يتلاءم مع مخططات القرن الحادي والعشرين التوسعية «حروب السيطرة على الموارد، وكانت خطوته الأولى توسيع «حلف الناتو» وضم أعضاء جدد من دول شرق ووسط أوروبا التي كانت في وقت من الأوقات عضوا في حلف «وارسو» وهدفت هذه الخطوة ضمن أهداف عديدة أخرى إلى زيادة القدرة العسكرية للحلف، وتوسيع رقعة المهام من أوروبا إلى العالم، والتحول من كيان عسكري يهدف حماية أمن أوروبا من تهديد الاتحاد السوفيتي إلى كيان عسكري هجومي يشارك في الغزوات العسكرية الأمريكية عبر العالم.
يقول محللون: «الناتو كان في الأصل وكالة معنية بإرساء الاستقرار في أوروبا الآن أصبح وكالة لتغيير العالم» فهو اليوم وبدعاوي من المحافظين الجدد وخاصة من الولايات المتحدة يريد ان يصبح «ناتو كونياَ»، «وهو أمر معقد وفي غاية الخطورة في آن واحد.
ان الناتو قد توسع شرقاَ ولكنه في الوقت نفسه قلل من حجم قواته العسكرية حيث نلاحظ ان أوروبا بالكامل وليس حلف «الناتو» فقط، قد اضطرت صوب خفض الإنفاق العسكري والتوجه صوب الأنفاق الاجتماعي لمواجهة أزماتها الإقتصادية المتتابعة وتبعاتها. المهم ان «الناتو» قد وسع رقعة مهامه الجغرافية رغم تقليله من حجم القوات المطلوبة للدفاع والهجوم.
تجارب نهاية العقد الأخير من القرن العشرين ورغم جهود تحول الناتو الى الكوني كشفت عن ضعف واضح في قدرات التدخل العسكري المباشر بطاقة بشرية عالية، وهو ما سجل بشكل جلي أثناء حملة كوسوفو عندما اعتمد الحلف على القوة الجوية وخشى تماماَ الالتحام البري بقوات جيش محدود صغير لصربيا.
رئيس تحرير مجلة «جينس ديفينس ويكلي» البريطانية صرح لوكالة الأنباء الألمانية: «ان فكرة الأمن أصلا في العالم قد تغيرت وألان على الحلف في أعلى مستوياته الاستراتيجية ان يحدد ويناقش الأماكن التي تمتد اليها حدوده» وما نشاهده من مطالبة قيادة الحلف المستمرة بأرسال مزيد من الجنود في أفغانستان هو دليل على وهن وضعف الاستراتيجية التي فشلت في حل أصعب المعادلات وهي ملء الفراغ الأمني في الجنوب الأفغاني. ونرى التخبط الواضح والتراجع المذهل عن التصريحات الطموحة من المسؤولين في كلا الجانبين، أي الأطراف الأوروبية في حلف الناتو وأمريكا وهو ما قد يفسره البعض تكتيكياَ وهو ليس كذلك انما هو انحدار الاستراتيجية. ففي الوقت الذي تطلق امريكا حربا كونية على ما تصفه بالإرهاب تعود وتطلق عليها الحرب الطويلة ثم عادت أخيراَ وقال سياسيوها أنها العمليات الخارجية العاجلة او الطارئة، وهكذا انحدار وتخبط واتهامات بينهما نتيجة الوهن الاستراتيجي وضعف الأنفاق العسكري، فنلاحظ مثلاَ أن وزير الدفاع الأمريكي السابق «روبرت غيتس» يقول متهماَ قوات الناتو الأوربية «أنكم لاتجيدون حرب العصابات أنكم مازلتم على فكرة الحرب التقليدية أنكم مازلتم تنتظرون الفرق السوفيتية المدرعة عبر الفولغا «أنكم لا تقومون بدوريات انتم قابعون في قواعدكم»، وهو مايظهر تباين الحسابات الأوربية عن الحسابات الامريكية بشكل لا يقبل الاختلاف.
مشاكل الحلف من حيث محدودية القدرة الكمية أي البشرية والمادية، تم تجاوزها في بعض مناطق الشرق الأوسط الكبير لفضل النجاح الأمريكي في تقليص حجم التدخل الخارجي عبر توجيه حركات التطور والاصلاح المحلية إلى أدوات لزعزعة الاستقرار وممهد لتسهيل الغزو العسكري عبر الناتو أو غيره من أجهزة الهيمنة المكلفة بفرض النظام العالمي الجديد.
تحول «الناتو»
تحول «الناتو» خاصة في شعبته الأوروبية إلى وكيل لتنفيذ مخططات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة لا يتم بالسهولة المرجوة في واشنطن بسبب عثرات تجربة أفغانستان.
تأسس حلف شمال الأطلنطي عام 1949 بناءا علي معاهدة شمال الأطلنطي والتي تم توقيعها في «واشنطن في الرابع من أبريل عام 1949.
وتحدد الدور العسكري الرئيسي للحلف بحراسة حرية الملاحة، وحماية الدول الأعضاء من أي اعتداء عسكري عليها باستخدام حشد القوة العسكرية المتحالفة، ولعب الحلف دورا محوريا في الأزمات السياسية، وقد ساهمت كافة الدول الأعضاء في حشد القوات وتوفير المعدات العسكرية لتشكيل حلف عسكري يعد الأكبر من نوعه في العالم، وهناك دول أخرى ذات علاقات وطيدة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءا من تشكيلته الرسمية، ويطلق عليها لقب «حليف رئيسي» لحلف الناتو.
بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي توقع العديد من السياسيين أن يتم حل «الناتو» لأن دوره الأساسي قد إنتهى، ولكن واشنطن ولندن أساسا حالتا دون وقوع ذلك، وتمكنت بعد انتهاء الحرب الباردة من أمركة دول شرق أوروبا وتفكيكها عبر الحروب والانقلابات العسكرية والسياسية، ليسهل السيطرة عليها ضمن أسلوب القضم الجيوبوليتيكي والتفكيك المجتمعي، لتدمجها سياسيا وعسكريا واقتصاديا مع دول غرب أوروبا مؤسساتيا واقتصاديا، وتجعل منها قواعد عسكرية ومنصات أطلاق صواريخ إستراتيجية وأوراق ضغط سياسية.
ويقول الدكتور: مهند العزاوي رئيس مركز صقر للدراسات الإستراتيجية «للحلف ما بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي أهداف عسكرية معلنة هلامية نحو دول التقاطع الاستراتيجي في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وهي: حماية دول العالم بشكل عام، وحماية الدول الأعضاء فيه بشكل خاص، وحفظ الأمن والاستقرار، ويبدوا واضح من خلال تلك الأهداف التي اتخذت من «الحرب العالمية على الإرهاب» بمنحاها الراديكالي المتطرف منهجية حربية لها وبمنحى استراتيجي، مما يؤمن حرية الحركة والمناورة الحربية في أي بقعة، وكذلك حشد ونقل القطعات العسكرية والمعدات، نحو دول الاستهداف الاستراتيجي.
وهكذا تحول حلف الناتو لتنفيذ مهام إستراتيجية عسكرية ذات منحى سياسي واقتصادي خططت لها الولايات المتحدة لمدى بعيد، ويعتبر الحلف اليوم الظهير العسكري الساند للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا وقوة ردع لأسيا وأفريقيا ضمن فلسفة الصراع القاري، والملفت للنظر التحول في العقيدة العسكرية للحلف خصوصا بعد انتهاء التهديد وتفكيك الاتحاد السوفيتي، وقد ترك أعضاء الحلف الباب مفتوحا أمام مهام حربية مستقبلية هلامية تطال كافة بقع الأرض.
وما يثير الريبة والشك في عملية التحول أنها تعيد إلى الأذهان المفاهيم الاستعمارية، وإعادة العالم والمنطقة إلى مفهوم الاستعباد والاستعمار القاسي والناعم، وشهد الجميع فتح الأسواق بالقوة، وتركيز احتكار النفط والغاز، وترويج واسع لسوق السلاح، وصناعة الإرهاب وتجارة الأمن والمرتزقة في دول العالم الثالث حصرا، وكثيرون ينظرون إلى السياسة الأمريكية والأوربية أنها تستعدي العالم العربي الإسلامي تحت يافطة محاربة الإرهاب، وبنفس الوقت تذكي الصراع بين المسلمين عموديا إلى سنة وشيعة وتتلاعب بهم كجزء من إستراتيجية أكبر في هذه المجال، وهذا جاء بشكل متناغم مع ما أوصى به فريق «بلتشلي» وأعضاءه من المحافظين الجدد في أمريكا وقد أعدوا وثيقة من سبع صفحات أطلق عليها تسمية «دلتا الإرهاب» التي تستهدف تقسيم وتفتيت دول العالم العربي والإسلامي.
مشروع واشنطن الخاص بالناتو
أجرت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول الأعضاء في حلف الناتو عدد من المتغيرات التكنيكية لإغراض صيانة الإستراتيجية ذات الطابع السياسي والعسكري، خصوصا بعد الأزمة المالية وتردي جاهزية القوات الأمريكية من جراء غزو العراق وأفغانستان، وكان مسيرو عدد من مراكز الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية قد اعدوا مشروعا للتعاون الاستراتيجي أطلق عليه تسمية «مشروع واشنطن الخاص بالناتو»، ويتسق مع مطالب عدد من الدول الأوربية ذات النزعة الكولينالية والطامحة للعب دور عسكري عالمي يتناسب مع الإستراتيجية العسكرية للهيمنة على العالم، خصوصا إذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تستنزف قوتها الصلبة تستخدم إستراتيجية «الاقتراب الغير مباشر» عبر سياسة التحالفات باستخدام القوة الناعمة والذكية واستخدام القوة أو التلويح بها، أو عبر فرض القوة من خلال طرف ثالث «الحرب بالوكالة»، والاتكاء على حرب الأشباح، وممارسة الاحتواء المزدوج، ويمكن رصد عدد من المتغيرات والمطالب والتوصيات لتعزيز الشراكة الإستراتيجية السياسية والعسكرية بين الطرفين، ويبدو أنه هروب إلى الأمام لإيقاف التعثر السياسي والعسكري في محور أفغانستان باكستان وكذلك العراق والتقرب نحو منطقة القوقاز.
الفشل في تحقيق التوازن
بالمقابل فشلت الدول العربية والإسلامية او دول العالم الثالث من تشكيل حلف عسكري متكامل مماثل يحقق مقومات التوازن والأمن والدفاع، وأضحى ذلك من المحظورات وخط احمر أمريكي إسرائيلي، مما احدث خرقا كبير في موازين القوى وتوازن المصالح، وبات التحالف الثلاثي الولايات المتحدة وإسرائيل ومن خلفهم الظهير الأوروبي «حلف الناتو» حقيقة ملموسة تعمل على:
1- أذكاء حروب الانشقاق والتفتيت والنزاعات الدموية في العالم العربي والإسلامي وتقسيم مجتمعاتهم بشكل عمودي سنة وشيعة وأفقيا طوائف ومذاهب وأعراق، ونسف منظومة القيم الوطنية والدولية بما فيها الدينية والقومية.
2 - تسويف القضية الفلسطينية وشغل أقطاب الصراع بلعبة المفاوضات وتقزيم الصراع العربي الصهيوني إلى صراع إسرائيلي فلسطيني، في ظل تهويد القدس وتوسيع سياسة الاستيطان والتغيير الدموغرافي وطمس حقوق الشعب الفلسطيني بالكامل مع أذكاء روح الانشقاق والاحتراب ضمن الجسد الواحد.
3 - تدمير وتفكيك العراق الذي كان يعتبر حتى قبل الغزو الأمريكي سنة 2003 أحد أهم عناصر القوة الصلبة العربية، وتصفير دولته وقواته المسلحة واستبدالها بمنظومات ومؤسسات هشة مدمجة تفتقر إلى عقيدة عسكرية وطنية، مع إرساء منظومة مفاهيم وقوانين هجينة تفتقر إلى التجانس مع البيئة المؤسساتية والاجتماعية العراقية ولا تخدم المصلحة العليا للعراق، مما تلقي بظلالها على البنية التحتية العراقية وتجعل من العراق مقسما مفككا ضعيفا تسوده النزاعات وصراع المغانم الفئوية والطائفية والشخصية، وترسيخ المفاهيم الاستعمارية التي تروجها الشركات الكبرى واللوبي الصهيوني.
4 - ديمومة العمل على أعادة هيكلة الشرق الأوسط، ويبدوا ذلك جليا في ملامح تقسيم السودان والعراق ولبنان واليمن والصومال ومصر وتفكيك الوطن العربي تمهيدا لجعله 56 دويلة بدلا من 22 قطر عربي وبذلك يتم اخراج العرب من معادلة الصراع وتأمين الاستقرار لإسرئيل.
5 - التقرب والقضم الناعم نحو القارة الأسيوية التي تعد الهدف الاستراتيجي النهائي لفرض النظام الإمبراطوري الأمريكي. فالولايات المتحدة تدرك أن لديها نافذة زمنية متقلصة مدتها في أفضل الأحوال 15 سنة لمنع تحول الصين إلى القوة العسكرية والاقتصادية الأولى في العالم، وبالتالي إنهاء النظام العالمي الجديد الذي وضعه تحالف المحافظين الجدد مع الحركة الصهيونية العالمية.
ولا يمكن إغفال الهيمنة الإسرائيلية والاختراق الليبرالي لدول العالم العربي واستخدام أراضيه كمسارح للتصفيات والضربات الجوية والحرب الشبحية وبالتنافس مع إيران لتقسيم التركة العربية بينهما.
«رقعة الشطرنج الكبرى»
كتب زيغينو بريجينسكي مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الامريكي جيمي كارتر في مؤلفه «رقعة الشطرنج الكبرى»إن الساحة الرئيسية التي تدور عليها لعبة الصراع العالمي هي أوراسيا وهي لعبة تنتهي بسيطرة الغالب على الإدارة الاستراتيجية للمصالح الجغرافية السياسية، حيث الاعتقاد الراسخ لدى السياسيين بأن من يسيطر على أوراسيا يسيطر على العالم. وفي عصرنا الحديث، انبرت أمريكا للسيطرة على هذه البقعة الحيوية من العالم، حيث الهدف النهائي للسياسة الأمريكية يتمثل في صياغة وتشكيل جماعة دولية متعاونة تكرس هذه الهيمنة.
ويقول الكاتب أن الوقت قد حان بالنسبة للولايات المتحدة لصياغة وتنفيذ جيوستراتيجيا متكاملة وشاملة وطويلة الأمد لعموم أوراسيا. ويرى أن القوة التي تسيطر على أوراسيا هي القوة التي تتحكم في اثنين من مناطق العالم الثلاث الأكثر تقدماً والأوفر في مجال الإنتاجية الاقتصادية، فالذي يسيطر على أوروبا يسيطر على أفريقيا. وفي أوراسيا تقع الدول الست التي تلي الولايات المتحدة في ضخامة الاقتصاد وحجم الإنفاق على التسلح، وفيها أيضاً توجد جميع الدول النووية المعلنة باستثناء واحدة.
إن رقعة الشطرنج الأوراسية بيضوية الشكل لا تشغل لاعبين اثنين بل عدة لاعبين، يمتلك كل لاعب منهم كميات متباينة من القوة.
ويشير المؤلف إلى أن القضية المركزية بالنسبة لأمريكا تتركز حول الكيفية التي ينبغي أن تنبني بها أوروبا المرتكزة أساساً على الرابطة الفرنسية الألمانية. وأن تكون أوروبا قادرة على البقاء، وأن تظل مرتبطة بالولايات المتحدة. وأن أوروبا تعد رأس الجسر الأوراسي للنفوذ الأمريكي ومنصة الانطلاق المحتملة لتوسع المنظومة الديمقراطية العالمية في أوراسيا.
ويرى المؤلف أن على أمريكا أن توثق العمل بشكل خاص مع ألمانيا من أجل تشجيع توسع أوروبا شرقاً، فهذا سيحقق ضغطاً أمريكياً ألمانياً مشتركا ضروريا من أجل السيطرة على حلف الناتو وتوسيعه الذي يعد ضرورة أساسية إذا ما أريد لأوروبا الجديدة أن تظل جيوبوليتيكيا جزءاً من المجال الأوروبي الأطلسي.
ويرى برجينسكي في تعزيز السيطرة الأمريكية على حلف الناتو جسرا» للعبور الى القوقاز. كونه يرفض رفضا» قاطعا «فرضية قدرة دول الناتو على تصدير الليبيرالية الى ما وراء بحر قزوين والحزام الأوراسي الذي يراد به احكام الحصار على كل من روسيا والصين حتى تتوفر حسب اعتقاده ظروف إنهيارهما.
الحفاظ على القطب الوحيد
يستعرض برجينسكي إمكانية تعرض هيمنة الولايات المتحدة العالمية لتحد خطير حتى من جانب من يعتبرون حاليا من حلفائها، ولذلك يركز على ضرورة توسيع الناتو وربطه بشكل كامل بالأهداف الأمريكية مع إغراء أعضائه بجزء من كعكة المكاسب الاقتصادية والسياسية.
وينتقل المؤلف لبحث احتمال لعب اليابان لدور القطب البديل في آسيا. فيستبعدها «لجملة اسباب منها: خلافاتها مع محيطها وحاجتها الملحة للآخرين عدا عن مشاكلها الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية وانتهاء» بمجاورتها للصين.
والصين بدورها مستبعدة من قبل المؤلف «أقله على المدى المنظور كما يقول» وذلك لأسباب متداخلة اهمها تناقضاتها بين نظام متشدد وانفتاح اقتصادي مقنن وبين الفوارق بين سكانها على صعيد المستوى المعيشي والرفاهية ونمط الحياة اليومية. وأيضا «التناقضات الدينية والفكرية بين سكانها. مع ايلاء المؤلف الأهمية الأكبر لاعتقاده بعجز الصين عن الاحتفاظ بمعدل التنمية الراهن والذي يعتبرشرطا «ملزما» لامكانيات تطورها وفق التزامها بخطة انفاق عسكري ضمن الحدود الراهنة «سوف تضطر لزيادة الانفاق العسكري لو انها سعت للعب دور القطب البديل». ويصل الى تشبيه الأوضاع الاقتصادية الراهنة للصين بمثيلاتها في الاتحاد السوفياتي المؤدية لانهياره. وبهذا يتطرف برجينسكي في استبعاده للصين وصولا «لايحائه بقرب انهيارها وفق النموذج الكارثي السوفياتي. ويصل الكاتب الى اندونيسيا الغارقة في فقرها وفي تعددية اعراقها بما يكفي لاستبعادها ايضا».
أما الهند فهي تداري فقرها وزيادتها السكانية بملكيتها للسلاح النووي. الذي يؤهلها لمجابهة الصين «أي انها في حالة احتواء مزدوج بحسب القاموس السياسي الأمريكي، وان تجنب المؤلف استخدام هذا المصطلح. ومع ذلك فهو يرى ان من مصلحة الهند ان تبقي على علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة.
بعد هذه الاستبعادات المتتالية يصل المؤلف بقارئه الى نتيجة قوامها الضعف الآسيوي الشامل. وهو اذ يستعير كناية «رقعة الشطرنج الكبرى» للقارة الآسيوية فهو يجد انها مليئة بالبيادق مما يجعلها قابلة للانفجار على دفعات متتالية. وهو يستعير لهذه التفجيرات مصطلح «البلقنة». مؤكدا «ان تناقضات الدول ال 35، التي تؤلف الحزام الأوراسي، كفيلة بتفجير سيرورة بلقنة اكثر حدة من البلقنة الأساسية.
وبمعنى آخر فانه يكشف عن منطقة متفجرة تضم 400 مليون انسان مهددين بالوقوع ضحايا الحروب والصراعات التيتقتضي التدخل الأمريكي. انها كوسوفات جديدة تحتاج لدورات تربوية بالاسلحة الأمريكية المتطورة.لم يقل المؤلف ذلك الا انه التفسير الوحيد لطرحه وعلى غرار كوسوفو فان التدخل يحتاج الى طلبات رسمية للتدخل على ان تأتي من دول المنطقة الأقوى! بما يعادل تورط هذه الدول وخضوعها لشروط الحلول الامريكية.
خلاصة القول ان المؤلف يركز على الفراغ الاستراتيجي الهائل في هذه المنطقة من رقعة الشطرنج الكبرى. وهي منطقة ثروات ضخمة لايجوز اهمالها. وان كانت من اعمال الاتحاد السوفياتي الزائل ووريثه الاتحاد الروسي المتعثر. حيث تميل روسيا تاريخيا «نحو الاتجاه الامبراطوري. مما يجعل آمال الديموقراطية، خصوصا» بالمفهوم الأمريكي، مستبعدة. وبالتالي فان على الولايات المتحدة ان تتصرف.
الدور التركي
في منطقة الشرق الأوسط حيث تتركز حاليا اهتمامات «الناتو» يحتار بعض الملاحظين حول الدور التركي لأهميته في إدارة الصراع المقبل. إن محاولة تصنيف الدولة التركية وتحديد موقعها الصحيح على المسرح الاستراتيجي المشرقي مع ربطه بالمسرح الاوسع دوليا يكتسي أهمية بالغة.
ان تركيا عضو اساسي وفاعل في الحلف الاطلسي ينفذ ما يقرره الحلف بقناعة تامة و ليس نتيجة قرار الاكثرية وانصياع الاقلية لأن نظام الحلف قائم على مبدأ القرار بالاجماع، ما يعني انه يكفي الرفض التركي حتى يمتنع صدور أي قرار.
ان تركيا الاطلسية وافقت على كل ما طلب و يطلب منها في اطار الحلف الاطلسي بما في ذلك المفهوم الاستراتجي العام للحلف والمعتد لعقد من الزمن يبدأ ب 2010، مع العلم بان هذا المفهوم يعتمد استراتيجية التدخل في الشرق الاوسط بالقوة الناعمة التي تتضمن انتاج الازمات و الفتن الداخلية لبلدانه المعارضة للسياسة الغربية، وصولا الى تغيير الانظمة، او تجميدها او حملها على الانكفاء الى الداخل بعيدا عن قضايا المنطقة وهمومها. وبالتالي تلعب تركيا في هذا المجال دور طليعة او رأس القوى المتدخلة.
ويجب عند التحليل التذكير أنه منذ أكثر من عشر سنوات يشارك الجيش التركي في الحرب في أفغانستان تحت لواء قوات «إيساف» التابعة أساسا لحلف الناتو. ولم تتطرق أنقرة طوال تلك الفترة إلى مسألة إنهاء تدخلها العسكري.
من جانب آخر وفي رأي العديد من الملاحظين فإن سياسية تركيا تجاه إسرائيل مهما تقلبت تبقى محكومة بسقف التحالف الاستراتيجي الذي تقوده واشنطن، وإن التهديد والمد والجزر في العلاقة لا يعدو كونه تقلب في علاقات أطراف في التحالف المتماسك.
زيادة على ذلك فإن تركيا ذات طموح أكيد بان تستعيد نفوذها في المنطقة العربية مستغلة التطورات العنيفة ومتكئة على فئات محلية سبق لها ان تحالفت مع الغرب واعادت تحالفها اليوم معه.
مشروع «تحالف الحضارات»
يوم الثلاثاء 6 سبتمبر 2011 وصف رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، الرادار المضاد للصواريخ التابع «للناتو» المقرر وضعه في تركيا بأنه ذو أهمية كبرى للمنطقة.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن أردوغان قوله في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو بعد لقاء قمة في أنقرة “نحن كحكومة أجرينا مشاوراتنا واتخذنا قراراً حول المسألة».
إلى ذلك، اعتبر رئيس الوزراء التركي أن مشروع «تحالف الحضارات» الذي أطلقته تركيا وإسبانيا في عام 2009 ورعته الأمم المتحدة، هو السلاح الأهم ضد «الإرهاب الدولي»، وتابع: إن تركيا تشارك إسبانيا رأيها المتعلق «بالربيع العربي»، وأضاف «أعتقد أن مواقفنا ستشكل مساهمة كبيرة في العمليات الانتقالية، واتفقنا أيضا على أن يبذل بلدانا جهوداً للمساهمة في اقتصادات الدول الإقليمية».
وأشار إلى تركيا وإسبانيا يتشاركان القيم نفسها ويعملان للمساهمة في حل القضايا الدولية، وقال: «إنهما بلدان رائدان في المنطقة ولهما مسؤوليات تتعلق بتحويل التطورات الجديدة في البحر الأبيض المتوسط إلى فرص للسلام والازدهار».
قوة اقليمية عظمى
خلال الثلث الأخير من شهر يونيو 2011 نشرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية مقالا كتبه نيال فيرغوسون عن الدور الجديد الذي تكونه تركيا لنفسها في الشرق الاوسط في ظل قيادة رجب طيب اردوغان جاء فيه: انه يسعى الى احياء مكانة بلاده كقوة اقليمية عظمى مثلما كانت الامبراطورية العثمانية. وأضاف: «قضية واحدة يتفق بشأنها الجمهوريون والرئيس الذي يرغبون في استبداله: أن على الولايات المتحدة أن تخفض من وجودها العسكري في الشرق الأوسط الكبير. الحجج المفضلة هي أن أمريكا لا يمكنها أن تتحمل تكلفة المشاركة في عمليات قتالية في دول بعيدة وأن تلك العمليات غير مجدية على أي حال.
السؤال الذي لا يريد أحد الإجابة عنه هو من الذي سيخلف أو ينوب عن الولايات المتحدة بعد أن تغادر. السيناريو «السعيد» هو أن تعتنق دولة وراء الأخرى الديموقراطية الغربية. السيناريو المرعب هو إما حرب أهلية أو ثورة معادية للغرب. لكن ثمة نتيجة ثالثة ممكنة، وهي امبراطورية عثمانية جديدة.
يمكن القول إن تركيا تسعى منذ فترة لإعادة بناء وضعها الإقليمي في المنطقة مستغلة الظروف والبيئة الإقليمية والدولية، كما تسعى لخلق منطقة نفوذ لها في منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك دورها الإقليمي المشارك في أحداث الحروب في المنطقة، ومازال بحكم فتح قواعدها لقوات التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، ودورها في مصير أكراد العراق، وأطماعها لتصبح القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة، وإصرارها على تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول «جاب» رغم التحديات والعقبات التي تعترضه وتأثيره السلبي على كل من العراق وسوريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.