تحل الذكرى الأولى لوفاة المنشط الإذاعي المتميز نورالدين كرم، وهو الذي تميز بأداءه الإذاعي المنفرد، فاجأه الموت ذات لحظة وخطف قلبه الذي كان ينبض بحب كل الناس، تذكره أحد أصدقائه فكتب في ذكرى رحيله: “إنه غياب بطعم مرارة الفقدان، لرجل زرع قلبه بحديقة مصحة العين ورحل بلا استئذان. رحل ولم ينس أن يستودع روحه الخفيفة، وابتسامته الطائرة، ووجهه الضاحك. نورالدين كرم، مازال يملأ المكان داخل الإذاعة، ووراء المايكروفون، وبين أركان البيت الذي يسكنه، وفي واجهة الضيوف والزائرين لمصحة العين حيث علقت صورته لتضئ المكان. لا زال نورالدين يملأ قلوب كل أصدقائه ومحبيه، ولا زال يسكن قلب الطبيب الإنساني محمد الشهبي، الذي مازال يؤمن بأن صديقه الأوفى نورالدين كرم مازال حيا وروحه تسري بأجواء مصحة العين.. ومن يتأمل صورته الباسمة المعلقة في صدر تلك القاعة يتخيل أنها صورة متحركة وناطقة.. من يريد أن يحاور نورالدين كرم فلينظر إلى صورته. سيلقي عليك السلام ويحدثك بلكنته التي تتصارع فيها الدارجة المغربية باللغة الفرنسية.. سيروي لك نكتة حتى تفر الدموع من عينيك… قبل أن تضع نقطة نهاية للحوار بينك وبينه سيطلب منك طلبا أخيرا:” المرجو أن تعتني بصديقي الشهبي في غيابي.. لا تترك أحدا يجلس بالكرسي الذي على شماله.. لا تتركه وحيدا.. كشّر في وجوه من يزعجونه.. قطّب فيهم بعينيك بغضب وقسوة. يا إلهي فحتى بعد موته لا يزال يحرس صديقه المقرب طبيب العيون. الموت ليس سوى جسر عبور من دار الفناء إلى دار البقاء.. مياه تجري وتتجدد. حياة لا تتبقى منها سوى “الصور” و”اللحظات” التي لا تنسى بفرحها وتعاستها. لكنّ هناك أشخاصا يفرضون عليك ألا تنساهم.. أن تتذكرهم بين كل رمشة عين وجرعة نفس ودقة قلب. كل مكان من مصحة الدكتور الشعبي لن ينسى نورالدين كرم، لأنه كان جزءا من المكان. أما هي فإنها مثل سفينة في عوالم من جزر.. هي مصنع “حبّ” و”وفاء”.. هي مثل نجمة زرقاء في سماء داكنة. نورالدين فليرقد جسدك بسلام.. أما قلبك فمازال ينبض فينا وبجانبنا هنا بهذه المصحة.. ونحن سنرعى هذه “البذرة” التي زرعتها ورحلت.. ونسقيها كل يوم بأمطار دموعنا. نورالدين كرم.. كل عام وأنت حيّ…”