لاشك أن جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر وبعض الدول الإفريقية القريبة من الطرح الانفصالي ، كانوا يمنون النفس بإقحام الإتحاد الافريقي المفعم ب"نزاعاته" في النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، ومحاولة إشراكه إلى جانب الأممالمتحدة في مسلسل والمسار الأممي للتسوية، سيما بعد العودة الرسمية للمغرب وإستعادة عضويته المتأصلة داخل هذا الإطار الإفريقي والتكتل القاري الذي يعد أحد مؤسسيه وواضعي لبناته الأولى. وبالفعل كان هناك ترقب كبير من الجانب المغربي، بعد التحركات التي خاضها هورست كوهلر شهر يناير الماضي، مع مسؤولين بالإتحاد الإفريقي كالرئيس الروندي "بول كاغامي" ورئيس المفوضية الإفريقية "موسى فكي"، والغيني "كوفي عنان" الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، وغير ذلك من الشخصيات الافريقية والمسؤولين. وهي اللقاءات التي زادت من مخاوف الدبلوماسية المغربية موازاة مع الأسلوب الذي اعتمده هورست كوهلر وطريقة إشتغاله بالبداية، وهي مخاوف كانت صحية وفي محلّها، بالنظر إلى المؤامرات والتحركات والمساعي الحثيثة للجزائر وبعض الأطراف، وهم قلة، داخل الاتحاد الرامية إلى إقحام المنظمة الإفريقية بقضية الصحراء ونزع الإختصاص الحصري للأمم المتحدة في معالجة الملف وتسويته. وهو ما يمكن القول أنه أصبح سرابا ومستبعدا، من خلال مجموعة من الإشارات التي بعثها كوهلر سواء بالقرار رقم 2414 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بخصوص الصحراء أبريل المنصرم، أو الإحاطتين اللتين تقدم بهما هورست كوهلر لحد الآن أمام مجلس الأمن, والذي من الملاحظ أنه بدد الشكوك بشأن مسألة إقحام الإتحاد الافريقي بالملف كما تسعى إلى ذلك الجزائر والدول الداعمة للبوليساريو والأطروحة الإنفصالية. بالإضافة أيضا إلى عدم تطرقه خلال الإحاطتين المذكورتين لا من قريب أو بعيد، إلى هذه النقطة المتعلقة بالاتحاد الافريقي التي حذر منها المغرب ومن خطورتها على مسار التسوية وإستقرار المنطقة، والدعوة لعدم الإنحراف بهذا المسار عن المرجعيات المعتمدة، والتي تعتبر الأممالمتحدة رواقها الوحيد والهيئة المكلفة بإيجاد حل سياسي ومتفق عليه للنزاع المفتعل. وكان هورست كوهلر قد نبه لهذا الأمر خلال لقائه الأخير مع الوفد المغربي بلشبونة، قائلا أن تحركاته الأخيرة بالإتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي مجرد جمع للرؤى والمقترحات وأخذ تصور شامل عن الملف من أفواه ووجهة نظر الرؤساء والزعماء والمسؤولين السابقين، الذين كانت لهم فيما سبق علاقة بالملف وأطرافه الرئيسية. وهو ما يعد مناسبا، لكنه غير كافي، فالمطلوب اليوم من كوهلر هو الإدراك أولا بأن المشكل لايكمن في التوصل إلى حل بل المسار الذي يؤدي إليه، وأن عليه العمل ثانية أكثر والتوجه نحو الجزائر ودفعها لفتح مفاوضات جادة ومسؤولة مع المغرب، ما دامت المتحكم الرئيسي والفعلي في خيوط ودواليب الأمور بالمخيمات وجبهة البوليساريو.