تعتبر مجموعة عبيدات الرمى، واحدة من المجموعات الفنية التراثية التي ساهمت في توثيق الموروث الثقافي الشعبي العريق، والمميز للهوية الثقافية المغربية، وأيضا في نشر الفرحة الشعبية المتجذرة في تاريخ ووجدان الشعب المغربي. بعض الباحثين، يعتبر أن ظهور عبيدات الرمى بالمغرب، يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، ومنهم من يرجعه إلى القرن الحادي عشر ميلادي. فرقة عبيدات الرمى، تتكون على الأقل من ثمانية إلى اثني عشر فردا، معضمهم في مقتبل العمر، ويتميزون بنفس اللباس التقليدي المستمد من التراث المغربي. حيث يصطف الراقصون والمغنون بنظام، ولكل واحد منهم آلة موسيقية، ويترأسهم مقدم ينظم وينسق “العمليات” الغنائية، ويضبط إيقاعات المقاطع الموسيقية. تحتفظ مناطق عديدة في المغرب، بلونها ونكهتها الخاصة المتعلقة بعبيدات الرمى، فلون تادلة ليس هو لون ورديغة أو الشاوية، وإن كانوا يشتركون جميعا في نفس النمط الغنائي، إلا أن اختلافات وجزئيات صغيرة هي التي تصنع الفرق بين عبيدات الرمى من منطقة لأخرى. فهو فن شبه أمازيغي في مناطق زمور أقدام جبال الأطلس المتوسط ليجد له موطنا في مناطق ورديغة حتى الحوز. في المغرب، يلقى هذا النوع من الفن إقبالا وترحيبا كبيرا، يعشقه كثيرون لتسميته القادمة أصلا من لفظ الرماية، فمصطلح “الرمى” قد اقتبس من الرماية وتم إلصاق اسم “عبيدات” به، ليدل أكثر على فئة من الشباب اختاروا في أزمنة سابقة احتراف الرماية، سواء لأغراض الدفاع أو الصيد أو غيرها، ويمكن الحديث أيضا عن تسمية “شباب الرمى” عوض “عبيدات الرمى”. فطبيعة المجال الغابوي، كان دافعا محددا لوظيفة عبيدات الرمى، حيث وفرة الوحيش والغنى الطبيعي، ساهم في ظهورهم كأشخاص كانوا يشكلون طبقة خاصة، ومفضلة من العبيد تسمح لهم بالتقرب من السادة ومصاحبتهم، ومرافقتهم لهم في النزهات وخرجات الصيد والقنص. وكان شعرهم الشعبي العامي، عبارة عن مدح سادتهم وذم أعدائهم وكدا السخرية من البخلاء. كما وظف عبيدات الرمى، أقوال أمثال شعبية مغناة موجهة للمتلقي وذلك للبحث عن الفرجة والراحة، ثم انتقلوا إلى مصاحبة الجيش عند خروجه للغزوات وكذا تقديم الفرجة لأفراده وغالبا ما كان يتم ذلك بالأدوات المتوفرة (السلاح) إلى أن أصبحوا يقدمون الفرجة في الأسواق والقرى والمواسم والأضرحة، حيث أن الجانب الروحي والحربي أنتج مظاهر الفرجة التي لم تكن القصد الحقيقي من تواجدهم.