انطلق غناء (عبيدات الرما) فوق مناطق من الوطن وسط مجالات غابوية, زاوجت بين الزراعة وتربية المواشي والوحيش الوفير معربا,في مرحلة التأليف, لم يتغير من مزاجه سوى اللغة محتفظا بما نشأ عليه عبر قرون خلت (حياة القنص لم تكن, مرهونة بزمن) كحال اليوم. وبقى عبيدات الرما يطلعون بزحزحة الوحيش من مكامنه فتقديم الخدمات, وتنظيم ليلات السمر إما بالغناء أو المسرحة, إلا أن تسمياتهم الأولى لم يبلغنا منها شيء حتى كان الاسم المتعارف عليه اليوم, وهو ما لا يحتاج إلى جهد لأجلاء مدلوله. وإذ نتتبع ما تبقى من هذا التراث, فإننا نجده وأمثاله مرتكزا, ابتداء من حوض الغرب شمالا, حتى مشارق الحوز جنوبا, وورد كثير من كلامه, سواء لحمادة أو لمثلث أو بو مقلاع, في أحواز سبو, و زمور, وزعير وورديغة و السراغنة, و صخور الرحامنة وحتى في الحوز, يعالج الحكمة وطقوس القنص وآدابه والنزهة, والإشادة بأمهر القناصين, و هم في حكمة القادرين على صيد الغزال. واستطاع اعبيدات الرما تطوير واقعهم, تبعا للأحداث والزمن خلاله مرحلة تعدت الخمسة قرون, أي منذ أن تخلو عن طبع الأحواش. إلى أن انقلبوا مرافقين للدوريات العسكرية زمن القصبات, و "الحركات" ثم اكتفوا قرابة زماننا هذا بتقديم الفرجة في الأسواق والدواوير, فأسسوا ما عرف في الدراسات التراثية ب (الركب) وهو موضوع آخر. وقد عرف نمط الغناء هذا متغيرات, جاءت مع تقلبات المناخ و الطقس قيام مسافات جرداء بين القبيلة و الأخرى كانت فاصلا أكاد زاد في حدته غياب الأمن و نشوب المشادات لتتمايز الألوان عن بعضها, ويقوم غرض من الشعر أو الشعر أو أغراض ابتعدت عن المعاني السامية. وليظهر فيها أيضا تأثير الجوار ميلوديا و إيقاعا. وتغلب نكهة جديدة تذكر بالحوزي في الجنوب والورديغي في الوسط و الأمازيغي في الشمال بين سبو و هضبة زمور حتى أن بعض الشعر عاد إلى أمازيغيته ولم يكتف عمل الرما بالخدمة والترفيه, بل وجه النقد للمجتمع بالمبطن الذكي من الكلام. ضمن مسرحيات مرتجلة وضعت الأصبع على متناقضات المجتمع, مما يذكرنا, بالحركات المسرحية التي واكبت عهد النهضة, و تحدثت بلسان شخوص كانوا يعيشون على الهامش. ويمكن اعتبار عمل اعبيدات الرما هذا أساسا, لما انطلق فيما بعيد من حركة الحلقة, بأنماطها المختلفة خاصة نمط (الحلزة), الذي أتت برجل يلعب دور المرأة, راقصا و مغنيا وممثلا. كان غناء اعبيدات الرما, أيضا, منطلقا لما سيعرف فيما بعد باسم (العيطة) المركبة في الشاوية وعبدة والحوز. حيث اعتمدت العيطة ندفا من(براويل) الرما. ربطتها بأدوات و تقنيات جاءت بالعيطة التي هي بين أيدينا اليوم. باحث المهتم بالفنون الشعبية