خلال عرضه الذي قدمه الثلاثاء أمام أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعين، دق الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، ادريس جطو ناقوس الخطر بخصوص عدد من المواضيع المتعلقة بالمالية العمومية للمغرب من خلال التقراري الأخيرة التي أنجزها المجلس الذي يترأسه. وفي عرضه الذي اختص بالحديث عن “أعمال المحاكم المالية”، قال ادريس جطو، خلال ساعة وما يزيد، أن “المعطيات التي حصل عليها المجلس بينت أن ميزانية 2016 سجلت عجزا للخزينة قدره 40,56 مليار درهم، أي ما يعادل % 4,1 من الناتج الداخلي الخام مقابل % 3,5 الذي كان متوقعا في قانون المالية و% 4,2 المسجل سنة 2015”. وأوضح جطو أن “المجلس الأعلى للحسابات وفي تقييمه لوضعية عجز الميزانية يرى ضرورة مراجعة المنهجية التي تعتمدها الحكومة في احتساب نسبة العجز انسجاما مع مبدأ الصدقية كأحد المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي الجديد المتعلق بقوانين المالية.. كما يلاحظ أن حجم العجز، حسب المنهجية المعتمدة، لا يأخذ بعين الاعتبار بعض المعطيات كالديون المستحقة على الدولة لفائدة المقاولات.. والتي لم يتسن للدولة القيام بسدادها”. مشددا على أنه “وعلى الرغم من مجهود الإدارة العامة للضرائب لتصفية جزء من هذه المتأخرات يقدر ب 4,9 مليار درهم عن سنتي 2015 و2016، فإن الحجم الإجمالي لهذه الديون لا يزال مرتفعا، مما يزيد من التحملات المالية للمؤسسات والمقاولات العمومية المعنية ويضع المقاولات المتعاملة معها في وضعية صعبة”. من جانب آخر سجل جطو على مستوى الحسابات الخارجية لسنة 2016، “تفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات الذي انتقل من 21,1 مليار درهم بنسبة % 2,2 من الناتج الداخلي الخام سنة 2015 إلى 44,5 مليار درهم ونسبة % 4,4 من الناتج الداخلي الخام سنة 2016، إذ تضاعف خلال السنة الواحدة، متأثرا بعدة عوامل من أهمها، ارتفاع عجز الميزان التجاري لأول مرة منذ ثالث سنوات بنسبة عالية بلغت 19,3 %، وتراجع مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 33,1 مليار درهم سنة 2016، مقابل 39,92 مليار درهم في السنة التي سبقتها، بانخفاض وصل إلى 17 %”. كما أشار جطو إلى أن المجلس الأعلى للحسابات سبق “أن قام بمراقبة بعض الحسابات الخصوصية للخزينة وقد أبرزت هذه المهمة العديد من الاختلالات.. وكذلك من خلال دراسته لبنية قانون المالية السنوي، والذي لاحظ المجلس أن تدبيره تشوبه العديد من الاختلالات من أهمها، تنامى هذه الحسابات التي يبلغ اليوم عددها 74 حسابا، وذلك على الرغم من تقليص فئاتها بمقتضى القانون التنظيمي للمالية لسنة 2015 وترشيد بعضها من خلال مقتضيات قوانين المالية للسنوات الأخيرة”. وأضاف جطو أن “هناك حسابات ذات طابع اجتماعي تتوفر على أرصدة مهمة لكنها غير مستعملة، وفي المقابل، هناك حاجيات ملحة ومستعجلة في المجالات الاجتماعية تواجه إكراهات في التمويل. ونذكر من ضمن هذه الحسابات، على سبيل المثال ال الحصر، الأرصدة المتوفرة في صندوق دعم التماسك الاجتماعي، وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، والحساب الخاص بالصيدلية المركزية، وصندوق الخدمة الأساسية للمواصلات، وصندوق التنمية الصناعية والاستثمارات، وحصة الجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة”. واعتبر جطو أن نفس الأمر يسير “على مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، كإحدى مكونات قانون المالية بالنظر لعددها الذي بلغ 204 مرفقا ولحجم مواردها الذي يناهز 3 ملايير درهم، حيث إن هذه المرافق تتحمل بعض نفقات الاستثمار والتسيير التي يمكن إدراجها بالميزانية العامة للدولة، مما يطرح نفس إشكاليات الحسابات الخصوصية للخزينة. كما أن تزايد أعداد هذه المرافق واعتماد جزء كبير منها على إمدادات ميزانية الدولة يستلزم المزيد من الترشيد والنجاعة”. من جانب آخر وبخصوص وضعية الدين، فقد أكد جطو على أن “دين الخزينة واصل وتيرته التصاعدية؛ إذ ارتفع من 629 مليار درهم عند نهاية 2015 إلى 657 مليار درهم سنة 2016، مسجلا مديونية إضافية بأكثر من 28 مليار درهم، أي بزيادة .% 4,5 وقد تم اكتتاب هذا المبلغ أساسا على مستوى السوق الداخلي في حدود 26 مليار درهم”.