قبل نهاية سنة 2024، شهد إقليمقلعة السراغنة حادثة مؤلمة تمثلت في اكتشاف بالصدفة لمكان يشبه «بويا عمر» صغيراً، وهو المكان الذي كان يُحتجز فيه المئات من الأشخاص من ذوي المشاكل النفسية والإدمان على المخدرات. في البداية كان المكان يطلق عليه اسم «العلاج النفسي الشعبي»، لكنه تحول إلى مركز تعذيب واعتقال يفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية. بعد أن افتضح الأمر، أغلقت الحكومة المكان، ولكن المفاجأة كانت في اكتشاف مكان آخر مشابه له في ضيعة فلاحية بمنطقة نائية، حيث يتم احتجاز حوالي 20 شخصاً من مناطق شمالية مختلفة، يعانون من مشاكل نفسية أو إدمان. تم نقل هؤلاء الأشخاص إلى هذا المكان مقابل مبالغ مالية ضخمة، حيث يصل المبلغ الإجمالي إلى 20,000 درهم كتسبيق بالإضافة إلى 3000 درهم شهرياً من الأسر كإعانات مالية. ما زاد الطين بلة هو ما تداولته الألسن حول النظام الاستغلالي القاسي داخل الضيعة، من إساءة معاملة وغياب الضمير الإنساني بحق هؤلاء المرضى. الوضع يزداد سوءاً في غياب مرافق علاجية عامة متخصصة، حيث يشكو الإقليم من نقص في مستشفيات معالجة المرضى النفسيين والمدمنين، وهو ما يعكس تقصير الحكومات في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين الفقراء. الواقع المرير يعكس غياب الرقابة على الأماكن الخاصة مثل هذه الضيعة، التي لم يتم التفتيش عليها من قبل المصالح المختصة، سواء في وزارة الشغل أو الصحة. هذا الإهمال أدى إلى احتجاز هؤلاء الأشخاص في ظروف قاسية، دون أي رعاية صحية أو حقوق عمالية، بل وكان على الدولة أن تقدم تغطية صحية شاملة وأن تراقب هذه الأماكن بشكل دوري. على الرغم من التحقيقات المستمرة، كان معظم المسؤولين عن هذا الفعل غير المحسوب هم عمال الضيعة والممرض الذي كان يعمل وسيطاً مع صاحب الضيعة. من جهة أخرى، تعكس هذه الحادثة إهمال الحكومات لشباب يعانون من مشاكل نفسية واحتياجات صحية في مناطق نائية مثل قلعة السراغنة، التي أصبحت تُعاني من ضعف البنية التحتية وغياب الحلول التنموية. على الرغم من وجود مستشفى للأمراض العقلية في المدينة، إلا أنه أغلق بعد فترة قصيرة من افتتاحه، مما يعكس تهميش هذه الفئة من المرضى في منطقة بحاجة ماسة إلى دعم حكومي. في النهاية، تبقى الأسئلة مطروحة حول المسؤولية الحقيقية للحكومة في ما جرى. لم تصدر أي اعتذارات رسمية عن ما حدث، وظل الصمت هو الرد الوحيد من المسؤولين، رغم ما يمثله الحادث من تعسف وظلم وانتهاك للكرامة الإنسانية.