الخط : إستمع للمقال تعيش جهة سوس ماسة على وقع توتر مكتوم قد يتحوّل قريباً إلى صراع مفتوح، وذلك بسبب الخلاف القائم داخل مجلس الجهة حول الجهة التي ينبغي أن تشرف على مشروع المنطقة اللوجيستيكية بالقليعة، الذي تصل كلفته إلى مليار ونصف درهم. فالرئيس كريم أشنكلي، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، يفضل أن يتولى المركز الجهوي للاستثمار قيادة هذا الورش الاستراتيجي، بينما يصرّ حلفاؤه بالمجلس وعلى رأسهم الفريق الاستقلالي بمجلس الجهة على أن تبقى الوكالة الوطنية لتنمية اللوجستيك (AMDL) هي المُكلّفة، معتبرين أن الأمر يندرج ضمن اختصاص قطاعي صرف، لا ينبغي أن يخضع لأي حسابات سياسية أو انتخابية. وقد زاد من حدة الشكوك والتكهنات، غياب مجلس جهة سوس ماسة بشكل كامل عن أشغال الدورة الرابعة للقاءات الجهوية للنقل واللوجستيك، التي احتضنتها مدينة أكادير، قبل يومين، رغم أن الجهة تُعدّ شريكاً مباشراً في الورش. غيابٌ لم يجد له المراقبون تفسيراً مقنعاً، خصوصاً وأن الحدث كان فرصة استراتيجية لمناقشة مستقبل النقل واللوجستيك بالجهة، في وقت يتصاعد فيه الضغط من أجل تسريع تنزيل المشاريع المهيكلة المرتبطة به. والمثير أكثر، أن بعض المقربين من رئيس الجهة، وعلى رأسهم رئيس الفرع الجهوي للاتحاد العام لمقاولات المغرب، شرع في توجيه دعوات شبه رسمية لأعضاء الفرع ورجال الأعمال بالجهة، يخبرهم فيها أن بداية تسويق منطقة اللوجستيك القليعة عمالة إنزكان آيت ملول ستنطلق خلال الفترة الممتدة من 15 أبريل 2025 إلى نهاية شهر يونيو 2025، داعيا الراغبين في تقديم طلب الترشيح إلى سحب دفتر الشروط وملف إعلان الاهتمام من المركز الجهوي للاستثمار أكادير، وذلك في تجاهل واضح لباقي مكونات المجلس، وكأن الجهة حسمت الأمر بشكل انفرادي، دون الرجوع إلى شركائها أو احترام آليات التداول الديمقراطي داخل المجلس الجهوي. هذه الخطوة لا يمكن فهمها إلا كمؤشر إضافي على أن الأحرار، ومن يدور في فلك رئيس الجهة، بدؤوا فعلاً يسوّقون لفكرة أن المركز الجهوي للاستثمار بات هو الجهة الرسمية المكلفة بتدبير الملف، وربما لهم مصلحة في ذلك، ضاربين عرض الحائط بالمطالب التي يرفعها الفريق الاستقلالي وبعض مكونات أغلبية مجلس الجهة، ومكرّسين واقعاً جديداً على الأرض دون توافق، في استباق يُقرأ سياسياً على أنه تحدٍ مباشر لباقي الفرقاء. التحليل السياسي لما يجري يوحي بأننا أمام بداية تصدع حقيقي داخل الأغلبية المسيرة، وأن الخلاف حول مشروع القليعة ليس سوى القشة التي قد تقصم ظهر التنسيق الذي أصبح هشّا في الآونة الأخيرة بين مكونات المجلس. ويبدو أن مشروع القليعة تحوّل من ورش تنموي واعد، إلى اختبار سياسي حاد يُجسّد ما يمكن أن يحصل حين تختلط التنمية بالحسابات، ويغيب فيها منطق المصلحة العامة. وما لم يُدركه رئيس مجلس الجهة أن نجاح المشروع يمر عبر إشراك الجميع لا إقصاء أحد، وأن المنطقة اللوجيستيكية قد لا تكون فقط نقطة تحول في المشهد الاقتصادي لسوس، بل أيضاً قد تُصبح فتيل انفجار سياسي داخل الجهة. الوسوم أكادير سوس ماسة مجلس الجهة