الخط : إستمع للمقال ارتكب رئيس الجزائر خطأ فادحا لا يغتفر عندما تحدث، في لقائه الدوري مع إعلام بلاده عن العقل! فهو أراد أن يقنع مستمعيه والذين ما زالوا ينتظرون أن «يقترف» بعض الحقيقة، أنه مع حل المشاكل مع المغرب، ومنها مشكلة الصحراء المغربية «بالعقل» لا بالقوة! ولا شي! ومن ينصت لهذا الكلام، يجب أن يكون قد استمع للرئيس الجزائري لأول مرة، أو يكون بالفعل قد جاء من كوكب بعيد لا يعرف فيه ما يفعله نظام الجوار، وما زال يفعله وما يقترفه الرئيس الواجهة منذ وصوله إلى قصر الجمهورية. أو أن يكون له تعريف غير مسبوق لمعنى العقل! فهل من العقل حقا أن يرد رئيس دولة «عاقلة» يدا تمتد إليه منذ عقد من الزمن، بنفس الاستعلاء والتنكر للتاريخ والمصالح المشتركة بين شعبين شقيقين؟ وهل من العقل أن يصدق أحد بأن الجزائر تسعى إلى السلم في حل القضية هي التي تسلح وتمول وتجند وتكوِّن وتشحن وتحمس وتعبِّيء وترافق الانفصاليين منذ نصف قرن من الزمن، بل أضافت فصلا جديدا في دعم الانفصال عبر حفنة من المنحرفين في الريف؟ وهل من العقل أن يصدق أحد بأن الجزائر تسعى إلى استقرار في الجوار هي التي تعيش مشاكل مع كل جيرانها، من مالي إلى النيجر مرورا بالمغرب وليبيا وغيرها؟ من يصدق بأن العقل هو الذي يتحكم في سلوك دولة تعمل من أجل عزل المغرب في محيطه المغاربي، من خلال محاولة لإنشاء مغرب صغير من الدول المجاورة، والادعاء بأنها محاولة ليست موجهة إلى أي بلاد في المنطقة؟ .. والحقيقة المرة أن الساحة الدولية تعرف مجهوداتها الجبارة من أجل إضعاف المغرب في إفريقيا وفي المنطقة: وأكبر حجة ودليل ما اقترفته الجزائر رفقة صنوتها جنوب إفريقيا ضد المغرب في ترشيح المجلس الأممي لحقوق الإنسان وتكسير الترشيح الموحد عن منطقة شمال إفريقيا؟.. العقل التبوني الفذ لم يسعف ساكن «المرادية» كذلك في الحديث عن الجامعة العربية وقضية الصحراء، واختلطت عليه التواريخ و المناسبات فتحدث عن قرار للجامعة العربية في عام 1960، حول الصحراء.. والحال أن الجامعة العربية التي راكمت أدبيات وقرارات ومواقف كثيرة دفاعا عن مغربية الصحراء وتكرس هذا الدفاع أكثر فأكثر في العقود الأخيرة، كانت قد ناقشت في تلك السنة قضية موريتانيا ... خلال انعقاد مجلس الجامعة العربية في مدينة شتورا بلبنان ولم تكن قضية الصحراء سوى في بدايتها وقد كان المغرب يستعد لطرحها على الأممالمتحدة.. بعد اربع سنوات!! ومنذ البداية كان العرب متفقين على دعم المغرب من أجل إنهاء الاستعمار الإسباني في الصحراء. وتبنَّت الجامعة القرار الرقم 3016، بتاريخ 7 أبريل 1973، بشأن العلاقات العربية الإسبانية، ورسالة وزير الخارجية المغربية وقتها في هذا الباب.. كما تبنت الأمانة العامة، في 23 مارس 1975، مذكرة من الحكومة المغربية حول إنهاء الاستعمار، ولعل الرئيس تبون لم يحفظ دروس الجامعة جيدا، كرئيس دولة عضو ولو فعل ذلك فإن «العقل» سيذكره بما قرره مؤتمر القمة العربية السابع للملوك والرؤساء العرب، الذي عُقد بالرباط، خلال الفترة 26-29 أكتوبر 1974، وفيه تأييد مطلق للاتفاقيات التي أبرمها المغرب وموريتانيا، وكذلك أعلن عن مساندته التامة لموقفهما المعلن عنه بالجمعية العامة للأمم المتحدة... وهو ما تنكر له الهواري بومدين الذي يعتبره تبون مرجعيته في السياسة! سننتظر كثيرا وطويلا قبل أن «ينبت» العقل في جمجمة النظام الجزائري..! وإلى ذلك الحين نتضرع إلى العلي القدير في هذا الشهر المبارك أن يعينهم على جنون جديد! الوسوم أزمات الجزائر الإنقلاب العسكري عبد المجيد تبون