الخط : مستفز، صادم، مقزز، معتوه.. لا يجد المواطن المغربي الكلمات الدالة مبنى ومعنى على فظاعة البيان الظلامي الذي أصدره حزب العدالة والتنمية برئاسة الدجال والانتهازي عبد الإله بنكيران بشأن زلزال الحوز الذي ربطه ب"المعاصي والمخالفات الموجودة في الحياة السياسية العامة والانتخابات". البيان يشير بلا لبس ولا غموض إلى أن زلزال الحوز سببه، من جهة، الدولة التي ارتكبت معصية انتخابات شابها الكثير من الخروقات, ومن جهة أخرى، مواطنوالحوز الذين ارتكبوا معصية عدم التصويت في الانتخابات لحزب اللحي الذي كان سيجنبهم غضب الله. انظروا كيف التمويه خطير، وأسلوب التأثير وتوجيه الرأي العام خفي ومدمر. انظروا إلى مكر ودسائس سماسرة السياسة المتأسلمين تجار الكذب والخداع..تمعنوا جيدا لتتبينوا أن من شوّه السياسة وجعلها ملعونة هم سماسرتها الذين يركبون بمناسبة أو غيرها على الإسلام من أجل اكتساب المزيد من النفوذ والتمكّن. هم ورم تفشى في المجتمع على شاكلة تنظيم سياسي فشل في توسيع قاعدته على أساس المواطنة وخدمة الصالح العام. حزب يعيش حالة من الجمود والانقسامات الداخلية التي يزيد من حدتها الصراع على مواقع القيادة وغياب الديمقراطية داخل هياكله، إضافة إلى الجدل الحاد بين قيادييه بشأن العقيدة الحزبية ونوعية الإسلام الذي يريدونه للمغاربة. وهو ما جعله يدخل منذ انتخابات 2021 في قطيعة شبه تامة مع المغاربة قضت على ما تبقى لديه من شعبية باهتة، وخاصة في أوساط الشباب والفئات الاجتماعية المتوسطة والمغلوبة على غرار تلك التي زلزل الله الأرض على أقدامها بسبب "الذنوب والمعاصي والمخالفات"، على حد زعم البيان. وإذا كانت السياسة بالمفهوم الروماني هي "ممارسة الحكم عن طريق الخداع"، فإن معناها باللغة الدارجة هو فن التهريج الساقط والنصب على الغلبة من المواطنين، وهو فن يتقنه الإسلاموي الدجال عبد الإله بنكيران الذي يفاجئ المغاربة كل مرة بكذبة قذرة يُغلفها بسيل من الترهات الدينية (والدين الإسلامي بريء منها)أثبتت محدوديتها في في الشحن والاستقطاب. وبقدر ما هو قبيح ومهين، فإن الأثر المدمر لبيان حزب المصباح يكمن في كونه يختزل الواقع السياسي والاجتماعي المغربي في معادلة المعصية والعقاب.. معادلة تنمّ عن انحدار أخلاقي وسلوك مريض متأصل في التربية السياسية للسياسوي بن كيران المسكون بهوس العودة إلى المشهد السياسي من خلال توظيف الخطاب الخرافي في ظاهرة كونية لا علاقة لها بالمعاصي والذنوب والمخالفات. والتوظيف هنا مقصود والكلام موجّه للفئات التي يعتمد عليها بن كيران ومن معه لكسب الأصوات الانتخابية، وهي فئات لم تنل حظها من التكوين والمعرفة.. فئات الأميين ومحدودي الثقافة ممن يسهل عليه تخديرهم بخطاب ينهل من قاموس ديني كاذب عليهم وعلى الله عز وجل. فقادة التنظيم الإسلاموي يعلمون جيدا أن الزلزال يحدث عندما تنزلق كتلتان من الأرض فوق بعضها البعض وتتسبب في موجات زلزالية تنتقل عبر قشرة الأرض. وقد حدث ذلك في الكثير من بقاع الأرض بما فيها مكةالمكرمة. ومن هنا لا أظن أن بن كيران سيفلت من قوله تعالى "سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" (سورة النمل). البيان الخرافي الذي نزل بالمعجم السياسي والديني إلى مستوى حضيضي أفقد السياسة معناها وعمقها، قوبل بردود فعل غاضبة علي الصعيدين الداخلي والخارجي وحتى داخل الحزب نفسه عيث اعتبره بعض قياديي الحزب بمن فيهم القيادي عمارة "انتكاسة في خطاب العدالة والتنمية وضربا لمساعيه في التطبيع مع واقعه والاقتراب من الناس". فمثل هذا الرصاص العشوائي الساقط (البيان) الذي أطلقه حزب بن كيران باتجاه فئات المحرومين والبسطاء المقيمين على رؤوس الجبال، ممن أنزل عليهم الحق سبحانه العقاب دون علمهم بالمعصية التي اقترفوها،هو إقرار مكشوف عن الفشل الذريع للحزب في إنتاج جيل جديد من الشباب قادر على التخلص من الجمود والسلبية، وقادر على المساهمة الحقيقية في المشهد السياسي . هو فشل أيضا في كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بعد أن لم يعد بإمكانه مرة ثانية سرقة السلطة من خلال إيهام المغاربة بأن وصول الإسلام السياسي إلى الحكم بقدر ما هو اكتمال للإسلام، فهو يحقق نهضة اقتصادية وتنموية شاملة بالبلاد. ولا أظن أن مُهرّجا في جامع الفنا محاطا بجمهور من البسطاء محدودي الثقافة، سينزل إلى هذا المستوى المتدني من الخرافة الدينية والوقاحة السياسية على غرار ربط الفاجعة الكونية بالذنوب وبالمعاصي الانتخابية. ولنفترض أن أهل الحوز عوقبوا بمعصية الانتخابات، فكم من معصية انتخابية ارتكبتها الشعوب اليابانية والتركية والإندونيسية وغيرها في مشارق الأرض ومغاربها، ليُغرقها الله في الزلازل بين الفينة والأخرى؟. وهل الحق عز وجل لا يجد غير البائسين المحرومين وحفظة القرآن من الأطفال والمسنين ومن المُتّقين من النساء والرجال، لينزل عليهم العقاب فيما الفاسدون المفسدون سماسرة السياسة ولصوص المال العام وعرق الشعب، يرفلون في نعيم السكينة والطمأنينة. المثير للتقزز والاشمئزاز في بيان البيجيدي أنه من فرط غُصّة زلزال الثامن من شتنبر 2021، انتهى به اليقين إلى أن زلزال الحوز هو عقاب على معصية سياسية أزالته من السلطة. إنه جنون ومرض متأصل في العقيدة السياسية للحزب. خطورة البيان أنه يضع حدا فاصلا بين نوعين من المغاربة : نوع ورع ومتقي يخاف الله ويمثله حزب العدالة والتنمية ومن يسير على منواله، ونوع "مبتعد عن الله في أمور معينة"، كما قال، ويمثله الآخرون من أبناء الشعب وينبغي، حسب زعمه، "أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا". أرأيتم كيف أن أسلوب التأثير خفي ومدمر. أرأيتم كيف يشيد بالمسلم الورع ويمثله البيجيدي، ويذُمّ المسلم "المبتعد" عن الله وتمثله شرائح الشعب الأخرى. أليس في هذا نصب واحتيال على الدين وتسوّل شيطاني لأصوات جديدة قد لا تأتي.هي عملية فيها من السلوك الرخيص ما يكرس الخداع والتضليل والكذب على الدين.