بعد مرور بضعة أسابيع فقط من صدور الحكم المثير للجدل في قضية طفلة تيفلت سناء، تحدثت فاجعة أخرى حديثة في بني ملال مع ثلاث قاصرات من جديد. أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية في محكمة الاستئناف ببني ملال حكمًا بإدانة متهم ارتكب جرائم جنسية ضد ثلاثة قاصرات، ولكنها فاجأت الجميع بعقوبة الحبس لمدة سنتين مع تعليق التنفيذ وعلّلت المحكمة هذا الحكم الجائر في حق الفتيات والشعب المغربي قاطبة، بارتكاب هتك العرض بدون استخدام عنف مما تسبب في تمزيق غشاء البكارة وأيضا تنازل العائلة. في هذا الحكم يظهر جليا أن عقلية بعض القضاة لا تزال تعيش في العصر الحجري. إستعمال قرينة الرضائية في التعامل مع قضايا الإعتداء الجنسي و اغتصاب الأطفال، حتى لو كان لا يزال قانونيا وطنيا، فهو خرق سافر لكل المواثيق والأعراف الدولية وخصوصا معاهدة حقوق الطفل 1989 التي صادق عليها المغرب. هو أيضا إستفزاز لمشاعر المواطنين المغاربة الذين طالبو بأقصى العقوبة على مغتصبي سناء قبل المدعي العام. يحدث هذا التلاعب بعد فترة قصيرة من قضية الطفلة سناء، الطفلة الفقيرة بنت تيفلت التي تكالب عليها أولاد الدوار و إغتصاب طفولتها و حملوها عبئ الأمومة و هي قاصر. بعد النطق بالحكم الإبتدائي إنتفض الشعب المغربي بشكل قاطع على الحكم الابتدائي وطالب بمنع أي تساهل في تعامل القضاء مع حقوق الأطفال القاصرين ورفض استخدام المبررات اللاأخلاقية في التعامل مع قضايا القاصرين كقرينة الرضائية. ويحدث أيضا بعد أيام فقط من توجيهات جلالة الملك في خطاب العرش للتعامل بجدية مع كل القضايا "والجدية يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات: الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن". هذه الأحكام القضائية المخجلة تؤثر سلبًا على التركيبة السوسيولوجية الجماعية وتؤرق المواطن وتعيد له آلام انعدام العدالة في النظام الجنائي المغربي الحالي الذي يحتاج إلى إصلاحات وتحسينات وفقًا لمطالب الشعب. و هي تؤثر سلبا على مكانة البلد أمام المجتمع الدولي و تلطخ الصورة الإيجابية التي يشتغل عليها جلالة الملك من خلال الدبلوماسية الحكيمة و الرشيدة. و لدرئ هذه الكوارث القانونية يجب إلغاء الفصل 484 الذي يقوم بتضمين قرينة الرضائية، تشديد العقوبات على الفاعلين حتى لو تنازل الأهل(الحق العام)، منع السلطة التقديرية للقضاء في كل ما يتعلق بالأطفال(يشمل هذا زواج القاصرات) و إخراج قانون جنائي جديد بوسائل حديثة تحقق العدالة الإجتماعية و تنصف الضعيف و تحمي الأطفال من تغول البالغين سواء كانو الجناة أو كانو القضاة. غير هذا، فالمجتمع المغربي ضمنيا، كله مشارك في هذه الجرائم.