بعد أن قضى محمد زيان وطره من الموكلات، انتقل هذه المرة ليفتي في موضوع تقني وشائك، يتمثل في كيفية تدبير أزمة ندرة المياه، وتداعيات الجفاف، وتقنيات تحلية مياه البحر! ولأن محمد زيان يظن واهما بأن الإفتاء والاجتهاد في أمور السياسة لا يتطلبان سوى "حلان الفم"، فقد أرخى العنان لفوهة وجهه وشرع يقيم، بجهل مفرط، السياسات العمومية في مجال تدبير أزمة الجفاف العالمية. هذا طبعا إن كان هو كاتب هذه الترهات، لأنها المرة الأولى التي ينبري فيها شخص مسجون، ومعزول عن العالم إلا من زيارات عائلية، ليتحدث بشكل يومي في قضايا السياسة والمجتمع. ولأن محمد زيان يعتقد بأن كل شيء يصلح لتخراج العينين وحلان الفم، فقد ادعى بشكل أرعن "بأنه لا يمكن البََتة تحلية المياه المالحة لارتفاع نسبة تركيز الملح"، مدعيا حسب ما نسبته له جريدته الإلكترونية "بأن تحلية مياه البحر مجرد خرايف حجا ترددها الحكومة، إذ أن هذه المياه غير صالحة للاستعمال اليومي من شرب وزراعة وما شابه ذلك". والمثير أنه في الوقت الذي ينسب فيه لمحمد زيان "هذه الخرافات"، البريء منها جحا، نجد أن معظم مياه الشرب في الإمارات، أي ما يمثل حوالي 42% من إجمالي احتياجاتها المائية، يأتي من خلال 70 محطة رئيسة لتحلية مياه البحر التي تمثل حوالي 14% من إجمالي إنتاج المياه المحلاة في العالم. وفي الوقت الذي ينكر فيه محمد زيان إمكانية تحلية مياه البحر، ويعتبرها خرايف جحا، نجد أن دول مجلس التعاون الخليجي تحتل الصدارة على مستوى العالم في مجال تحلية المياه، بقدرة تحلية تناهز نسبة 81 في المئة، وأن المملكة العربية السعودية لوحدها هي المسؤولة عن حوالي خُمس الإنتاج العالمي وتقود العالم في حجم المياه المحلاة التي تنتجها والتي تشكل 50 في المئة من استهلاكها من المياه. فهل سبق لمحمد زيان أن سمع بهذه المؤشرات العالمية؟ أم أنه يتكلم لمجرد الكلام، تزجية للوقت ونكاية في قضبان السجن التي يعايشها شاردا وحيدا بسبب ما ارتكبته أياديه وما اقترفته نزواته. ولأن الجهل لا يظلم صاحبه، فقد شبه محمد زيان محاولات الدولة ربط حوض سبو بمجرى وادي أبي رقراق بكونها عملية إسكاب لقنينة ماء في إناء كبير! واعتبرها غير مجدية، والحال أن نهر سبو هو "الإناء الكبير" ووادي أبي رقراق هو "القنينة الصغيرة"، وليس العكس كما ادعى محمد زيان. لكن ربما لا شيء يستعصي على "خرافات محمد زيان، فكما استطاع التغرير بالموكلات في سن الثمانين، واستولى على أموال الدعم الانتخابي بالملايين، فهو قادر كذلك على السفسطة في مياه البحر والوديان والخلجان، وحتى في المياه الآسنة في المجاري والبركات الضحلة.