يقدم المعطي منجب نفسه للمواقع الإخبارية القطرية والفرنسية بأنه الخيار الثوري البديل، القادر على إيجاد التوليفة المناسبة لتوحيد اليسار المتطرف، ممثلا في النهج الديموقراطي وامتداده العضوي داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفلول الإسلام السياسي الراديكالي الذي يتجسم في جماعة العدل والإحسان. ويتوهم المعطي منجب كذلك بأنه هو الوحيد القادر على إنجاح ما يسميه "الإصلاح الثوري المعارض"، والذي اعتبره في تدوينة سابقة بأنه المدخل الأساسي "لتخويل الشعب صلاحية تنظيم نفسه بنفسه دون تدخل من النظام ". كما يعتقد المعطي منجب أيضا بأنه الوحيد الذي بمقدوره تعويض سائر أطياف المعارضة السياسية والأحزاب والتمثيليات السياسية القائمة، من خلال مبادرة شمولية تتولى تجميع شتات الفايسبوكيين والثوار الافتراضيين في بنية هجينة قادرة على خلخلة أركان النظام السياسي القائم. والمثير في هذا الصدد، هو أن المعطي منجب ضاعف في المدة الأخيرة من "خرجاته الثورية وتدويناته التي يمكن اعتبارها بمثابة بيانات تأسيسية تنذر بالتصدع الاجتماعي والسياسي"، معتقدا بأنه قادر على استغلال غضب الناس من غلاء الأسعار وازدياد تكلفة المعيشة، وتحويلهما إلى شرارة نارية وجذوة ملتهبة لإطلاق ثورته المنشودة، وإرساء نسقه السياسي المزعوم. فمن يطالع خرجات المعطي منجب المتواترة في الآونة الأخيرة، يدرك، بما لا يدع مجالا للشك، بأننا أصبحنا أمام رجل محبط ويائس يبحث عن شرارة الثورة انطلاق من إسفلت الشوارع ورصيف الطرقات! والدليل على هذا الطرح، هو أن المعطي منجب اعترف صراحة في حوار صحافي بأنه يبحث عن "تحالف ميداني لقلب ميزان القوى". وهذا الاعتراف الصريح والصارخ، يؤكد بأن المعطي منجب يرفض رفضا باتا العمل السياسي من داخل ميكانيزماته الكلاسيكية وآلياته الدستورية المعتادة، وفق المبادئ والضوابط التي تشتغل بها مختلف الأحزاب والنقابات وفعاليات المجتمع المدني. كما يوضح هذا الإقرار كذلك بأننا أمام "مناضل هلامي وافتراضي" يصعب عليه استمالة الناخبين عبر آليات الاقتراع الديموقراطي، لذلك فهو يعول على "ولائم الرفيسة التي كان ينظمها بمدينة ابن سليمان لجمع شتات الثوار الخارجين من رحم الفايسبوك ودفعهم دفعا إلى الشوارع للاحتجاج". ولحشد حوارييه وإذكاء وقود ثورته، يزعم المعطي منجب بأن المغرب يعيش فراغا سياسيا في أعلى هرم الحكم، وأن البوليس السياسي هو الذي يتولى توجيه دفة الحكم بالتناوب مع القصر! قبل أن يبشر الأتباع من الرفاق والإخوان بأن الحل الوحيد هو " توحيد المعارضة، ليست الحزبية طبعا وإنما الشارعية (أي القادمة من الشارع) لفرض دستور جديد". والمعطي منجب، في هذه المزاعم الوهمية، يتماهى حد التطابق مع هرطقات سابقة للسجين محمد زيان، والذي كثيرا ما كان يردد ادعاءات من قبيل "من يحكم المغرب؟ والبوليس السياسي وغيرها من الاستيهامات غير المنطقية! وهذا التطابق يدعونا للتساؤل حول من هو مبتدع هذه الأفيشات السياسية الوهمية؟ فإذا كان محمد زيان هو صاحبها الأصلي، فإن ذلك يوجه تهمة البلاجيا والتقليد الأعمى للمعطي منجب؟ أما إذا كان هذا الأخير هو من ابتدعها، فإنه سيكون هو المسؤول عن التغرير بمحمد زيان وهو في خريف عمره. وبصرف النظر عن مخططات المعطي منجب للإصلاح الثوري بالمغرب، دعونا أولا نجادله في مشروعه السياسي الذي يقول أنه مبتغاه هو مواجهة البوليس السياسي! فإذا سلمنا جدلا أن المغرب يحكمه البوليس، كما يدعي المعطي منجب، فلماذا نجد أن تقارير الهيئات الدستورية المكلفة بالوساطة والتخليق تصنف المفتشية العامة للأمن، وهي شرطة الشرطة، ضمن مؤسسات الرقابة الثلاثة الأكثر تفاعلا وتجاوبا مع توصيات الهيئات الدستورية؟ وإذا كان البوليس السياسي هو الذي يحكم كما يدعي المعطي منجب كاذبا، فلماذا نجد أن مؤسسة الشرطة هي الأكثر خضوعا للمراقبة، ولتعدد مستويات الرقابة، إذ هناك الرقابة القضائية، ورقابة المفتشية العامة، ورقابة الرؤساء الإداريين، وأخيرا المراقبة المواطنة من خلال انفتاح وتواصل المرفق العام الشرطي باستمرار مع الرأي العام الوطني؟ وإذا كان هناك بوليس سياسي كما يزعم المعطي منجب، فليقدم لنا نشاطا سياسيا واحدا منسوبا لنساء ورجال الشرطة! ويبرهن لنا كذلك كيف تمارس الشرطة اللعبة السياسة! الجواب بالنفي طبعا! لأن البوليس السياسي غير موجود في الواقع، وإنما هو أضغاث أحلام راودت المعطي منجب ومحمد زيان حتى صارا يتوهمان بأنها الحقيقة.