دحض عصام لحسيني، وهو طالب جامعي في شعبة القانون العام ومحسوب على الفصيل الطلابي لجماعة العدل والإحسان، كل المزاعم والادعاءات والمزايدات الزائفة التي نشرها المعطي منجب بشأن الحالة الصحية للطالب المذكور، والتي كتب عنها تدوينة ماكرة وخادعة جاء فيها "رأيت الآن تقرير المختبر العمومي عن الحالة الصحية للطالب العدلوي عصام..شيء فظيع..حالته خطيرة". ففي الوقت الذي كان فيه المعطي منجب، ومعه حسن بناجح، يتحدثان عن الطالب عصام لحسيني وكأنه "شبه ميت" في غيبوبة سريرية يرزح تحت التنفس الاصطناعي في قسم العناية المركزة! كان الطالب نفسه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق بمدينة زايو، ويدلي بالتصريحات الصحفية لموقع "أنباء الريف"، بل ويحدد بدقة ظروف وملابسات الحادث الذي قال عنه بصراحة بأنه "اعتداء طلابي"، مفندا مزاعم وافتراءات المعطي منجب الذي ادعى فيها أنه "اعتداء مخزني"! الضحية.. يفند ادعاءات المعطي منجب لم يخطر ببال المعطي منجب أن تفنيد وتكذيب مزاعمه بشأن الاعتداء الطلابي على عصام لحسيني ستحملها النيران الصديقة وليس البلاغات الرسمية التي تنشرها المؤسسات والهيئات الحكومية. فقد نشر موقع "أنباء الريف" حوارا مصورا مع الطالب الضحية، مدته خمس دقائق و47 ثانية، استعرض فيه تاريخ ومكان الاعتداء عليه، وظروف وملابسات هذا الاعتداء، مشيرا بأصابع الاتهام لطلبة من الفصيل القاعدي. أكثر من ذلك، أسدل الطالب الضحية وصف "الاعتداء الطلابي" على واقعة العنف والسحل التي قال أنه تعرض لها داخل الجامعة من طرف عدة طلبة، منهم من يعرفه بالاسم ومنهم من يعرفهم فقط بحكم المخالطة والانتماء الطلابي، وأهاب الطالب المذكور في حواره الصحفي بمن سماهم " العدالة والقانون" بأن " يأخذوا له حقه" من خلال فتح بحث قضائي لتحديد المسؤوليات القانونية في حق المعتدين وترتيب الجزاءات اللازمة بشأنهم. وهذه التصريحات المسجلة بالصوت والصورة، كانت كافية لوحدها للرد على افتراءات المعطي منجب الذي حاول بشكل موغل في الشعبوية تبرئة "الفصيل القاعدي" بدعوى أنه "لا يمكن أن يكون يساريا من يستعمل العنف في حق أبناء الشعب ولو اختلفت الرؤى"، فالضحية نفسه يوجه سبابة الاتهام لطلبة يعرفهم بالإسم والأوصاف، بيد أن المعطي منجب يزايد عليه، ويزايد من خلاله، على مؤسسات الدولة في تجسيد واقعي للمثل الشعبي القائل "موالين الميت صبروا والعزاية كفروا". ولم يثبت طيلة التصريحات التي أدلى بها الطالب عصام لحسيني أن أقحم "المخزن" في واقعة تعنيفه والاعتداء عليه، لكن المعطي منجب وحده من فعل ذلك افتراءا وكذبا ومزايدة، كما أن الطالب المذكور تحدث عن الاعتداء بلغة طلابية عندما قال أنه "تعنيف طلابي جاء في سياق (محاكمة) وفق مرتكزات الفكر القاعدي"، منزها "أخلاق الطلبة عن نزوعات العنف"! لكن في المقابل، نجد المعطي منجب تناول هذا الاعتداء بلغة "سياسوية" مقيتة وغارقة في استهداف مؤسسات الدولة وكأنه "نسخة راهنية من الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان يقيم الحد بالشبهات". لغة منجب .. اتهامية وليست حقوقية مؤسف جدا أن يقدم المعطي منجب نفسه "ناشطا حقوقيا"، وهو لا يتملك ولو النزر القليل من فلسفة القانون وروح شرائع حقوق الإنسان،فالمعطي منجب لا يخجل وهو يصف المشتبه بهم في الاعتداء على الطالب عصام لحسيني ب "المجرمين"، جاهلا بأن كلامه هذا يتنافى مع أهم مرتكزات المنظومة الجنائية وهو مبدأ "افتراض ويقينية البراءة" (المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية والفصل 119 من الدستور)، بل إن هذا الوصف يجعل المعطي منجب يستبق كل مجريات البحث والتحقيق والمحاكمة ويمعن في وصم المشتبه فيهم قبل العدالة! فهل من يفترض الإدانة في الأشخاص قبل حكم القضاء يصلح لأن يكون ناشطا حقوقيا؟ والمفارقة الغريبة أن بلاغات الشرطة لم نجدها يوما تتحدث عن "الجناة" ولا "المجرمين"، وتتفادى الجزم بثبوت الأفعال الإجرامية ونسبتها لشخص معين رغم وجود أدلة علمية قاطعة أحيانًا، لذلك نجد هذه البلاغات تتحدث دائما عن "المشتبه فيهم" و"المتورطين المحتملين"، بينما لا يرعويالمعطي منجب عندما يصف الطلبة المشتبه بهم في قضية عصام لحسيني ب "المجرمين"، ضاربا عرض الحائط مبادئ القانون وبديهيات حقوق الإنسان. واللغة التي استعملها المعطي منجب في تدوينته هي لغة اتهامية وتنهل أساسا من "المدرسة التفتيشية"، كما أنها تخلو من كل نبرة حقوقية،فالمؤرخ والناشط الحقوقي، كما يصفه محيطه، لم يطالب ب "محاكمة عادلة للطلبة المشتبه في تورطهم في الاعتداء على طالب العدل والإحسان"، كما أنه لم يطالب بضرورة تمتيعهم بالضمانات الحقوقية المقررة قانونا بما فيها المتابعة في حالة سراح، كما كان يطالب بذلك في قضية سليمان الريسونيوتوفيق بوعشرين في قضايا الجنس العنيف. والمثير حقا أن المعطي منجب طالب بضرورة "اعتقال" من وصفهم ب "المجرمين"! والحال أن الحقوقي الحقيقي لا يجنح منذ البداية للاعتقال والسجن، وإنما يراهن دائما على البحث في حالة سراح إلى أن يصدر القضاء حكما يحوز حجية وقوة الشيء المقضي به، والمعطي منجب بهذه المطالب "الزجرية" إنما يناقض مرتكزات القانون التي تقول "تبرئة مائة متهم خير من إدانة بريء واحد"، كما يخالف قول الرسول الكريم " لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة". النيابة العامة..تدخل على الخط في تطورات قضية الطالب عصام لحسيني المحسوب على جماعة العدل والإحسان، أكد مصدر قضائي بأن النيابة العامة بالناظور توصلت زوال الجمعة المنصرم بشكاية من الضحية، وأصدرت بشأنها تعليمات كتابية فورية إلى المركز القضائي للدرك الملكي المختص ترابيا، ولكن لماذا الدرك الملكي وليس الشرطة القضائية التابعة للأمن الوطني؟ يرد المصدر القضائي بأن الكلية المتعددة الاختصاصات التي شكلت مسرحا لهذا الاعتداء توجد في منطقة سلوان التي تتبع لنفوذ الدرك الملكي، وهي التي ينعقد لها الاختصاص الترابي. وأضاف المصدر ذاته بأن هذه الشكاية التي أودعت لدى النيابة العامة تضمنت معطيات حول "اعتداء طلابي وقع داخل حرم الجامعة"، داحضا بدوره، وبشكل غير مباشر، جميع الادعاءات والمزاعم التي نشرها المعطي منجب في تدوينته والتي تحدث فيها عن "شبهة التورط الخفي لعناصر مخزنية". وفي سياق متصل، أكد مصدر قريب من التحقيق بأن عمليات التشخيص الأولي حددت قائمة بعدة طلبة يشتبه في تورطهم في ارتكاب هذا الاعتداء الجسدي داخل الحرم الجامعي، مضيفا بأن الأبحاث والتحريات لا زالت في بدايتها، وسيتم إطلاع النيابة العامة على جميع تطورات البحث. وحول أسباب هذا الاعتداء، يؤكد المصدر ذاته بأنها مرتبطة أساسا ب "تدوينات نشرها الضحية اعتبرها المشتبه فيهم تمس بفصيلهم الطلابي"، مفسرا دوافع ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية" بأن الفصيل القاعدي لم يتقبل تدوينات الضحية، لأنه اعتبرها تشكل بذرة نواة أولية لتشكل فصيل العدل والإحسان في جامعة لم يكن له فيها موطئ قدم"، مشددا في نفس السياق على أن منطلقات هذا الاعتداء وخلفياته مرتبطة بشكل مباشر بالنشاط الطلابي وبالتدوين الافتراضي على وسائط الاتصال. المعطي منجب .. ورهانات الجبهة الاجتماعية من يتمعن في تدوينة المعطي منجب أعلاه يدرك جيدا بأنه تعاطى مع قضية الطالب عصام لحسيني على أنها مجرد "مطية" لتمرير رسائل بأبعاد وخلفيات سياسية، كما أن إقحامه لقضية سليمان الريسوني في صلب هذه التدوينة كان أشبه بإدراج "ثمرة في شريط تين مجفف (الشريحة)". وهنا لا بد من التصويب لئلا لا نقع في فخ التطبيع مع أراجيف المعطي منجب، فضحية سليمان الريسوني لم يستعمل حسابا مستعارا ولا مزيفا في الفايسبوك كما ادعى ذلك هذا "المؤرخ التاريخي"، ومن يقول ذلك إما أنه جاهل بأدوات الشبكات التواصلية أو أنه مناور فهلوي يحاول تغليط الرأي العام. فالشاب آدم استعمل حسابه الشخصي الذي يحمل بياناته وهويته المختارة وليس المزورة كما كتب المعطي منجب، وللضحية آدم أيتاشرع مائة سبب لانتقاء هوية مختارة للتخاطب في مواقع التواصل الاجتماعي، وليس هذا هو الوقت ولا المجال لسرد هذه الأسباب المرتبطة باختياراته المثلية. وفي سياق متصل، فإذا أدركنا جيدا بأن المعطي منجب إنما استعمل كل من الطالب عصام، والضحية آدم، وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين وعمر الراضي فقط لتأثيث تدوينته الفايسبوكية لمهاجمة من قال أنها "عناصر مخزنية"، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا: ما هو السبب الحقيقي الذي دفع المعطي منجب للخروج هذه الخرجة النشاز في هذا السياق الزمني بالذات؟ كثيرون يجهلون بأن المعطي منجب يقدم نفسه في صالونات الرباط وابن سليمان بأنه هو الوحيد الذي استطاع تذليل التنافر بين الاسلاميين واليساريين! وأنه الوحيد الذي تمكن من خلق مؤشرات تقارب بين الإسلام السياسي واليسار الجذري، لذلك تجده يسافر مع قوافل العدل والإحسان لحلحلة أختام البيوت المشمعة بالمنطقة الشرقية، وفي نفس الوقت يدافع عن فؤاد عبد المومني ونشطاء النهج الديموقراطي وغيرهم. ولعل العديد يجهل أيضا بأن المعطي منجب يراهن على ما يسمى ب "الجبهة الاجتماعية" لإعادة إحياء الحلقة الثانية من مسلسل عشرين فبراير، بهدف خلق أنماط جديدة من التوترات الاجتماعية وحركات التدافع الجماهيري نحو الشوارع العامة! وهذا الرهان يقتضي مبدئيا توحيد الصفوف ما بين أتباع العدل والإحسان والنهج الديموقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الشارع العام. ومن هذا المنظور، يمكننا فهم دوافع وخلفيات نشر المعطي منجب لتدوينته المفعمة ب "التخرص والتدجين والمداهنة"، فهو يحاول جاهدا نزع فتيل التوتر بين الفصيل الطلابي القاعدي ونظيره العدلاوي لئلا يؤدي هذا الاحتقان الجامعي إلى بلقنة وتشرذم الجبهة الاجتماعية، التي تضم كل هذه الفصائل مجتمعة في الشارع العام. ولعل هذا ما دفعه إلى تبرئة الطلبة القاعديين واتهام "العناصر المخزنية"، رغم أن الضحية نفسه وجه أصابع الاتهام لغرمائه الطلبة القاعديين. فالمعطي منجب يعي جيدا بأن سبب أفول دينامية حركة 20 فبراير كان هو الخلاف الإيديولوجي بين اليسار الجذري والعدل والإحسان. كما يدرك المعطي منجب كذلك بأن الخلاف الطلابي بين القاعديين والعدلاويين هو أكبر تحدي يواجه الجبهة الاجتماعية، فلا يعقل أن يتطاحن الطلبة من كلا الفصيلين في الحرم الجامعي ويتوافقوا في مسيرات الشارع العام. لذلك، سارع المعطي منجب لنشر تدوينته الأخيرة لرأب الصدع بين الأطراف المتناحرة عبر اختلاق عدو مشترك ممثلا في " العناصر المخزنية" . لكن لماذا خرج المعطي منجب بهذه الطريقة "النزقة" وفي هذا التوقيت بالذات؟ من يتابع برنامج "الجبهة الاجتماعية" سوف يعلم بأنها دعت لتنظيم مسيرات احتجاجية اليوم الأحد في عدة مدن مغربية، وهي المسيرات التي صدرت بشأنها قرارات المنع لشبهة إخلالها بالأمن العمومي. فالمعطي منجب يحاول جاهدا "تأليف قلوب العدل والإحسان والنهج الديموقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان" بغرض إعطاء زخم جماهيري لهذه المسيرات غير المرخصة! وقد بدا هذا الموضوع واضحا في تدوينته الأخيرة عندما كتب بأن "الخط الأحمر السياسي الذي يعتبره المخزن الأخطر هو وحدة الشارع بيسارييه وإسلامييه"، فالمعطي منجب لا يراهن فقط على الشارع وإنما يهدد الدولة به! وهو في هذا الرهان يعلم جيدا بأن التهديد بالشارع يقتضي أولا رص وتوحيد الصفوف وتفادي مطبات المضمار بين طلبة العدل والإحسان والفصيل الطلابي القاعدي. وفي المحصلة، يظهر جليا بأن المعطي منجب لم يكن ينافح من أجل قضية الطالب العدلاوي عصام لحسيني، ولم يكن يناضل من أجل سيادة القانون والإفلات من العقاب، وإنما كان ينهض بدور " اللحام أو السودور" الذي يضمد الشرخ العميق الحاصل بين الطلبة القاعديين ونظرائهم في العدل والإحسان، لذلك، تجده أول من تلقف واستحسن بلاغ شبيبة النهج الديموقراطي التي قال عنها "برافو عايقين وفايقين"، ولسان حاله يقصد "يجب تفويت الفرصة على المخزن"، لأن المعطي منجب يرى في "الوقيعة الطلابية" أكبر تهديد للجبهة الاجتماعية التي تتطلع للاستيلاء على الشارع العام، عبر رفع مطالب اجتماعية تضمر غايات وأهداف سياسية مسرفة في الردكلة والتطرف.